مؤتمر اللاجئين والمهجّرين.. اتفاقيات اقتصادية واجتماعية وتعليمية لتحسين واقع العودة
دمشق – رامي سلوم:
انطلقت صباح اليوم في دمشق أعمال الاجتماع الرابع السوري الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجّرين السوريين، الأمر الذي يؤكد إصرار الحكومة السورية على عودة اللاجئين إلى بلدهم سورية في ظل الاستثمار الغربي الممنهج وكذلك لبعض دول الجوار في هذا الملف الإنساني، وبقاء المهجّرين الذين هجّرتهم المجموعات الإرهابية المسلحة وممارسات العدوان الأجنبي التركي والأمريكي واحتلاله للأرضي السورية يعيشون في ظروف غير إنسانية، من دون تعليم أو مستقبل.
وتنعقد اليوم ضمن أعمال الاجتماع عدة جلسات ولقاءات وفعاليات مشتركة بين الجانب السوري والروسي في قصر المؤتمرات بدمشق وفي عدة محافظات أخرى، بهدف الوصول إلى اتفاقيات تعاون في عدة مجالات ولتوزيع مساعدات إنسانية بعدة مناطق.
وتؤكد الاتفاقيات المشتركة العمل الجاد والمشترك لتحسين واقع الاقتصاد والبنى التحتية وتوفير البيئة الملائمة لاستقبال اللاجئين، وخصوصاً بعد إنجاز البيئة القانونية وتتويجها بمرسوم العفو الأخير الذي أصدره الرئيس بشار الأسد، وشكّل صدمة لدول العدوان ومحاولاتها المستمرة لترهيب اللاجئين من العودة إلى بلدهم.
وتتضمّن أعمال الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام جلسة مشتركة للهيئتين الوزاريتين التنسيقيتين السورية والروسية بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية الأخرى وذلك في قصر الأمويين للمؤتمرات.
كذلك تشمل أعمال الاجتماع لقاءات مشتركة من الجانبين في مختلف المحافظات ضمن قطاعات الاقتصاد والتجارة والتعليم العالي والإعلام والتربية والصحة والاتصالات والعدل والثقافة والإدارة المحلية والبيئة والطاقة والزراعة والإصلاح الزراعي والنقل والصناعة، إضافة إلى فعاليات توزيع مساعدات إنسانية وكتب مدرسية في عدة مناطق.
وتظهر فعاليات اليوم الأول إصراراً على استمرار الاتفاقيات والتعاون الاقتصادي والتعليمي والسياسي وتحسين البنى التحتية وطبيعة الحياة، تمهيداً لعودة المهجّرين واللاجئين السوريين وخصوصاً بعد مرسوم العفو الأخير الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد وفعاليته في تخفيف أنواع الترهيب التي تمارسها تلك الدول على المهجّرين ضمن سياقات غير حقيقية تهدف لإبقائهم في أراضيها بوصفهم ورقة يتم استثمارها في ظروف معيشية صعبة، حيث تعمل دول غربية وبعض دول الجوار على استثمار هذا الملف الإنساني لتحقيق غايات سياسية استعمارية رخيصة.
وبالنسبة لقطاع الإعلام، شهدت فعاليات اليوم الأول توافقاً على تطوير التعاون ليشمل مجالات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي والأمن السيبراني بعد الاتفاقيات السابقة التي تتعلق بالتنسيق والتدريب بين المحطات الإعلامية وتبادل المواد الإعلامية والخبرات بين الجانبين، وفقاً لمعاون وزير الإعلام أحمد ضوا.
وعبّرت مديرة التنمية الرقمية في وزارة الاتصال ووسائل الإعلام الروسية لارينا ايكتيرينا، عن أملها بالوصول إلى نتائج عمل مهمة لتعميق العلاقات في المجال الإعلامي والتقني بين البلدين.
وأكد المجتمعون ضمن الحلقات المصغرة إصرار الحكومة السورية على عودة اللاجئين إلى بلدهم وتوفير جميع الظروف القانونية والاقتصادية وغيرها لاستقبالهم، وتأمينهم.
من جانبه أكد معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني أن الاجتماعات ناقشت التعاون القضائي وتسليم ونقل المجرمين، لافتاً إلى أن الاجتماع اليوم يعدّ بمنزلة مراجعة أخيرة قبل توقيع الاتفاقيات النهائية بخصوص عدد من القضايا في المجال القانوني والعدلي.
وأشار نائب مدير المديرية في وزارة العدل الروسية ديمتري بيبكن، إلى أهمية تطوير التعاون بين البلدين في المجال القانوني ومكافحة الجريمة الإلكترونية وتعزيز التفاهم المشترك لمنع الجرائم الدولية في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظم الذكية وميادين أخرى.
وناقش ممثلو دائرة الرقابة المالية الاتحادية الروسية ومصرف سورية المركزي ووزارة الداخلية، سبل تطوير التعاون في مكافحة غسل الأموال الناجمة عن الجريمة وتمويل الإرهاب، حيث تم استعراض الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية في ملاحقة جرائم غسل الأموال والتحقق من مصادرها مثل مكافحة العمليات المرتبطة بتجارة المخدرات وجرائم الإرهاب والأسلحة ونقل المهاجرين بصورة غير شرعية وسرقة الآثار وتهريبها والابتزاز والخطف.
وبيّن أمين سر هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في سورية عمار معروف، أن الاجتماع ركّز على تقديم المساعدة الفنية واللوجستية للهيئة وتدعيم عمل مجموعة العمل المالي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعملية المراجعة التي ينفذها فريق مراجعة التعاون الدولي.
