التسويق الالكتروني يغزو صفحات مواقع التواصل.. غياب للضوابط ومخالفة للمرسوم 8
ركن صغير في المنزل، وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، و”علّق بنقطة” كافية لبيع وشراء جميع السلع، إذ لم يعد رأس المال الكبير، واستئجار أو شراء محل تجاري، وغير ذلك من أساسيات فتح مشروع لتسويق المنتج ضرورية اليوم في عالم التسويق الذي هو الآخر حذا حذو الأطعمة الجاهزة والموضة، وغيرها من مستوردات الثقافة الغربية، ولكن بمنحى خاطئ، ليصبح شراء أية سلعة ووصولها إلى باب منزلك وأنت جالس في غرفتك موضة انتسب إليها الكثير من أبناء هذا الجيل، وحتى الأجيال الكبيرة في السن، اختصاراً للوقت، وكون التسوق الالكتروني يفتح أمامهم عروضاً متنوعة بأسعار عديدة دون تكاليف جسدية يتم تكبدها في حال قرر التسوق في الأسواق المحلية، لاسيما أن أزمة النقل التي طال أمدها جعلت المواطن يؤجّل أي عمل غير ضروري للغد المُنتظر على أمل حل هذه المعضلة.
بين الرفض والقبول
صفحات كثيرة منها الوهمي ومنها الحقيقي تحمل بين سطورها الكثير من المنتجات المحلية أو حتى المهربة، إذ لا تخلو الكثير من هذه الصفحات من الألبسة والأحذية وحتى الأدوات الكهربائية والمنتجات الطبية ذات المصدر غير الوطني لجذب المستهلكين كون الثقة بينهم وبين البضاعة المحلية باتت في أدنى مستوياتها، لأسباب بعيدة عن العين المنظورة للمواطنين ممن وجدوا بهذه البضاعة المستوردة أو المهربة ضالتهم، فعلى الرغم من ارتفاع ثمنها مقارنة بالمحلية، إلا أنها حسب رأيهم تبقى مضمونة من حيث الجودة، ناهيك عن فتح هذا النوع من التسويق الكثير من الأبواب في وجه فئة ليست بالقليلة من الباحثين عن العمل من خلال هذا المشروع الصغير برأس مال بسيط وعائد مادي مريح، خاصة أن البعض لم يعتمد على شراء البضائع، بل اكتفى باتفاق علني مع التجار لتسويق وترويج بضائعهم دون عناء منهم، وتحقيق عائد مادي للفريقين، في المقابل وجدت شريحة أخرى أن هذا النوع من التسوق مازال غير مضمون في بلدنا، لاسيما مع عدم وجود جهة رسمية تشرف على عمله، الأمر الذي يفتح مجالاً للغش والتلاعب دون أي رادع، فالقانون هنا لا يحمي هذه الشريحة التي وافقت على الشراء عبر الشاشة دون أي ضمان حقيقي لاسترجاع حقها في حال خالفت السلعة الصورة المُقدمة عبر الأنترنت.
حاجة للضوابط
على الرغم من بساطة وسهولة مشروع التسويق الالكتروني ظاهرياً، إلا أنه مازال يعاني في بلدنا من جملة من الصعوبات تبدأ بصعوبة ترويج المنتجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تحتاج إلى أشهر طويلة لجمع أكبر عدد من المنضمين لهذه الصفحات، إضافة إلى جودة الأنترنت الضعيفة عندنا التي أدت إلى عزوف الكثير من أصحاب هذه الصفحات عن الترويج، في المقابل شكّل هذا النوع من التسويق تحدياً للكثير من التجار الكبار الذي لم يكونوا راضين عن هذا النوع من التسويق المنافس- حسب رأيهم- لمتاجرهم التي أمضوا سنوات كثيرة في العمل بها وكسب ثقة الزبائن ممن تم اصطيادهم الكترونياً، مطالبين بإيجاد حلول سريعة تؤطر هذا النوع من التسويق عبر أقنية الكترونية محددة، ووضع قوانين وضرائب، وغيرها من الضوابط التي تحدد الأشخاص المسموح لهم بدخول هذا المجال، لا ترك الأمر “شوربة” كما هو حاصل اليوم، خاصة أنه في حال استمرت هذا الصفحات بالترويج لجميع أنواع البضائع، محلية ومستوردة، سنصل إلى تدمير الاقتصاد المحلي.
