مجلة البعث الأسبوعية

الشاعر غسان كامل ونوس: عصر الروّاد انتهى زمنيّاً

البعث الأسبوعية- أمينة عباس

صدرت مؤخراً مجموعته الشعريّة السادسة “حُداءات” وتأتي في المرتبة الثانية والثلاثين من إصداراته في أجناس أدبيّة متعدّدة، رافضاً في حديثنا معه الخوض في أسباب تأخر صدورها وهي التي أمضت سنوات في الهيئة العامّة السوريّة للكتاب تاركاً للغبطة أن تأخذ مداها لأنّها أخيراً رأت النور.

*أيّ جديد تحمله “حُداءات” لك كشاعر؟

**تشكّل مسافة أخرى تمثّلتها في رحلتي الأدبيّة التي ما تزال متّصلة، وصدورها يتيح متابعتها للمهتمّين، أمّا في المحتوى والشكل فإنّي ما أزال أخوض بقلقي ولهفتي وحماستي وتوقي وزوّادتي المتجدّدة المنفتحة إلى الثقافة والعلم والفكر واللغة والخبرة في المجرى المضطرب، محاولاً التعبير عمّا يشغلني ويثيرني ويضنيني، والتساؤل عمّا يضجّ في الآفاق والمديات والأعماق، في الماضي والآتي، في المسوّغ والكيفيّة والمآل، في السبب والمغزى والغاية، وأحسب أنّ ما جاء في هذه المجموعة بعض من هذا الجريان.

*كشاعر في رصيده عدد مهمّ من المجموعات الشعريّة أيّ ناقد ما زلت في انتظاره؟

**يمكن أن تسألي النقّاد عن هذا، أو ننتظر أن يظهروا ذلك، لكنّني لست واثقاً من إقدامهم على هذا، وللحقّ هناك ممّن أعرف ولا أعرف من تناول بعض ما كتبت بالعرض والدراسة، لكن للحقّ أيضاً لم يرضِ هذا طموحي، ولا أقصد عدم الرضا عمّا كُتب ومن كَتب، بل إنّ ما كتب قليل جدّاً كمّاً ونوعاً، وأزعم أنّ ما أصدرت إلى الآن يستحقّ أكثر وأكثر، وكنت وما زلت أطمح إلى المزيد من النقد والدراسة، ولا أنتظره لمعرفتي بما يُعاني الوسط الأدبيّ من علاقات ومحسوبيّات ومصالح.. إنّ المطلوب مشروع نقديّ متّصل ومتكامل للحال الشعريّة السوريّة والعربيّة لا أصوات متفرّقة مبعثرة مرافقة لهذا ومقرّظة لذاك، وأحسب أنّ هذا من مهمّة المؤسّسات الثقافيّة أكثر ممّا هي منتظرة من الأفراد.

*كيف تفسر غياب العلامة الفارقة في الشعر رغم الكمّ الهائل من النصوص الشعريّة؟

**لا أوافق تماماً على قطعيّة هذا الحكم، وأرى أنّ أمر تداوله يعود إلى أسباب عديدة، أهمّها أنّ النقد لا يواكب هذا الكمّ الهائل، ولأنّ عصر الروّاد في كلّ شكل انتهى زمنيّاً وما يزال موجوداً على نطاق التعامل مع التجنيس والمشروعيّة والترميز الشخصيّ والاهتمام الدراسيّ والإعلاميّ، وهناك أصوات مهمّة ونصوص مميّزة لكنّها تفقد حرارتها مع افتقاد الضوء والاهتمام والاحترام واتّجاهها مع المسايرة والمحاباة والتعويم صوب أصوات أخرى ونصوص أخرى لا علاقة لها بالإبداع والموضوعيّة والمنهجيّة والوجدان، مع استثناءات نقديّة هنا أو هناك، وقلت وأقول إنّ المشكلة في الفرز والفارز لا في النتاج والمنتج فحسب، ويؤدّي هذا إلى عزوف عن المواكبة الجدّيّة من قبل القرّاء وضعف الذائقة العامّة التي يسهل لديها تعميم الرداءة، وترتاح لهذا الذي يخلّصها من عبء المتابعة الجادّة والبحث عن البضاعة المميّزة في معرض دائم يمتدّ ويتكاثف ويتشابه ويكسد.