وفي اجتماع آخر اطّلع وفد المنظمة الوطنية للقوميات والشعوب في روسيا برئاسة أليك ماكليان من ممثلي وزارة الأوقاف، على تجربة الوزارة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، بينما تحدّث ممثلو وزارة الثقافة برئاسة معاون وزيرة الثقافة المهندسة سناء الشوا عن الإبداعات السورية في مجال الفن والأدب والموسيقا والمسرح وقصص نجاح الشباب السوري بعدة مجالات فنية وثقافية.
وعبّر ماكليان عن أهمية اطلاع الشباب الروسي على إبداعات الشباب السوري وعلى التجارب السورية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، كاشفاً أنه يتم تجهيز اتفاقية تعاون بين المنظمة ووزارة الأوقاف بهذا الشأن.
وأشارت معاونة وزير التعليم العالي للشؤون العلمية والبحثية الدكتورة فاديا ديب، إلى توقيع اتفاقية في مجال التعاون العلمي بين جامعتي موسكو ودمشق، الأمر الذي سيوفر لطلابنا فرصاً تعليمية في فروع علمية متنوعة.
وناقش الاجتماع كذلك تعزيز تبادل الخبرات والأساتذة في المجال التعليمي، والاستفادة من تجارب الطرفين.
وأشار يغور موردوغ رئيس مجلس التعليم في إقليم ريازان الروسي، إلى أهمية تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التعليم العالي والتبادل الثقافي والعلمي، لافتاً إلى وجود خمس جامعات في الإقليم من مختلف الاختصاصات يمكن للطلاب السوريين متابعة تحصيلهم العلمي فيها وتلقي التدريب المناسب.
وفي المجال العلمي أيضاً، تم اليوم توقيع مسودة تفاهم بين جامعة البعث وإدارة جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية في روسيا الاتحادية على هامش أعمال الاجتماع.
كذلك وقعت جامعة دمشق ومعهد تاريخ الثقافة المادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية في روسيا الاتحادية اتفاقية تعاون علمي.
وتهدف الاتفاقية التي وقّعها رئيس الجامعة الدكتور محمد أسامة الجبان ونائب مدير المعهد الروسي الدكتورة نتاليا سلوفيفا، إلى تعزيز التعاون في مجال حماية التراث الثقافي ولاسيما الأثري في البلدين وإقامة اتصالات بين علماء الآثار والباحثين والمرمّمين وعمال المتاحف لتوسيع وتقوية الروابط العلمية والثقافية.
وتهدف الاتفاقية أيضاً إلى تشجيع الاتصالات بين المنظمات والمتاحف والمؤسسات المعنية في سورية وروسيا الاتحادية لدعم الأنشطة في مجال الآثار وتنظيم المعارض والحلقات الدراسية والندوات والمؤتمرات وغيرها من الفعاليات لتطوير المشاريع العلمية والبرامج التعليمية والتدريب الداخلي للطلاب والأكاديميين وتقديم الدعم الإعلامي والمساعدة المشتركة للوفود الرسمية للسفر إلى البلدين.
وحسب الاتفاقية التي مدّتها ثلاث سنوات يعمل الطرفان على تبادل المعلومات بشأن الفعاليات المختلفة والمعلومات التشريعية ووسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية وتقديم المعلومات حول المشاريع المتوقعة والنشاط الأثري.
كذلك ستسهم الاتفاقية وفقاً للجبان في دعم التعاون مع الجامعات والمؤسسات العلمية الدولية وتطوير البحث العلمي والأكاديمي وأنشطة كلية الهندسة المعمارية بشكل أساسي عبر إنجاز أبحاث ودراسات مشتركة وتبادل الخبرات بين الجانبين من أساتذة وطلاب.
وفي الملف الاقتصادي، أكد النائب الأول للمثل الدائم لجمهورية القرم سيرغي قودرين أن عودة اللاجئين تشكّل أهمية بالغة، لافتاً إلى أن الاجتماع أشار إلى تحسّن الأوضاع في جنوب روسيا خلال الحرب مع أوكرانيا، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في عودة اللاجئين السوريين.
وأشار النائب الأول للممثل الدائم لجمهورية القرم سيرغي قودرين، إلى أن “البيت التجاري سورية القرم” الذي شكّل بموجب اتفاقية وقعت عام 2019 يعدّ مركزاً لتبادل العروض التصديرية وإبرام الصفقات التجارية بين البلدين، كاشفاً أنه ستتم غداً مناقشة تأسيس شركة شحن مشتركة لتوريد المنتجات بين الطرفين عبر القرم إلى روسيا.
ولفت النائب الأول إلى أن أهم الموضوعات التي تمّت مناقشتها هي التجارة البينية وتبادل المنتجات بين البلدين، وخصوصاً الحمضيات والخضروات والأنسجة السورية، في مقابل البضائع التي تحتاج إليها سورية من روسيا.
وناقش الجانبان سبل تفعيل اتفاق التعاون التجاري والاقتصادي الموقّع بين سورية وشبه جزيرة القرم نظراً لاستكمال جميع الإجراءات الإدارية والقانونية وتبادل البيانات حول المواد التي يمكن تصديرها وفق معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لشؤون التنمية الاقتصادية رانيا أحمد التي بيّنت أن النقاش شمل أيضاً تطوير العلاقات التجارية وطرق الشحن بما يسهم في زيادة التبادل التجاري بين البلدين.
وكان المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين عقد فعالياته في شهر تشرين الثاني من عام 2020، حيث أكد بيانه الختامي استعداد سورية لإعادة مواطنيها إلى أرض الوطن ومواصلة الجهود لتوفير ظروف معيشية كريمة لهم، ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المناسب للاجئين وزيادة مساهمته ودعمه لسورية من خلال تنفيذ المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار وتقديم الرعاية الصحية والطبية والخدمات الاجتماعية ونزع الألغام.