ما بين سطور منشور وزير “حماية المستهلك”؟
قسيم دحدل
“أؤمن شخصيّاً بأن من واجب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ووزيرها، العمل مع باقي الوزارات المعنية لاتّخاذ جميع الإجراءات والتسهيلات في الاستيراد والإنتاج، بما يؤدّي إلى خفض التكاليف للمواد الأساسيّة التي تحتاجها كلّ أسرة بغضّ النظر عن دخلها لكي تكون مكتفيةً غذائيّاً.
والحقيقة أن بإمكان الوزارة بعلاقاتها الممتازة مع بقية الوزارات المعنيّة أن تتوصّل معهم إلى تخفيضات على الرسوم وتكاليف التمويل، ما يؤدّي إلى انخفاض في التكاليف لا يقلّ عن ٢٠ – ٣٠%، وعكس هذا الانخفاض على أسعار بيع المواد، وهذا ما يجب أن يكون الأولوية الأولى للوزارة حاليّاً وفي الأيام والأسابيع القادمة”.
الكلام أعلاه طبعاً ليس لنا، بل لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك نفسه.
في كلام الوزير عمرو سالم – ولا نجزم – رسالة شبه صريحة لعدد من الوزارات والقائمين عليها من وزراء، يؤكد فيها وبأسلوب غير مباشر أن مستوى التعاون مع وزارته ليس كما يجب، حيث استخدم كلمات مثل: “من واجب” – “لاتخاذ” – “بما يؤدي” – “بإمكان” – “مع بقية” – “أن تتوصل” – “وهذا ما يجب” ..، وإلا ما مناسبة كلامه هذا الآن، وما دلالة قوله بأنه “يؤمن..”؟!
إذاً، التعاون الذي لفت إليه وزير التجارة الداخلية، في اتخاذ الإجراءات وضرورة تقديم التسهيلات في الاستيراد والإنتاج، لخفض التكاليف والأسعار بالنهاية على المواطن، دعوة نراها – صراحة – مفتاحاً لرسالته الأكثر دلالة في إشارته إلى أن إمكانية وزارته بما تمتلكه من علاقات وصفها بالممتازة مع الوزارات الأخرى، يمكن أن تؤدي إلى التخفيضات (علاقات ليست موجودة، بل التي يتوجب وجودها)، وبالتالي خفض الأسعار.
وعليه فإن أسلوب تأكيد “الامتياز” في العلاقة، الذي استخدمه الوزير سالم، هو نوع من التعبير عن وجوب وجود، لا تأكيد وجود، لتحقيق الانخفاض في التكاليف وبالتالي الأسعار، ولاسيما أنه اعتبر أن هذا أولى الأولويات لوزارته وضمناً وجوبه لبقية الوزارات المعنية برسالته.
لا شكّ أن لوزير التجارة الداخلية غاية من رسالته (منشوره)، ولعلّنا لا نستبعد أبداً أن هناك معوقات أخرى يصادفها الوزير ووزارته.. معوقات “متهمة” بها وزارات أخرى، وفقاً لفحوى المنشور، إذ طالما كانت هناك اختلافات في الرؤى والمقاربات والمصالح بين الوزارات حول ما يجب عمله في قضية خفض التكاليف ومن ثم الأسعار. كذلك لا نستبعد محاولة الوزير، ومن خلال هذه الرسالة، استباق عدم تحمّل المسؤولية كاملة بشكل منفرد عمَّا قد يكون متوقعاً، وهو حدوث ارتفاع جديد في التكاليف والأسعار، لذلك اعتمد هذه الصيغة “الشعبوية” في تحميل كلّ نظرائه في الوزارات المعنية بالأمر، المسؤولية نفسها، ووفقاً لمقولة: “اللهم قد بلغنا”.
والسؤالُ الذي يطرح نفسه في ضوء ما أنف: هل تعمّد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك نشر منشوره لمجرد الإخطار والتعريف بما هو قائم وفق ما يرى؟ أم أن هناك ما يقلقه في المنظور القريب، حيث ارتفاعات الأسعار وصلت ذقن الدول الكبرى والمتقدمة؟
القادمات من الأيام والأسابيع لا شك ستقطع الشكّ باليقين، وإلى ذاك الحين سيبقى سيف الانتظار مسلَّطاً على رقبتي الشك واليقين اللذين باتا سمة من سمات الاقتصاد!.
Qassim1965@gmail.com