*شعراء كثر بدأوا بالقصيدة العموديّة وانتهوا بقصيدة النثر، فأيّ إغراء تحمله قصيدة النثر؟

**وكثيرون بدأوا بالعمود وانتهوا إلى التفعيلة أو النثر، وأكثر منهم ربّما من بدا بالنثر وتابع فيه، وآخرون استطابوا العمود فلم يبدّلوه، واستعذبوا المفعّل فلم يغادروه، وفي رأيي أنّ الإغراء في الشعر والعبرة فيه وفي فنّيّاته وتكويناته ومكنوناته وغناه وقابليّته للتأويل والتحميل والإشعاع لا في شكله وتفعيلاته وبحره.. إنّ تخلّصه من الوزن والقافية لا يعفيه من المسؤوليّة الشعريّة ولا يبرّئه من ضرورة احتيازه على القيمة والأصالة المعرفيّة والقدرة على الإشعاع والانتشار، وفي النثر جماليّات وإمكانيّات واحتمالات وافرة، وشعريّته هي التي تعبّر عنه، وهناك نثر غير شعريّ، ولا يعيبه ذلك، وله ميزات وخواصّ وإيقاعات متنوّعة ومشوِّقة، وهناك كلام عاديّ متناثر..لقد كثر الناثرون الجدد، ومنهم الشغوفون الممتعون الآسرون، وفيهم المستسهلون والمعوزون والقاصرون والمدّعون، وفيهم الضحلون السطحيّون، ولنا أن نميّز ونختار دون أن نعمّم أو نتعصّب أو نعاند.

*جدل كبير دار في فترة من الفترات حول مشروعيّة أشكال القصيدة الفنّيّة، أمّا اليوم فقد اختفى هذا الجدل، فلماذا؟

**من الطبيعيّ أن يَكابد أيّ جديد حتّى يثبت حضوره لا سيّما حين تكون الجدّة على حساب بعض المسلّمات التي تمسّ الذائقة المترسّخة قروناً طويلة، ويتّصل هذا بالشعر لدينا أكثر من سواه من الأجناس الأدبيّة الأخرى التي لم يسلم أيّ منها من بعض هذه المواجهة ومن المشروعيّة أن تُترك المشروعيّة للزمن والنتاج والتقبّل، وحدث هذا مع بداية نصوص التفعيلة، وحدث بشكل أشدّ وأعنف مع قصيدة النثر، أمّا أمر خفوت أصداء صراع الوجود هذالم يختفِ وهوأمر صحّيّ لأنّ الإلغاء غير أخلاقيّوغير ممكن، ولأنّ الأشكال الشعريّة المتعدّدة ما تزال تظهر دون سيادة أو تميّز لأحدها على حساب الآخر، بل إنّ أشكالاً مستجدّة تتبدّى كالأدب الوجيز (الومضة في الشعر) مثلاً، وهذا ليس غريباً، ويظلّ قائماً ومتوقّعاً، فالتجربة الإنسانيّة مستمرّة وتفرز نفثاتها وزفراتها، وتترك مرتسماتها حسب المراحل والفصول والتبدّلات التي تأتي من طبيعة الحركة المتّصلة وجوهرها وسماتها وتمظهراتها، وبرأيي لم ينتهِ شيء، وكلّ أمر مفتوح على الاحتمالات حسب التحوّلات والمآلات وظروفها، ومن حقّ أيّ شخص أن يقول ما يرى ويحسّ ويستشعر بالطريقة التي تناسبه وتتواءم مع مكنوناته وإمكانيّاته، وللزمن والناس والكمّ والنوع والتناول والأصالة والتمثّل أن تقرّر بقاءهافي ضوء الجدارة وإثبات الوجود وشروط الحياة وظروفها، وستظهرلا شكّ أشكال جديدة من التعبير والإبداع الأدبيّين، وقد تلقى مواجهة أخفّ أو أشدّ، وإن إلى حين يقصر أو يطول.

