أفريقيا تشتري الأكاذيب الأمريكية
هيفاء علي
فشلت أكاذيب الغرب حول روسيا فشلاً ذريعاً بعدما رفضت أفريقيا الإذعان للضغوط الأمريكية بتحريضها على عدم شراء القمح الروسي، حيث أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن ثمة مسؤولين أمريكيين حذّروا عدداً من الدول الأفريقية في منتصف أيار الماضي من شراء ما يزعمون أنه حبوب سرقتها روسيا من أوكرانيا.
لكن جاء لقاء رئيس الاتحاد الأفريقي ماكي سال مع الرئيس الروسي بوتين في سوتشي الأسبوع الماضي، ليكذّب هذه الادّعاءات، حيث شجب معاداة روسيا من قبل الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وحمّلهم المسؤولية المباشرة عن انعدام الأمن الغذائي في قارته، ما أدّى بالنتيجة إلى تحطيم الرواية الغربية الكاذبة بأن موسكو “أغلقت” الموانئ الأوكرانية وباعت الحبوب التي سرقتها من ذلك البلد لأفريقيا. وفي اللقاء نفسه، أوضح الرئيس الروسي كيف أن أزمة الغذاء العالمية مصطنعة من قبل الغرب، مبيناً أن هذه المشكلة ناجمة بالفعل عن العقوبات الاقتصادية ضد روسيا.
حقيقة الأمر، تعلم جميع دول القارة السمراء أن روسيا دعمتها خلال نضالاتها ضد الاستعمار، وساعدتها في إعادة بناء دولها بعد ذلك. زيادة على ذلك، فإن روسيا لم تشارك أبداً في “التدافع من أجل أفريقيا”، وكانت دائماً الحليف الأكثر موثوقية للقارة، ولا تريد قط تجويع الأفارقة أو بيعهم الحبوب المسروقة.
في المقابل، لدى الغرب الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة تاريخ سيئ السمعة من الاستعمار والإمبريالية الجديدة، وإثارة الحروب في جميع أنحاء أفريقيا، حيث قتلت حروبها الآلاف من سكان القارة على مرّ القرون، واستعبدت الناجين منهم. إضافة إلى ذلك، لا يحظى هذا الغرب المتغطرس بثقة دول القارة السمراء، بل هو مجرد “حليف ملائم” للكثيرين ممن يقدرون الوصول المفتوح نسبياً إلى الأسواق لصادراتهم.
أما بالنسبة للدول المستقلة استراتيجياً التي تحدّت الضغط من الغرب برفضها إدانة روسيا علناً ثم معاقبة هذه الدول، فإن واشنطن لم تكن أبداً أكثر غضباً معها. وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت أمريكا تختلق أزمة الغذاء العالمية بشكل مصطنع، وتنشر الآن أخباراً كاذبة بأن روسيا سرقت الحبوب الأوكرانية التي تشحنها إلى أفريقيا. بمعنى أن واشنطن تريد معاقبة هذه الحكومات من خلال التسبّب بعدم الاستقرار في بلدانها من خلال خلق مسبّبات المجاعة التي تتحمّل مسؤولية مباشرة عن خلقها. وهي تأمل من ذلك أن تندلع ثورات ملونة أو انقلابات عسكرية لاستبدال القادة المستقلين بدُمى أجنبية، وخاصة في غرب أفريقيا التي تعدّ الآن واحدة من أكثر الجبهات سخونة في الحرب الباردة الجديدة.