هل سيبقى العسل مخبأً بجراره؟ توقعات بتراجع الإنتاج وارتفاع ثمن الكغ 150%
دمشق – ريم ربيع
بعد انتعاش ملحوظ شهده إنتاج العسل في الموسم الماضي واقترابه من تغطية الاستهلاك المحلي من جديد، يبدو أن الظروف المناخية هذا العام وقفت إلى صف الصعوبات الاقتصادية، وتسببت بتراجع الإنتاج وتناقص عدد الخلايا، حيث توقع عضو اتحاد النحالين العرب عبد الرحمن قرنفلة ألا يكون الإنتاج جيداً لهذا العام، بعد أن لعبت الظروف المناخية دوراً سيئاً جداً تضرر على إثره الإنتاج في موسم الحمضيات بسبب الصقيع الذي أثر على نسبة الإزهار، فالخلية التي كانت تنتج 30 كغ من العسل، اقتصر إنتاجها هذا العام على 5 كغ.
وكذلك في موسميّ حبة البركة والكزبرة – أضاف قرنفلة – قضت عواصف الغبار وارتفاع الحرارة المفاجئ على الإنتاج، ما جعل النحالين يعتمدون على موسم اليانسون بشكل أساسي، الأمر الذي تسبب بارتفاع الحمولة الرعوية لأكثر من عشرة أضعاف بسبب الكثافة الكبيرة، مما سيخفض أيضاً من نسب الإنتاج.
خارج الأسواق
وحتى عدد الخلايا لم يسلم هذا العام، حيث تراجع بدوره بعد صعوبات كبيرة واجهت تربية النحل خلال الأعوام الأخيرة، إذ كانت الصعوبات قد أخرجت نحو 80% منه، وخفضت الإنتاج من 7500 طن سنوياً ليصبح 500 طن فقط، ما أخرج العسل السوري من الأسواق العربية والعالمية – وحتى المحلية إلى حد ما – وأضعف منافسته بشكل كبير.
ارتفاع إضافي
وحول أسعار العسل “المرّة” على جيب المستهلك، توقع قرنفلة أن تشهد ارتفاعاً إضافياً هذا العام يتجاوز الـ 100 – 150%، نتيجة انخفاض الإنتاج وارتفاع التكاليف، فأجور نقل الخلايا بين المحافظات أصبحت كبيرة جداً، وأي نحال يدفع خلال العام 6 ملايين ليرة على الأقل كأجور نقل فقط، فبعد أن كان ثمن الكيلوغرام الواحد في الموسم الماضي 20 ألف ليرة، لا يمكن أن يقل هذا العام عن 40 ألف كحد أدنى.
عكس التيار!
وفي وقت يساهم النحل بزيادة الإنتاج في وحدة المساحة لكل المحاصيل الزراعية بنسبة 30 – 40%، ويحسن مواصفات الإنتاج، استغرب قرنفلة اضطرار النحال ليدفع ما بين 800 – 1500 ليرة للفلاح على كل خلية يضعها في أرضه، في وقت يدفع الفلاحون في معظم دول العالم 8 دولارات للنحال على كل خلية لقاء إبقائها في أرضهم لما لها من منافع على المحصول!
وأشار قرنفلة إلى “الكوارث” التي يسببها رش المبيدات العشوائي على المحاصيل التي يتم وضع الخلايا في مناطقها دون تنبيه النحال، مشدداً على ضرورة التعاون وتوعية الفلاحين لعدم رش المبيدات، أو على الأقل تنبيه المربي لإغلاق الخلايا حتى لا يتضرر النحل.
إنتاج بدائي
وفيما يقتصر تصدير العسل حالياً على كميات بسيطة جداً، رأى عضو اتحاد النحالين أنه يجب تشجيع تصدير كل ما يمكن بغض النظر عن السوق المحلية، فحتى لو حدث نقص لعام واحد، سيكون هناك فائض في الإنتاج في العام الذي يليه، إذ أن التصدير بأسعار مجزية يشجع على التوسع بالإنتاج ويؤمن تكاليفه، معولاً على أهمية تفعيل دور الحكومة في تشجيع التصدير وإيجاد مشروع متكامل يؤمن متطلباته، ويعيد المنافسة للمنتج السوري، فاليوم لا زلنا بدائيين ليس فقط بإنتاج العسل بل بكل زراعاتنا التي أصبحت زراعة كفاف “متخلفة” ولم تواكب التقدم، مما صعّب منافستها في الأسواق الخارجية.
وأكد قرنفلة أن أي منتج يحتاج مقومات للتصدير والمنافسة، وإنتاج العسل بالصورة المطلوبة عالمياً يتطلب تدخلاً حكومياً “ليس مالياً” بل على مستوى السياسات والقرارات الناظمة والتوجيهية، والتي تشجع النحالين للعمل على هيئة تجمعات إنتاجية تقوم بصنع خطوط إنتاج بالمواصفات العالمية، وإيجاد أسواق تصديرية وتأمين مستلزمات الإنتاج لنفسها.
تراجع الطلب
وبالتوازي مع تراجع الإنتاج فقد خف الاستهلاك أيضاً نتيجة انخفاض القوة الشرائية، حيث أوضح قرنفلة أن الحاجة محلياً 2500 طن سنوياً بين الاستهلاك المباشر والاستهلاكات الصناعية والطبية، معتبراً أن العسل ورغم ارتفاع ثمنه يعد مادة غذائية أساسية وليس مكملة كما يعتبره البعض، ومع ذلك فإن الطلب المحلي عليه ضعيف.
25% مغشوش
تراجع الإنتاج وغلاء الأسعار، ساهما بدورهما بانتشار العسل المغشوش في الأسواق، والذي تقارب نسبة انتشاره 25% من المعروض –وفقاً لقرنفلة- الذي حذّر من الانتشار الكبير للغش والذي يلجأ إليه البعض لتغطية النقص الحاصل في الإنتاج.