*أحداث ومتغيّرات كثيرة نمرّ بها اليوم، فكيف يتعامل الشاعر فيك معها؟

**أحترم قدراتي وأقدّر ما حصّلت وما خبرت بعد تخويض ومواجهات واسعة ومتعدّدة ومتنوّعة في الكتابة الأدبيّة والعمل الثقافيّ، وأنا لا أدّعي الكمال ولا الغرور، وما زلت أجتهد وأطمح إلى أن أصيب كي يكون لي أجران، وأكتب بشغف، وأنتظر ردود الأفعال باهتمام، وما زلت أرى أنّ لديّ الكثير ممّا أتمنّى أن أقوله، وقد لا يسعفني الوقت ولا الظروففلا أقنط ولا أتبلّد، وأتابع السعي الحثيث الجادّ القلق إلى ما يقنع ويرضي، ولكن ما يواسي أنّ لديّ الجرأة على قول ما أراه وأشعر به وبأسلوبي تجاه أيّ أمر كان أو يكون، قبولاً أو رفضاً، أو نسبيّة هذا وذاك إزاء ما يجري، وأترك لذائقتي ولمسابيري أن تتحسّس وتتقرّى وتعبّر.. كنت وما زلت أقول: يحتاج النصّ الأدبيّ الإبداعيّ الناضج إلى اكتناز واختمار، يقصر أو يطول حسب طبيعة المختبَر، وصحيح أنّ هناك تسارعاً مطّرداً وإيقاعاً مضطرباً وتحوّلات عموديّة وأفقيّة تستدعي ردود أفعال متباينة ومختلفة نوعاً وكمّاً عمّا كان في الماضي، وأفعالاً أدبيّة غير متّضحة المعالم، ولكنّنا لا نستطيع أن نقف بلا تفاعل ولا تأثير بانتظار المختبرات والمختمرات التي قد تحتاج هي الأخرى إلى تبديل، بل تتعرّض لهذا التحوّل بحكم الحساسيّة والمسؤوليّة والحيويّة، وقد تظهر منّا ممارسات وتعليقات وآراء متسرّعة، لكنّ للشاعر وللشاعر لديّ شبكاته وعلائقه وتحسّساته وانفعالاته وإرثه وأحيازه وتجاربه التي آمل وأرجو أن تكون على قدر المسؤوليّة في الملاحظة والتمييز والتقييم، ولي كبير ثقة بذلك، وأتمنّى ألّا أكون مدّعياً أو مبالغاً أو موهوماً.

*إزاء الواقع المرير الذي نعيشه وكشاعر يعتمد على المخيّلة ألا يربكك هذا التناقض؟

**لا أعتقد أنّ هناك تناقضاً بين الشعر والمعاناة، فأصل الإبداع حزين كما تفهّمت وقلت منذ أكثر من عقدين، والكتابة والشعر أساس فيها سعي إلى تمثّل الخلاص، أو محاولة مفتوحة الوسائل والسبل، والمخيّلة رصيد مهمّ فيها للوصول إلى ذلك، والواقع أحياز أيضاً للمنطلق والمنعكس، إضافة إلى ثقافة الشاعر وإمكانيّاته وطاقاته وما في مختبره الفنّي الذي سيعيد صياغة كلّ هذا في نصّ شعريّ، وقد يعيش الشاعر الكائن تناقضاً في ذاته وتمثّلاته وانفعالاته إزاء أفكار وموجودات وحيوات وأكوان ومعتقدات وعادات وخيبات وغموض وقنوط.. وطالما كان الخلاص بعيداً، وربّما مستحيلاً بالمعنى الشامل فليقل الشعر كلمته الشاكية المتسائلة المواسية المعاتبة المتفهّمة المشاركة النابضة الحيّة دون تيئيس لا تنقصنا نتوءاته أو تبشير تخدعنا تلويحاته.

