المهاجرون.. بيادق مساومة بين الجمهوريين والديمقراطيين
ترجمة: هناء شروف
تبنّت الإدارة الأمريكية الأخيرة سياسة “الفصل الأسري” للمهاجرين غير الشرعيين والتي أدّت إلى فصل أعداد كبيرة من الأطفال عن والديهم. نتيجة لذلك لا يزال العديد من الأطفال يبحثون عن والديهم اليوم. ووفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الولايات المتحدة تمّ تسجيل 557 حالة وفاة لمهاجرين على الحدود الجنوبية في العام 2021. وكان هذا الرقم أكثر من ضعف ما كان عليه في العام السابق والأعلى منذ تسجيل الإحصائيات ذات الصلة في عام 1998.
كانت انتهاكات حقوق الإنسان للأطفال المهاجرين غير الشرعيين من قبل إدارات إنفاذ القانون الأمريكية أكثر إثارة للدهشة. وعلى الرغم من الضغط العلني على حكومة الولايات المتحدة لوضع حدّ لهذه السياسة، إلا أن الولايات المتحدة لم تغيّر معاملتها للأطفال المهاجرين غير الشرعيين.
تشير الإحصاءات إلى أنه من بين 266 ألف طفل مهاجر تحتجزهم الولايات المتحدة، تمّ احتجاز 25 ألف طفل لأكثر من 100 يوم، حيث تعمل مراكز الاحتجاز ذات الصلة في ظل إدارة فوضوية مع الانتهاكات المتكررة والعمل الجبري وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان.
إن قضية المهاجرين غير الشرعيين التي تواجهها الولايات المتحدة هي إلى حدّ كبير نتيجة لممارسات الهيمنة طويلة الأمد في البلاد، وتحديداً منذ اعتماد مبدأ “مونرو” الذي بموجبه تدخلت الولايات المتحدة عسكريا لأكثر من 30 مرة في بلدان أمريكا اللاتينية، ما وضع هذه الدول في حالة من الاضطراب والفقر المستمرين.
وقالت صحيفة “ليبراسيون” الأمريكية: “إن العديد من المهاجرين الذين يصلون إلى الحدود الأمريكية هم ضحايا مزدوجون للسياسة الأمريكية. لقد فروا من العنف والانقلابات التي دعمتها الولايات المتحدة، لكن عندما وصلوا إلى الولايات المتحدة تعرضوا لاعتقالات عنيفة وسجن واعتداء جنسي”.
ما قالته الصحيفة يكشف بعمق المسؤولية التاريخية والواقعية التي يتعيّن على الولايات المتحدة تحملها فيما يتعلق بقضية المهاجرين، لكن ترفض الدولة معالجة المشكلة من المصدر والوفاء بوعدها بدعم تنمية دول المنطقة لحل مشكلة المهاجرين، وعلى العكس من ذلك فهي تطالب دول أمريكا اللاتينية بتحمل المسؤولية.
إن تسييس حكومة الولايات المتحدة لسياسة الهجرة هو أيضاً أحد الأسباب الرئيسية لأزمة المهاجرين، ولإرضاء الناخبين تبنّت الإدارة الأمريكية الأخيرة سياسة الهجرة القاسية، وبنت جدراناً على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. أما الإدارة الحالية فقد وعدت أكثر من مرة بتطبيق سياسة مهاجرة منظمة وإنسانية، لكنها حنثت بوعدها بإنهاء أوامر الإبعاد بعد 8 أشهر فقط من وصولها إلى السلطة.
بالنظر إلى الانتخابات النصفية المقبلة في الولايات المتحدة، ستصبح قضية المهاجرين مرة أخرى ورقة مساومة للجمهوريين والديمقراطيين. وقد أشارت مجلة “السياسة الأمريكية” إلى أن قضية المهاجرين هي مجرد أداة سياسية للسياسيين الأمريكيين. إن الجمهوريين والديمقراطيين الذين يضعون مصالحهم السياسية فوق الإنسانية قد جعلوا المهاجرين بيادق على رقعة الشطرنج السياسية الخاصة بهم.