الكائنات المعدلة وراثياً .. محاولة لارتقاء بخواص الجودة وتحسين القيمة الغذائية..و أخطار متعددة على التنوع الإحيائي ؟!
دمشق – بشير فرزان
قلة الغذاء على المستوى العالمي دفع إلى البحث عن أساليب جديدة تضمن إنتاج سلالات غذائية أكثر إنتاجية لسد الفجوة الغذائية التي باتت تهدد مناطق عديدة في العالم بالجوع ولهذا أصبح علم الهندسة الوراثية سلاحاً ذوحدين وأصبحنا نحن كمستهلكين حقل تجارب لاكتشافات العلماء وضحية التجار الذين يطمحون للثراء السريع ولو على حساب أرواحالبشر، فالأغذية المعدلة وراثياً هي كائنات تم تعديل صفاتها الوراثية باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، بغرض الارتقاء بالخواص المرغوبة من حيث الجودة وتحسين القيمة الغذائية والمذاق وتوفيرالإمداد الغذائي الكافي لسكان العالم، إضافة إلى زيادة مقاومة النبات للعوامل البيئية، والأمراض والآفات الحشرية التي تضر بالمحاصيل من عدة قرون، والحرص على حماية البيئة والحياة الفطـرية.
وقد اهتمت شعوب وحكومات العالم في السنوات القليلة الماضية بقضية الأغذية المعدلة وراثياًاهتماماً كبيراً، ومع ذلك هناك حالة من الافتقار لمجرد الوعي بطبيعة واستهلاك هذه الأغذية.
برتوكولات واعتبارات
انضمت الجمهورية العربية السورية الى بروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائيةوبروتوكول ناغويا -كوالالمبور التكميلي لبروتوكول قرطاجنة للسلامة الاحيائية المنبثقان عن اتفاقية التنوعالبيولوجيواللذين يعتبرانالنظام القانوني الدولي الوحيد لتنظيم حركة الكائنات المعدلة وراثياًبهدف ضمان سلامة تناول ونقل واستخدامالكائنات الحية المحورة التي تم إنتاجها باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة،والتي ربما ينتج عنها آثاراً سلبية على التنوع البيولوجي، مع أخذ المخاطر على الصحةالبشرية في الاعتبار.
و ينص بروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية في مادته السادسة والعشرين على حق الدول الأطراف في أن تأخذ في اعتبارها العوامل الاجتماعيةوالاقتصادية الناجمة عن تأثير الكائنات الحية المحورة على حفظ التنوع البيولوجي واستدامته، خاصة فيما يتعلق بقيمة التنوع البيولوجي للمجتمعات المحلية والسكان الأصليين، وذلك من أجل الوصول إلى قرار بشأن استيراد وتصدير هذه الكائنات.
وأن هناك مجموعة من الاعتبارات الاجتماعية و الاقتصادية للكائنات المعدلة ورائياً تتمثل في التغييرات المتوقعة في الأنماط الاجتماعية والاقتصادية القائمة نتيجة إدخال الكائن المعدل وراثياًوالأخطار المحتملة علي التنوع الأحيائي، والمحاصيل التقليدية وغيرها من المنتجات وبخاصة تنوع المزارعين والزراعة المستدامة، وكذلك الآثار المرجح أن تفرضها إمكانية استبدال المحاصيل التقليدية والمنتجات والتكنولوجيات الأهلية من خلال تكنولوجيا أحيائية حديثة من خارج مناطقهم الزراعية -المناخية، إضافة إلى التكاليف الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة بسبب خسائر التنوع الجيني، والعمالة، وفرص التسويق، وبشكل عام وسائل معيشة المجتمعات المرجح تأثيرها بإدخال كائنات معدله وراثيا أو منتجاتها ، والآثار الممكنة التي تتعارض مع القيم الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والدينية للمجتمعات والناجمة عن استخدام أو إطلاق كائن معدل وراثيا أو انتاجه.
مخاطر وتأثيرات :
ويمكن الإشارة إلى أن الأغذية المعدلة وراثياً من الناحية الاقتصادية- الاجتماعيةThreat to food security. تهدد الأمن الغذائي وتسبب خسارةالفلاح لإدارتهالذاتية لموارده، واعتمادية اكبر على الشركات الضخمة متعددةالجنسية، من الناحيتين الفنيةوالاقتصاديةفي كثير من البلدان النامية،كما تسبب الحيوانات المعدلة وراثياًمخاطراً بيئية وغذائية فيظل غياب دراسات معمقة عن الموضوع، وتؤثر على صحة الإنسان حيث تصبح الأغذية المعدلةوراثياً ناقلة لجينات متعدية حملتها من أنواع غريبةعنها تتوفر لها فرصة الانتقالوالاندماج مع الخلايا البشرية،و يخشى من أن تؤدي الجينات المعدّلة بعد استهلاكها إلى إفراز مواد سامة أو مواد تسبب حساسية لدى الإنسان.
أماتأثيرها على البيئة يتجلى في أن النباتات المعدلة جينياً لديها جينات غريبةعنها قد تسببتلوثاً وراثياً. ولكن الأكثر من ذلك أنها مسألة نباتاتلديها مناعة ضد مبيداتالأعشاب، سوف يكون ذلك وبالاً كامناً تصعب السيطرةعليه، ولهذا السبب يتوقع أن النباتات المعدلة الجينات سوف تكونالغالبة والسائدة على النباتات التقليدية وأنهاتستطيع أن تنشأ بنفسها فيالحياة النباتية البرية، مبدلة من التوازن الطبيعيللبيئة، وتستطيع أن تنقلجيناتها أفقياً لكائنات أخرى محولة إياها إلى مسببات أوبئةمحتملة.
