إشكالية الحمضيات إلى المربع الأول
مروان حويجة
كما كان متوقعاً فإن مشكلة محصول الحمضيات تكاد تعود إلى المربع الأول، بعد موسم ماض حمل إليه التدخل الحكومي جرعة دعم تسويقية أنقذت ما تبقى من المحصول خلال النصف الثاني من الموسم. وما يثير الخشية من بقاء المشكلة معلّقة هو الفتور الحاصل في المعالجة التسويقية التي جرى الحديث عنها من خلال مصفوفة حلول كانت خرجت بها اجتماعات الإنقاذ التسويقي الحكومية والمحلية، والتي أجمعت على استدامة الإجراءات المتخذة، ولكن ما من شيء تم العمل عليه بعد انتهاء الموسم.
وما يدلل أكثر على الحاجة القصوى لحلول مستديمة، وليست آنية موسمية، هو تقييم “الزراعة” لواقع المحصول في اجتماع للكوادر الزراعية في اللاذقية، قبل أيام، إذ أشار وزير الزراعة وقتها إلى الصعوبات التي تواجه الموسم ولا سيما التسويق، معتبراً أن الإجراءات المتخذة كل عام لم يكن لها أثر فاعل في حل المشكلة بالشكل المطلوب، ويجب الحفاظ على هذه الزراعة، مؤكداً الاهتمام المستمر بزراعة الحمضيات وحمايتها.
وإذا ما أخذنا بعين الاهتمام طرح واقع محصول الحمضيات في مجمل المؤتمرات والمجالس واللقاءات الفلاحية والنقابية والحزبية والمطالبة بدعم هذا المحصول فإن المعالجة المستدامة المطلوبة لا تزال منتظرة وضرورية.
وقبل هذا وذاك، فإن السؤال الذي يجدر طرحه: أليس من الإجحاف بحقّ هذا المحصول ومزارعيه، عند توصيف الواقع وتشخيص المشكلة، حرف الأنظار إلى الأصناف المزروعة كأحد مسببات المشكلة التسويقية؟ أليس من الأجدى التعاطي مع المحصول بانفتاح أكبر طالما أن المساحات المزروعة بالأصناف باتت أمراً واقعاً؟ ألا يمكن بدل ذلك وضع دليل خاص بزراعة الحمضيات والأصناف المرغوبة والمجدية ومعايير ومعطيات توزّعها مستقبلاً في الخطة الزراعية؟
كثيراً ما يظلم هذا المحصول ومعه مزارعوه عندما يتم التعويل على تفنيد مشكلة الحمضيات في أصناف عصيرية تارة، وتصديرية تارة، واستهلاكية محلية تارة أخرى، وهذه الأصناف والتصنيفات والمسميّات لاعلاقة للمزارع بها، وليست مسؤوليته أصلاً، وإنما تقع على عاتق المؤسسة المسوّقة، سواء أكانت تصديراً أم تصنيعاً أم تسويقاً محلياً دون أن يتم زجّ المزارع في متاهة كهذه .
إنّ محصول الحمضيات أحوج ما يكون إلى برنامج عمل تشاركي بين عدة وزارات ومؤسسات وهيئات وفعاليات اقتصادية يستهدف هذا المحصول من العملية الزراعية أولاً، وينتهي بسوق تصريف يكون فيها المزارع منتجاً للثمرة بعد تقديم الدعم الإنتاجي له، أما تسويق محصوله فهذا دور ومسؤولية الجهات المسوّقة حصراً، وعندها ستأتي الجودة التي يجري التركيز عليها تحصيل حاصل، لأنها ستكون محققة سلفاً من خلال ما يتلقاه المزارع في مرحلة الإنتاج، وهذا مطلبه ومبتغاه قبل أي دعم آخر، بعيداً عن إشكالية أسبقية الحصان والعربة، لأنها بديهية بامتياز ولا تحتاج إلى مزيد من إضاعة الوقت؟