عقوبات الاتحاد الأوروبي.. لعبة يتحداها السوريون
هيفاء علي
يقول الخبر إن الاتحاد الأوربي مدد عقوباته الجائرة والكيدية على الشعب السوري عاماً آخر، وكانت الولايات المتحدة قد رفعت عقوباتها المنضوية تحت ما يسمى “قانون قيصر”، جزئياً عن “بعض” المناطق في سورية، وتحديداً عن المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة الميليشيات الانفصالية، والتي تحتل القوات الامريكية جزءاً منها.
عندما يفرض الاتحاد الأوربي مثل هذه العقوبات الجائرة واللاشرعية، فهو بذلك ينفذ أوامر سيده الأمريكي لأنه بكل بساطة تابع له ولا يتمتع بأي استقلالية أو سيادة، وذلك باعتراف المحللين والمراقبين الأوربيين أنفسهم، بل يرهن نفسه لتنفيذ تعليمات وأوامر الإدارة الأمريكية التي تستخدم هذا السلاح كورقة ضغط على كل الدول السيادية التي ترفض إملاءاتها والاحتماء في جلبابها، وهي تعلم علم اليقين النتائج الكارثية لمثل هذه العقوبات على الشعب السوري والشعوب الأخرى. فقد فرضت مثل هذه العقوبات على كوبا، وروسيا، والصين، والعراق، ودول أخرى. وبسبب العقوبات يعيش السوريون في ظل ظروف اقتصادية صعبة للغاية، وبسببها يعانون من نقص بعض الأدوية ومن الأزمات الخانقة التي تنغص حياتنا، من أزمة المحروقات إلى غلاء الأسعار، إلى نقص المستلزمات الطبية والإنتاج الصناعي.
ومقابل هذه الأزمات، تواصل قوات الاحتلال الأمريكي سرقة النفط والقمح السوري وتهريبه إلى العراق، حيث ترد أخبار يومية عن رصد الصهاريج المحملة بالنفط متجهة نحو الحدود العراقية على مرأى العالم أجمع.
عندما كنا في مرحلة عمرية أصغر، وتحديداً قبل هذه الحرب الكونية، كنا نصدق أن هناك أمما متحدة تعرف العدل والحق، ونصدق أن المحافل الدولية الأخرى هي مؤسسات تعمل من أجل تحقيق العدالة لشعوب العالم كافة، وأن ما يسمى المجتمع الدولي، الذي يتبجح بأنه مهد الحرية والديمقراطية والمساواة، هو كذلك فعلاً. ولكن ثبت لنا أن كل هذه المؤسسات والمحافل ما هي سوى كذبة كبيرة وأدوات بيد القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وأن كل قراراتها مسيسة، حتى ما تسميه التدخل الإنساني هو غزو صريح وحرب هدفها تحقيق مصالح “الإمبراطورية الأمريكية”، وما الحروب التي شهدها العالم على مدى قرن كامل إلا شاهد على ذلك، وهي حروب دمرت مدناً بأكملها، وقتلت وشردت آلاف الأشخاص، ونهبت خيرات وثروات الشعوب بدعوى جلب الديمقراطية إليهم.
صحيح أن هذه الحرب التي استمرت عشرة أعوام، وبدأت عقبها مباشرة الحرب الاقتصادية قد سببت خسائر اقتصادية كبيرة للبلاد، عدا الحديث عن الخسائر البشرية، إلا أنها لم تتمكن من هزم الشعب السوري، بل فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق مآربها، وكما فشلت عسكرياً، سوف تفشل إقتصادياً ولن تنال، مع العقوبات الظالمة، من عزيمة السوريين وصمودهم على مواصلة العمل لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، بكل صبر وصمود وحب لبلدهم رغم كل الصعاب التي تعترضهم في حياتهم اليومية، وهذه العقوبات لن تزيدهم إلا قوة وصموداً حتى النهاية، متسلحين بالعلم والعمل و الصبر وحب الوطن.