*وكيف تحصن نفسك كشاعر من ألّا تغرق في ذاتية الشعر وأن يكون شعرك معبّراً عن الآخرين؟

**ليس الشاعر كائناً منبتّاً عن الكائنات الأخرى، وهناك تقارب وتشابه بين التجربة الحياتيّة المجرّدة للكائنات الحيّة، وهناك تمايز وافتراق أيضاً، وهذه التجربة اللغز هي ما يثيرني من قبل ومن بعدُ، أمّا الظروف والتفاصيل فتختلف، حتّى بين البشر، وحتّى بين أفراد الأسرة الواحدة.. ما يهمّني أنّ للسعادة معنى واحداً مع اختلاف الشخص والحالة والمناسبة، وللمعاناةالمفرزات نفسها، لذلك فإنّ ما يعنيني الأوّليّات والمفاصل والمنعطفات والأصداء والتبعات والمشاعر والانفعالات، وهذا يتواشج بين الناس ويتوزّعهم بمختلف شرائحهم، والشعر الذي يتناول هذه الحالات ستقلّ فيه العلامات الفارقة، ولن تشكّل الاختلافات الشخصيّة والحياتيّة فواصل حادّة أو حواجز كتيمة بين شخص وآخر، فيما قد تتباين المشاعرُ والعواطف والانفعالات لدى الشخص نفسه بين وقت وآخر وحالة وأخرى، وقد تختلف القابليّة والجاهزيّة للاهتمام والإحساس والتمثّل والتأثّر لدى المتلقّي لمواصفات وقدرات وحيثيّات خاصّة به، ولأخرى عامّة، هذا مع افتراض أنّ الشعر رؤيويّ كما أراه ولا يهتمّ بالقشور ولا يكتفي بالوقوف على السطح والرؤية القريبة ومراودة الغرائز والحاجات والانفعالات المباشرة،وأزعم أنّ هذه ليست من اهتماماتي ولا في غاياتي.

*في الشعر لحظات مثل الكشف عند الصوفيّ، فكم هي اللحظات التي استعصى فيها الكشف عندك؟

**هناك أوقات تَعْذُب، وأخرى تُعَذّب، يسلس البوح فيها، أو يتعثّر، ولا ألزم نفسي بالقول حين لا يجود، وما من ظروف خاصّة وشروط محدّدة لهذا أو ذاك، ويمكن أن تتشكّل القطرات، ويسيل الجدول في ذروة الانشغال، وفي حمّى الازدحام، وتحت غلالة من الحزن المكتنف، وقد يحلّ الجدب في السكون والراحة والانشراح، وليست الحال الخصيبة والمحرّضة والولّادة طارئة أو عارضة لديّ، بل هي حال من الهجس والسعي والاكتناز والرغبة والشغف، يكاثفها التركيز والتأمّل، وتغنيها الملاحظة والمبادرة والمواكبة، ويثريها التنوّع والانفتاح والإقدام، وإذا لم يكن الجنى شعراً فقد يكون نثراً في أيّ من فنونه، وكتبتُ وما زلت أكتب في مختلف الأجناس الأدبيّة، ولا أقرّر الجنس الأدبيّ الذي سأكتب فيه بل الحال هي التي تختار، ومن المعتاد ألّا أُكْثِر من الشعر حين أكون منشغلاً بعمل روائيّ.

