كهرباء بالواسطة؟!
بشير فرزان
لم تدم فرحة أهالي أشرفية صحنايا بالتيار الكهربائي يوم أمس أكثر من ثلاث ساعات متواصلة، لتعود بعدها الأحوال إلى سابق عهدها.. “فترة تقنين طويلة”!! خاصة مع انتهاء زيارة وزير التربية ومحافظ ريف دمشق التي كانت سبباً لبقاء التغذية الكهربائية. وطبعاً ما حدث ليس فريداً، بل هو حال كلّ الجولات التي يقوم بها السادة المسؤولون، حيث يرسم واقع مغاير للحقيقة أمام الكاميرات التلفزيونية التي ترصد نجاح الجولة والابتسامات والخطابات الافتراضية!.
ولا شكّ أن هذه الزيارة أيقظت الذاكرة، وأحيت الكثير من المشاهد الواقعية، ففي الوقت الذي حاول فيه محافظ ريف دمشق توضيح واقع المحافظة الصعب في بعض القطاعات الخدمية، من كهرباء ومياه وتموين ومحروقات وزراعة، نجد البعض الآخر من المسؤولين، سواء في المحافظة أو على مستويات أعلى، يقوم بتضليل الحقائق وتخريب الثقة والمصداقية بين المؤسّسات العاملة على مستوى المحافظة مع المواطن. فعلى سبيل المثال هناك حالة تستدعي المعالجة في أشرفية صحنايا، حيث يتمتّع أهالي الحي الشمالي (القرية الصغيرة وعلى امتداد الشارع العام) بالكهرباء لأكثر من ثلاث ساعات في الفترة الواحدة، خلافاً للتقنين الساري على جميع مناطق الريف (5 قطع – ساعة وصل)، حيث تتوجّه أصابع الاتهام في هذه الرفاهية المشبوهة إلى سكن “أحدهم” في هذه المنطقة، وبعض موظفي محافظة ريف دمشق وبعض قيادات المؤسّسة الحزبية الذين تناسوا أنهم يمثلون صوت الناس، وعلى كاهلهم تقع مسؤولية تطبيق العدالة والمساواة التي ضمنها الدستور للجميع.
ولا بدّ هنا من التذكير بأن الخطوة الأهم على طريق بناء تواصل فاعل مع المواطن هي الشفافية التي تغرق في قاع عشرات التساؤلات عن حق هؤلاء في اقتناص ساعات كهرباء إضافية دون وجه حق، وإلقاء التهمة على المؤسّسات الحكومية من باب التصرفات الشخصية واستغلال النفوذ.. فأين الجهات الرقابية من هؤلاء؟ وأين وزير الكهرباء الذي أكد ويؤكد تكراراً ومراراً على عدالة التقنين؟
وبالعودة إلى حديث محافظ ريف دمشق الذي لا يخلو من إشارات الاستفهام الكثيرة عن واقع الكهرباء والمياه في المحافظة لناحية سوء واقعهما وعدم صدق الإدارات المعنية مع المواطن الذي يعاني من استمرار معاناته، رغم التصريحات المتتالية التي تحمل وعوداً بالحلول التي ما زالت في عهدة المجهول وحبيسة الاجتماعات والقاعات المكيفة بكل ما فيها من كلام معسول يشبه إلى حدّ كبير ما كان يدور في بلاط الملوك، حيث يطلق اللجام للمديح وتزيين وتجميل الواقع بالأقوال التي لا تقترن أبداً بالأفعال.
ببساطة.. لو حاول المحافظ أو وزير الكهرباء أو أي مسؤول في محافظة ريف دمشق البدء بالإصلاح ورفع الغطاء عن كلّ مخالف أو فاسد لتحققت الكثير من المطالب، التي – وللأسف – تمرّ عبر بوابات العلاقات العامة والسكرتارية والمتابعة والمرافقة و .. و.. لتضيع في النهاية المصلحة العامة في متاهات الانتفاع واستغلال النفوذ لتحقيق المكاسب الشخصية، كما يحصل في حصص التقنين الكهربائي في أشرفية صحنايا وغيرها من المناطق، والحال ذاتها في المياه والمحروقات، وبشكل يؤكد مدى تفشي المحسوبيات دون أي مساءلة ومحاسبة، ماعدا بعض الخطابات الرنانة عبر الميكروفونات التي تعد بالعقاب ولكن مع وقف التنفيذ!!.
وما يثيرُ الغرابة أن جميع المسؤولين في محافظة ريف دمشق يؤكدون أنه لا مشكلات في الواقع الخدمي، بل على العكس هناك ارتقاء واضح بنوعيتها وباستدامتها، وهذا ما نضعه بين أيدي المعنيين للمعالجة، خاصة وأن كلّ الخدمات بالواسطة، والتميّز يصل ليكون بين شارع وآخر، وذلك بخلاف كل التوجيهات والجهود التي تنصب لتحسين الأداء المؤسساتي وتعزيز العلاقة مع المواطن. فهل ستصل الرسالة إلى مكتب وزير الكهرباء ومحافظ ريف دمشق، لتكون المعالجة الفعلية؟ أم سيكون مصيرها فرّامات الورق، وما أكثرها في مكاتب المسؤولين؟!.