الإصلاحات المزعومة لا تلغي عقوبات اليافعين
ترجمة: سمر سامي السمارة
في أعقاب التقارير التي تفيد بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يزور السعودية خلال رحلته إلى الشرق الأوسط، سلّطت منظمة “ريبريف” الحقوقية مؤخراً، الضوء على النداءات العالمية للإفراج عن عبد الله الحويطي، الشاب الذي حُكم عليه بالإعدام للمرة الثانية بعد إدانته بجريمة يُقال إنه ارتكبها عندما كان طفلاً.
وفي بيان لها، أشارت المنظمة إلى أن خبراء من الأمم المتحدة حثّوا السلطات السعودية على إلغاء الحكم الصادر بحقه، لأنه لم يُحاكم محاكمة عادلة، بل تعرّض للتعذيب ليدلي باعترافات كاذبة عندما كان في الرابعة عشرة من عمره!.
وقالت جييد بسيوني، التي تترأس فريق “ريبريف” المعنيّ بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “منذ اللحظة التي داهمت فيها الشرطة منزل عائلة الحويطي، واحتجزت عبد الله البالغ من العمر 14 عاماً، كان نظام العدالة السعودي في حالة سبات، ويعاقبه على جريمة لا يمكن أن يرتكبها”. مضيفة: “كان كل أعضاء المحكمة يعرفون صغر سنه، وسمعت كل المحكمة أن لديه عذراً، ورغم الإبلاغ أنه تعرّض للتعذيب، لكنهم أرسلوه إلى عنبر الإعدام واحتجزوه في زنزانة، بينما كان يُفترض به أن يلعب كرة القدم مع أصدقائه”.
وتابعت بسيوني: “من المؤكد أن عبد الله لن يستعيد سنوات المراهقة، ولكن الأوان لم يفت بعد لتقرّر المحاكم السعودية القيام بالتصرف الصائب، خاصةً وأن العالم يراقب”.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أوضحت العام الماضي أنه في حين أعلنت السلطات السعودية إنهاء عقوبة الإعدام للأطفال فيما يخصّ جرائم معينة في 2018 واعتبارها سارية بأثر رجعي على القضايا السابقة في 2020، تظلّ عقوبة الإعدام عقوبة محتملة لجرائم من النوع الذي أُتهم عبدالله الحويطي بارتكابها، حيث تمّت إدانته بإطلاق النار على الشرطة أثناء عملية سطو على محل مجوهرات.
وبدوره أكد مايكل بَيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”: “إن الملاحقة القضائية للحويطي انتهكت تقريباً كل ضمانات المحاكمة العادلة المعترف بها دولياً، ومع ذلك لا تزال المحكمة السعودية تحكم عليه بالإعدام عن جريمة يُزعم أنه ارتكبها عندما كان في الرابعة عشرة من عمره”. مضيفاً: “في الحكم على طفل بالموت مع تجاهل مزاعم التعذيب، سخرت المحكمة السعودية من الإصلاحات المزعومة في البلاد”.
وبالإشارة إلى دفع الحويطي بالبراءة من التهمة الموجّهة إليه، ورسالته المكتوبة في 22 كانون الثاني 2019، أوضحت “هيومن رايتس ووتش”: “قال الحويطي للمحكمة، في رسالتة المكتوبة، إن المحققين عرضّوه للتعذيب والمعاملة السيئة لإجباره على الاعتراف. مضيفاً “أنهم كانوا يجبرونه في كل مرة على الوقوف لساعات ويصفعونه على وجهه، ويقومون بجلده بالأسلاك الكهربائية على باطن قدميه وأجزاء مختلفة من جسده حتى يفقد وعيه”.
في النهاية، وقّع الحويطي على الاعتراف الذي أُعدّ له، وبعد ذلك نقلته السلطات إلى دار الملاحظة الاجتماعية في تبوك، حيث قال لمحقق آخر هناك إنه تمّ انتزاع اعترافه بالقوة، مضيفاً أنه تمّ نقله بعد ذلك إلى زنزانة سجن، حيث وصل محققو التحقيقات الجنائية من تبوك بعد منتصف الليل، وعصبوا عينيه، وأعادوه إلى إدارة التحقيقات الجنائية ليتمّ تعذيبه بطرق لا يمكن تخيلها، بحسب قوله.
في شهر آذار الماضي، قام خبراء الأمم المتحدة، وهم نيلز ميلزر، المقرّر الأممي المعنيّ بمكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وميريام إسترادا كاستيلو، نائب رئيس الفريق العامل المعنيّ بالاحتجاز التعسفي، وموريس تيدبال بينز، المقرّر الخاص المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، بإرسال رسالتهم إلى السلطات السعودية.
بعد إجمال الادّعاءات المتعلقة بمعاملة الحويطي منذ اعتقاله في عام 2017، جاء في رسالة الخبراء أنه “بينما لا نرغب في الحكم مسبقاً على دقة المعلومات الواردة، نشعر بقلق بالغ إزاء استمرار فرض وتنفيذ عقوبة الإعدام ضد الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 18 سنة، وقت ارتكاب الجريمة، والتي ترقى إلى انتهاك خطير للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وفضلاً عن تذكير المملكة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، تطالب الرسالة السلطات بإلغاء عقوبة الإعدام المفروضة على الحويطي، بالإضافة إلى إجراء تحقيق فوري وشامل في مزاعم التعذيب، وضمان إعادة محاكمته بما يتفق مع القواعد والمعايير الدولية. ودعت الرسالة السلطات السعودية إلى اتخاذ الإجراءات التشريعية اللازمة دون إبطاء لإلغاء فرض عقوبة إعدام الأطفال عن جميع الجرائم، والنظر في فرض وقف رسميّ لجميع عمليات الإعدام كخطوة أولى نحو تحقيق إلغاء كامل لعقوبة الإعدام في البلاد.