وهماك تأثيرات على التنوع الحيوي بالمحاصيل كالتحول إلى أعشاب ضارة وغزو المناطق غير الزراعية وتأثيراتها على العمليات الزراعية والتأثير بشكل غير مباشر على الأعداء الحيوية والحشرات النافعة وأيضا ًمشاكل التجارة الدولية ، إضافة إلى أخطار اجتماعية واقتصادية وأخطار قانونية إذ أن استخدام تنوع كبير من الكثير من التركيبات لنفس المنتج قد يؤدي إلى تعارض وتشابك بالفوائد والمسؤولية القانونية، و انتشار زراعات وحيدة في منطقة ما وتأثير ذلك على التنوع البيولوجي واحتمال حدوث كوارث اقتصادية واجتماعية جراء الزراعات الوحيدة.
فوائد الكائناتالمعدلة وراثياً
هناك بعض الفوائد للأغذية المعدلة ورائياً حيث أن اكتشافات التقنية الحيوية ستعمل على زيادة كمية المحاصيل الزراعية إلى ثلاثة أضعافدونالحاجة إلى أراضٍ زراعية إضافية، ومع الحفاظ على الثروةالمائية القيِّمة، والغابات، وأماكن وحقولتربيةالحيوانات، كذلك إنتاج محاصيل زراعية مقاومة للأمراض، تتحمل الجفاف والملوحةو البرد والصقيع ، إضافة إلى الاكتشافات الجديدةالأخرى التي يمكن أن تقلل من الاعتماد على المبيدات الحشرية والعشبية التي تسهم في تدميرالبيئة.
كما أن بالإمكان إنتاج مادة الأنسولين المتواجد في خلايا الحيوانات الراقية والإنسان وزراعته في خلية كائن بدائي كالبكتيريا التي تصبح قادرة على إنتاج مادةالأنسولين بكميات هائلة لاستعمالها طبياً لمعالجة مرضى داءالسكر، و تم تطوير بعض التطعيمات لتحمي الإنسان من عدة أمراض في آن واحد، حيث كان في وقت قريب يستحيل علاج الأمراض الوراثية كالكريات المنجلية المنتشرة وهناك بحوث في الهندسةالوراثية والاستنساخ تعمل على تطوير الحيوانات لتكوين أعضاء كالقلب والكلى لزراعتها في الإنسان عند الحاجة.
قواعد السلامة الأحيائية :
نفذت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في العام 2006 مشروعاً دولياً تم من خلاله إعداد الهيكلية الوطنية للسلامة الأحيائية في سورية ( الجهات ذات العلاقة بالسلامة الأحيائية ) وبيان دور كل منها، ثم تم إعداد قانون الأمان الحيوي رقم 24 للعام 2012 الذي تضمنتشكيل لجنة وطنية عليا لإعداد و إقرار مجموعة من الإجراءات التي تضمن قواعد السلامة الأحيائية في التعامل مع الكائنات المعدلة وراثياًوالإشراف على وضع سياسة إستراتيجية لكيفية التعامل مع الأغذيةوالمنتجات المعدلة وراثياً، ومعايير السلامة لهذه المنتجات كغيرها من المنتجاتالزراعية الغذائية، ومدى السماح لها بدخول السوقوخاصة بعد أن انضمت سورية إلى بروتوكول ناغويا كوالالمبور التكميلي لبروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية في العام 2012 والذي بموجبه سيتم تنظيم عملية نقل ومرور شحنات الكائنات المعدلة وراثياً، كذلك تشجع وتدعم اللجنة الوطنية برامج الأبحاث العلمية والزراعية علىالنباتات والمنتجات الغذائية المعدلة وراثياً وغيرالمعدلة .
إضافة إلىالتأكد من سلامة ومصدر المنتجات الغذائية، والعناصرالإضافية والمواد الملونة في الغذاء، وتشديد الرقابة على الأغذية المحتوية علىعناصر معدلة وراثياً، وضرورة التزامها ببطاقة الوصف على كل منتج والتي توضح جميعالعناصر المكونة والشحنة المعدلة وراثياً ملزمة ببطاقة تعريف خاصة توضح فيها عملية التعديل الوراثي، و التأكد من سلامة ومصدر البذور الزراعية المحليةوالمستوردة ورقابتها أثناء الزراعة والحصاد، وأخذ عينات لتحليلها والتأكد ما إذاكانت مخلوطة ببذور معدلة والتأكد من سلامةالأعلاف والمحاصيل التي تزرع أو تستورد لعلف الحيوانات والتأكد من مصدر وسلامةجميع المستحضـرات الصيدلانية الدوائية والموادالتجميلية.
إضافة إلى تكثيف الاهتمام بوضع برامج تعليمية إعلامية وتعريفــية مكثفةلتثقيف وتوعية جميع فئات المجتمع، ونشر المعلومات والبيانات المتجـــــددة عنالتقنية الحيــــوية، والأغــذية المــعدلة وراثياً من مختلف الجوانب والأبعاد.