من اللجوء الانساني إلى التمرد
فاضل عباس
في القرن الثاني عشر، رافق الأكراد صلاح الدين الأيوبي، وهو كردي، إلى سورية، وكانت أعداد قليلة وتمثل بداية النزوح الكردي إلى سورية التى لم يكن بها غير العرب.
وتأسست الدولة الأيوبية (1171 – 1341) في دمشق، واستقرت الأفواج الكردية في دمشق وبعض المناطق الغنية بالثروة الطبيعية، ثم تطورت هذه المستوطنات الكردية في دمشق إلى أن أصبح هناك الحي الكردي.
وخلال الحقبة العثمانية (1516 – 1922)، تم تهجير المجموعات القبلية الكردية من الأناضول إلى سهول شمال سورية، وتم تقديم حوافز للأكراد من الدولة العثمانية للهجرة إلى سورية، ومن ضمنها حكم بعض المناطق السورية، كحلب، باسم الدولة العثمانية، وفرض الضرائب والتوطين على الضفة اليسرى لنهر الفرات والرقة.
كما هاجر الأكراد إلى سورية مع جيش صلاح الدين الأيوبي عند عودته من الحروب، وشكل الأكراد المستوطنات والإقطاعية الكردية في سورية.
وسجل الكاتب الدنماركي كارستن نيبور، في عام 1764، عدداً من القبائل الكردية المهاجرة إلى سورية، وكانت تدفع الأموال للبقاء والحصول على المياه.
وبعد الحرب العالمية الأولى، وقعت قوات الحلفاء المنتصرة والامبراطورية العثمانية المهزومة معاهدة سيفر في 10 آب 1920، التى نصت على أقتطاع كل مناطق الدول العثمانية التى لا تنطق بالتركية، وكانت تمثل اعترافاً بقيام دولة كردية في شقها الأكبر من تركيا.
ثم تمرد كمال أتاتورك في حرب الاستقلال التركي، وتم التفاوض مرة أخرى على الاتفاقية، وتم الاتفاق على معاهدة لوزان، في 24 تموز 1923، وتم تجاهل كل ما يتعلق بالأكراد في الاتفاقية السابقة ومنها دوله كردية مستقبلية.
كان الأكراد نتيجة الهجرة الأولى مع صلاح الدين الأيوبي، وما قبل الهجرة من تركيا، نتيجة القمع الأتاتوركي، يشكلون 1% من سكان الجمهورية العربية السورية.
ونتيجة القمع التركي في عهد كمال أتاتورك للأكراد وفشل التمرد الكردي في مرات عديدة ووجود السكك الحديدية المباشرة، تكثفت الهجرة الكردية وفرت مجموعات كردية هائلة من جبال الأناضول في تركيا إلى الشمال السوري، إلى مناطق عين العرب والقامشلي والحسكة.. إلخ، وأصبحت نسبتهم 10%.
وفي ظل الانتداب الفرنسي على سورية، قامت السلطات الفرنسية بتسهيل الهجرة والتوطين في سورية ومنحت الجنسية السورية لكل المهاجرين وكانت تشجع على الهجرة الكردية والتوطين وبتنسيق مع السلطات التركية لكمال أتاتورك بترحيل مشكلة الأكراد من تركيا إلى سورية.
ومع قيام الحركة التصحيحية، في 16 تشرين الثاني في عام 1970، بقيادة الرئيس حافظ الأسد، رحمة الله عليه، قررت سورية وقف الهجرة غير الشرعية للأكراد من الحدود التركية، وشكلت الحزام العربي على الحدود، كما تم إلغاء القرارت بمنح الجنسية السورية لهم، والتي اتخذها الاستعمار الفرنسي، سلطة الأمر الواقع في تلك الفترة.
وفي ظل حرب الإرهاب على سورية منذ عام 2011، ورغبة من الرئيس بشار الأسد في تجاوز الماضي، تم منح الجنسية السورية لعدد كبير من الأكراد.
ولكن ما زالت المليشيات الكردية تستدعي القوى الاستعمارية الأجنبيىة وتستقوي بها، ومنها الولايات المتحدة الامريكية، وتعمل لتفتيت سورية وتحتضن الحركات الانفصالية.
وهكذا تحول الأكراد من ضيوف منذ مرافقة صلاح الدين الأيوبي والهروب من القمع الأتاتوركي ثم البحث عن المياه داخل سورية إلى مليشيات تطالب بالانفصال وتمزق الدولة السورية وتتعاون مع قوات الاحتلال الأمريكي وتقطع المياه عن أهالي الحسكة الأصليين.
ناشط سياسي – البحرين Bumohd44@gmail.com