رافد للاقتصاد
وبعيداً عن رضى وعدم رضى التجار، وبحث الكثيرين عن مصادر رزق وفرص عمل ومشاريع صغيرة، يرى أهل الاختصاص أن هذا النوع من التسويق مازال رهين عدد قليل من الأشخاص، إذ يرى الاقتصادي إسماعيل مهنا أن هذا النوع من التسويق أثبت جدارته في الدول المتقدمة، محققاً العديد من المزايا للمنتج والمستهلك في آن معاً، في حين مازال في بلدنا يترنح وغير جدير بالثقة، ففي الكثير من الحالات نجد أن الصفحات المروّجة لا تستجيب للمستهلك في حين سؤاله عن السعر، أو حتى طلبه المنتج بهدف الشراء، حيث تكون غاية هذه الصفحات جمع “اللايكات” والمتابعين لتحقيق مكاسب أخرى غير التسويق وبيع البضائع، وتحدث إسماعيل عن أهمية هذا النوع من التسويق في حال قدّم الدعم له وتم تأطيره بقوانين تحفظ حقوق المنتج والمستهلك، إذ اتخذت الكثير من الصفحات منحى تجارياً واستثمارياً لنرى صفحات مختصة بالعقارات أو حتى الإعلانات عن مشاريع استثمارية، منها حقيقي ومنها وهمي، الأمر الذي يستدعي سنّ قوانين وأنظمة لهذا النوع من التسويق، إضافة إلى تعاون الوزارات المسؤولة: “صناعة واقتصاد واتصالات..” للاهتمام بهذا التسويق وتوفير مستلزماته بحيث يكون رافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني لا عامل جذب وإحلال للبضائع المستوردة بدلاً من الوطنية.
مخالفة للمرسوم “8“
اعتبر عامر ديب، عضو مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها، أن التسويق الالكتروني من أساسيات نجاح العمل في حال تم توظيفه بشكل صحيح، فالعالم اليوم أجمع يتجه إلى هذا النوع من التسويق، لاسيما أننا وصلنا إلى ما يسمى عصر الرقمنة، وهو العصر الأكثر تطوراً من عصر المعلوماتية، ولكن في سورية مازال هذا التسويق غير مضبوط من حيث نوع السلع التي تسوّق سواء محلية أو مستوردة، إذ يتم تسويق بضائع مجهولة المصدر، ويرى ديب أن منصات التواصل الاجتماعي تستخدم لخلق فقاعات سعرية لسلع معينة من خلال الترويج الخاطئ، وبالتالي نحن اليوم بأمس الحاجة لوضع ضوابط للترويج لسلع مصنّعة من معمل مرخّص، مع ضرورة أن يأخذ المسوّق موافقة قبل تسويق منتجه من جمعية حماية المستهلك أو وزارة التجارة الداخلية، كما يجب مراقبة الناشر والبضاعة التي تعرض، وكيفية الدفع التي تتم بطرق نظامية أو غير نظامية في أغلب الحالات، وأشار عضو مجلس الإدارة إلى مخالفة هذا النوع من التسويق للمرسوم رقم /8/ من جهة عدم عرض سعر البضاعة، مستهجناً فكرة “علّق بنقطة” على الصفحة لمعرفة السعر، واتهم الكثير من الصفحات الوهمية التي تُعلن عن بيع وتوفر سيارات كهرباء بالكذب، وتحدث ديب عن وجود عدد لا بأس به من الشركات الهامة في سورية التي تُعنى بعالم الرقمنة، والتي تستدعي أن يتم التعاون معهم لضبط هذا التسويق، خاصة أن هدف المسوّقين هو جيبهم لا ما تخلّفه الكثير من السلع ذات الجودة الرديئة على صحة المواطن.
ميس بركات