*يقول أبو تمام: “الشعرُ لمحٌ تكفي إشارته” فما هو الديوان الذي لمّحت فيه أكثر مما صرّحت؟

**أميل في نصوصي الشعريّة عموماًوفي كلّ مجموعة إلى مكاشفة الأعماق ومسامرة الأطياف ومطاولة الأحلام ومسارة الأصداء ومقاربة الأماني ومنازعة الأهواء ومساءلة النكران ومنادمة النشوان ومناغمة الأحاسيس والمشاعر، ولا أعرّف المعرّف أو أوصّف الموصّف أوأفاصح القوّال أو أراقص الفرِح أو أناوح النوّاح، فلا أحسب أنّنا نحتاج إلى زيادة في عدد الدابكين بلا معنى، والنادبين بلا منجى، والسائرين بلا هدف، والهائمين بلا دليل.. ولا أفسّر الأسباب وأقدّم الحلول وأشرح الخطوات والمراحل وألقّن المقولات والحكم والأمثال، بل أطمح إلى أن أعين من يريد ممارسة الحياة بنبل وإنسانيّة، وأزيد المعابر والاحتمالات، وأفتّح كوّات التفكير، وأحضّ على الانفتاح، والنظر في وجهات أخرى، والاستماع إلى إيقاعات جديدة، ومعايشة كائنات أخرى، وأحثّ على تشغيل الملَكات، وتقرّي الأمارات، وتوزّع المسؤوليّات، والتحضّر لوقائع مستجدّة، ومحصّلات غير مرصودة، ومصائر غير متوقّعة، لهذا ربّما تكون كلّ مجموعة مسافة في سباق تتابع أخوضه مع تجربتي، قد تقصّر أو تتجاوز، تتسارع أو تتكاثف أكثر، أو تنبسط وتتباطأ إلى عتبة اللاتصريح واللامباشرة، وفي هذا كما أشعر احترام للقارئ المعنيّ بالتساؤل مثلي، أو أكثر، والتخويض وأغوص والتحليق ليكتشف ما اكتشفت وما لم أستطع الوصول إليه لعلّ مركبي أو بساطي أو طوافي يتيح له ذلك،والأهمّ أنّ مغامرتي مستمرّة، وقد يختلف زمن كتابتها عن تزامن إصدارها، ولديّ نحو خمس مجموعات أخرى تنتظر النور.

*كان أجدادنا يقولون: “يحقّ للشاعر ما لا يحقّ لغيره” فهل غرَّد بعض شعراء اليوم خارج السرب كثيراً بناء على هذه المقولة؟

**هذه المقولة تسوّغ ما كان قد قيل خارج السربوخارج القوانين والأعراف التي تحدّ من الانفتاح والتحليق، أدواتٍ ومعانيَ وخيالات، ولا تتّصل بما سيقال، ومعروف أنّ الأوزان والبحور رسمت بناء على ما كان من نتاج ونصوص، وكُرّست ظلماً وقصوراً وتسليماً ككثير من معتقداتنا لِما كتب بعدئذ، وأرى أنّ للموهبة الحقّة الحقّ في أن تظهر جواهرها، وأن تُخرج كنوزها التي قد تكون موجودة ولم تُكتشف، وممكنة، لكن لم تجد المغامرة والجرأة على تجاوز الأطر والقيود التي قد تكون وهميّة، وفي الذهن والعقليّة والتعوّد والتقديس الأجوف للماضي، والخوف المرضيّ المزمن ممّا هو آت، وهذا لا يعني أن يدّعي كلّ قوّال أنّ موهبته تفرض هذا، وأنّ قدرات غير مرئيّة تقف وراء ما أبدع،فالموهبة لا تخفى، وإن كانت قد تحتاج إلى تشذيب وتظهير، وللجمال ملامح لا تضيع يفترض ألّا تضيع،ونعود مرّة أخرى ومرّات على أمر الفرز والقادرين عليه والراغبين به، وقد يحتاج هذا إلى موهوبين ومغامرين أيضاً، وهذا عمل الجهات الثقافيّة ومؤسّسات البحوث والدراسات والجامعات، وتلك مسؤوليّتها، إضافة إلى مسؤوليّتنا جميعاً نحن المشتغلين في الثقافة والإعلام بألّا نروّج الهابط ونسوّق للمدّعي، وأن نغني المشهد ببضاعة نفيسة، منافسة، وهذا يتطلّب أن نكون مثقّفين جادّين محصّنين بما يلزم لقول ما هو جدير ومطلوب، في حينه، وليس بعد فوات الأوان.