هيئة التخطيط: العودة بالاقتصاد الى تجربة الثمانينيات توقظ شبح التصدير والاستيراد الوهمي!
دمشق – علي بلال قاسم
اعتبرت هيئة التخطيط والتعاون الدولي أن فكرة العودة بالاقتصاد السوري إلى تجربة الثمانينيات (ربط التصدير بالاستيراد) تؤدي إلى إيقاظ ظاهرة التصدير والاستيراد الوهمي بهدف الاستفادة القصوى من القطع الأجنبي وتشجيع التهريب السلعي والعملة الوطنية إلى الخارج، وهذا ما سيؤثر سلباً على الليرة السورية ومن ثم يسبب مزيداً من الانخفاض، وبالتالي هي فكرة غير محبذة ويفضّل اتخاذ خطوات مبتكرة من قبل السلطة النقدية على اتخاذ قرارات تتيح للمستوردين تمويل المستوردات من حساباتهم الخارجية من جهة وتشجع من جهة أخرى تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية لما لها من دور في توفير احتياطي جيد من القطع الأجنبي في الخزينة العامة للدولة.
وترى مصادر خاصة في الهيئة – تحفظت على ذكر اسمها – لـ “البعث” أن يتم إعادة النظر بسياسة تمويل المستوردات، بحيث يتم التركيز على استيراد المواد الأساسية وعلى تأمين مستلزمات الإنتاج للقطاعية الزراعي والصناعي، شرط أن تتم مراجعة دورية وتقييم لتطبيق هذه السياسة والعمل على تعديلها وفق نتائج هذه المراجعة والتقييم بها يلاءم الظروف المستجدة، هذا مع التأكيد على تخصيص حصة من القطع الأجنبي لتمويل مستوردات المواد الأولية للمشاريع الإنتاجية التي يذهب إنتاجها للتصدير.
إعانات ومنح وتسهيلات
وحول السياسات المالية والنقدية المرتبطة بالتصدير يفيد خبراء من الهيئة أن الدولة تقوم باتخاذ سياسة معينة لدعم الصادرات عن طريق تقديم الإعانات والمنح والتسهيلات للمنتجين والمصدرين، ويمكن الإشارة إلى بعض أشكال للدعم من خلال فرض ضرائب دخل رمزية أي بحدود مخففة جداً أو إعفاء المنتجين المحليين للسلع التصديرية من ضريبة الدخل وإعفاء مستلزمات الإنتاج من الضرائب الجمركية أو فرضها بنسب منخفضة وكذلك الآلات الإنتاجية والمواد الأولية وتقديم تسهيلات مصرفية وائتمانية بشروط ميسرة مثل تخفيض أسعار الفائدة وتمديد فترة السداد، وضمن هذا الإطار لابد من مراجعة مكونات السياسة المالية والنقدية المطبقة والعمل على تعديل ما من شأنه تنشيط الاقتصاد الوطني لإنتاج حاجة السوق المحلية من جهة وتحقيق فائض للتصدير وخاصة ( الضرائب على الشركات والتعرفة الجمركية وسياسة الدعم والتسهيلات المصرفية والاقتصادية المطبقة وغيرها) والمنتجات القابلة للتصدير (مواد زراعية ومواد أولية ومنتجات حرفية ومصنعة ومنتجات نصف مصنعة).
فردية ولا ترقى
وتتميز سياسات التسويق في سورية – من وجهة نظر خبراء الهيئة – بأنها أساليب فردية ولاترقى إلى مستوى طرق التسويق العالمية في ظل غياب واضح لشركات متخصصة بالتسويق، وعلى الرغم من إحداث هيئة تنمية وترويج الصادرات واتحاد المصدرين في سورية وإعطائهم الدور الأساسي لتنمية وترويج الصادرات السورية، إلا أنهم لم يتمكنوا من وضع برنامج متكامل للترويج والتسويق للمنتجات السورية غير النفطية واقتصر عملهم على إقامة بعض المعرض المتخصصة دون أن يكون لها أثر يذكر من حيث التعريف بالمنتج السوري والترويج له وإتاحة عقد الصفقات لتصريف المنتجات السورية.
وفيما يتعلق بمقترحات السياسة التصديرية على المدى القصير – حسب مصادر الهيئة – لابد من قيام وزارة الاقتصاد بالتنسيق مع الوزارات المعنية (صناعة، زراعة، تجارة داخلية) لتحديد قوائم السلع المنتجة في السوق السورية اعتماداً على واقع المنشآت القائمة وتحديد المنشآت المتوقفة عن العمل لأسباب يمكن معالجتها بسرعة واقتراح الحلول المناسبة لإقلاعها وفي المجال القطاعي على الحكومة تبني سياسة حماية الإنتاج الوطني وربطها بالاستيراد، بحيث يتم منح إجازات الاستيراد عبر تأمين حاجة القطر من المواد الأساسية للمواطن التي لايتم إنتاجها محلياً وتأمين مستلزمات العمليات الإنتاجية وفق خطة تعد من قبل وزارتي الصناعة والزراعة وبالتنسيق مع اتحاد الغرف الصناعية والزراعية وعدم منح إجازات الاستيراد لجميع المواد والسلع النهائية التي يتم إنتاج محلياً مع توفير نوارد الطاقة الكهربائية في المناطق الصناعية والحرفية وكذلك الأمر بالنسبة للمشتقات النفطية للمنتجين الصناعيين والمزارعين.
وفي مجال السياسة المالية والنقدية، يجب تحديد السياسات من حيث إعادة النظر بالرسوم الجمركية المفروضة على المواد التي تدخل في العملية الإنتاجية وتأمين التمويل اللازم للعملية الإنتاجية ومعالجة مسألة إعادة قطع التصدير وارتفاع تكاليف التحويلات المصرفية ودراسة استرداد الرسوم الجمركية المسددة على المواد الأولية والوسيطة الداخلة في البضائع المصدرة وإعادة النظر بالضرائب المفروضة على الشركات المنتجة بالنسبة للسلع المستهدفة.
التخفيف من المشاكل
في الجاني اللوجستي، دعت الهيئة إلى قيام وزارة الاقتصاد بالتنسيق مع وزارة الزراعة والصناعة والنقل بالتخفيف من المشاكل الناجمة عن النقل ((الشحن والتفريغ) ومعالجة مشكلة التوضيب والتغليف بالنسبة للمنتجات الزراعية. وعلى المدى الطويل ترى هيئة التخطيط أن نجاح الحكومة في بناء استراتيجية سليمة للتجارة الخارجية يفترض أن ينبثق من الاستراتيجيات القائمة أو التي يجري العمل على إعدادها ويمكن اقتراح محاور عند استراتيجية التجارة الخارجية، والمحور الأول هنا تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني من خلال زيادة تنافسية القطاع الصناعي عن طريق وضع السياسات والاستراتيجيات المناسبة لتطوير الصناعة بكافة قطاعاتها وزيادة قدرتها على المنافسة ووضع برامج التنفيذ ومتابعتها مع التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والصناعات التي تستخدم المواد الأولية المنتجة محلياً، وهنا حري بالمعنيين وضع خطة عمل لتنمية الصادرات الصناعية تهدف إلى تحسين نوعية الصادرات وخفض كلفتها وزيادة قيمتها عموماً وتقوية المؤسسات الداعمة لمساعدة الشركات للوصول إلى المستويات الدولية وتأمين مدخلات ومستلزمات الإنتاج وإقامة خطوط إنتاج خاصة بالتصدير في الشركات المحلية وإشادة المستودعات الصناعية وتطوير عمليات الإدخال المؤقت بهدف التصنيع وإعادة التصدير وتأسيس شركات لمنح شهادات مطابقة تساعد الصادرات الصناعية السورية للنفاذ إلى الأسواق المستهدفة.