خطة شاملة لإدارة مكافحة الحرائق في اللاذقية
اللاذقية – مروان حويجة
لا يمكن أن تكون غاباتنا بمنأى عن المخاطر المحدقة بها التي تتهددها في هذه الآونة من كل عام وفي مقدمتها الحرائق التي تعصف بها إذا لم يتم الإسراع بجسر الهوة وسدّ الفجوة بين أولويتي مكافحة الحرائق والوقاية منها ولاسيما أن اللوجستيات التي تتطلبها عمليات الإخماد باتت أكبر وكلفتها أكثر ومصادرها أقل وظروفها أصعب في ظل الوضع المستجد على الإمكانيات والاحتياجات وبالأخص المحروقات والآليات والمصادر المائية الضرورية لجاهزية منظومة الإطفاء إضافة إلى العديد من التحديات والصعوبات التي باتت تلقي بظلالها وهواجسها على موسم الحرائق.
وفي متابعة “البعث” لأهم العقبات والصعوبات والتحديات التي تواجه غاباتنا وثروتنا الحراجية، لم يخفِ رئيس دائرة الحراج والغابات في مديرية الزراعة المهندس جابر صقور أن هناك صعوبات عديدة تعترض عمليات الإخماد سواء للحرائق الحراجية أمّ الزراعية منها قلة توفر المحروقات ما يؤثر سلباًعلى تنفيذ الخطة السنوية للطرقات من شق وترميم وصيانة الطرق الحراجية وخطوط النار وهناك نقص في نقاط المياه وخاصة في المواقع الحراجية وإذا وجدت تلك النقاط التابعة لمؤسسة المياه يوجد صعوبة بالاستجرار منها حيث أن معظم نقاط المياه تتركز في المناطق ذات التجمعات السكنية البعيدة عن المواقع الحراجية وبالتالي تستغرق الإطفائيات أحيانا وقتاً طويلاً لتعبئة المياه من المناهل البعيدة مما يزيد من التكاليف ويؤثر سلباً على عملية الاخماد ويؤدي لامتداد الحريق على مساحات واسعة.
ومن الصعوبات أيضاً – بحسب صقور – كثرة أعطال الإطفائيات والصهاريج بسبب قدمها وزيادة الضغط على عمل تلك الآليات في اخماد الحرائق وكذلك تقليص العمر الزمني لتلك الآليات إضافة إلى عدم ورود إخماد الحرائق الزراعية ضمن خطة مكافحة الحرائق الحراجية وبالتالي لايكون توزع الإمكانيات بالشكل الأمثل لإخماد الحرائق الزراعية لأن جميع الإمكانيات (إطفائيات – عمال حرائق) متوزعة في المواقع الحراجية، ولفت المهندس صقور إلى أنه لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع كبير في خدمة المزارعين لأراضيهم من فلاحة وتعشيب الأمر الذي ساهم في خلق بيئة مناسبة لانتشار الحرائق وزيادة عدد تلك الحرائق بشكل كبير مما أدى الى استنزاف الامكانيات وخروج الكثير من أبراج مراقبة الحرائق من الخدمة نتيجة لأسباب مختلفة منها سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة على بعض المناطق وتعطل بعض المحطات اللاسلكية الأخرى وعدم توفر قطع تبديلية لإصلاحها حيث يوجد حاليا بالخدمة فقط 11 برج مراقبة من أصل 38 برج مراقبة ومحرس موزعة بمناطق المحافظة.
كما أن حرائق الغابات هي من أصعب الحرائق وذلك بسبب تواجدها في مناطق ذات طبيعة جغرافية قاسية (جبال- وديان- سفوح) إضافة لتداخل الأراضي الزراعية مع الغابات، كل هذه العوامل تزيد من الأعباء في مكافحة الحرائق حيث تصلنا بعض الحالات أعداد كبيرة من المؤازرات الخارجية ولكن بدون جدوى لعدم قدرة بعض الإطفائيات على سلوك الطرقات الحراجية كونها لا تمتلك نظام دفع رباعي مما يؤدي الى نتائج عكسية من خلال زيادة عددية ضمن الموقع تؤدي لإرباك العمل.
وضرورة تسهيل مرور آليات إطفاء الحرائق أثناء الحريق ففي كثير من الأحيان يعترض المواطنون طريق الإطفائيات لحماية منازلهم وبعضهم الآخر يأخذ الإطفائيات إلى ممتلكاتهم الخاصة وفي كثير من الأحيان تفقد السيطرة على إدارة الحريق بفعل هكذا أعمال.
وأشار صقور إلى وضع خطة شاملة لإدارة مكافحة الحرائق وإقرار هذه الخطة لعام 2022 مع اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية الهادفة للحدّ من الحرائق وتقليص مساحتها في حال حدوثها، إضافة إلى ترميم الطرق مما يعود بالفائدة على المزارعين الذين لديهم أراض زراعية مجاورة للمواقع الحراجية، من حيث نقل محاصيلهم ومنتجاتهم الزراعية من خلال شبكة من الطرق الحراجية تخدم المواقع الحراجية، علماً أن الخطة المقررة لهذا العام تبلغ 1700 كم، مشدداً على ضرورة تدخل العاملين في مديرية الزراعة في حال نشوب أي حريق أو الإبلاغ عنه تحت طائلة المسؤولية، وكذلك أفضلية القيام بأعمال الاستصلاح للأراضي الزراعية المجاورة للغابات في فصل الصيف (ذروة حدوث الحرائق)، وذلك للاستفادة منها في إخماد أي حريق، وتوزيع صهريج إطفاء لدى المديرية على المواقع الحراجية وحسب أهمية كل موقع، علماً أن عدد صهاريج الإطفاء حالياً يبلغ 35 إطفائية وثلاثة صهاريج تزويد و20 جراراً مع مقطورة مياه ومضخة لاستخدامها كإطفائية مع الفرق الميدانية في بعض المواقع البعيدة والحساسة التي لا تصلها الإطفائيات نتيجة صعوبة التضاريس وعدم القدرة على شق طرقات حراجية بالشكل الأمثل.
والجدير بالذكر أنه تمّ تشكيل لجنة مركزية على مستوى المحافظة، مهمتها الإشراف الكامل على اللجان المناطقية وعلى مستوى الوحدات الإدارية وإدارة الوقاية من الحرائق والتعامل معها، وتمّ تشكيل لجان في كل ناحية مهمتها مراقبة كافة الأراضي الزراعية، ومنع أي كان من إشغال النيران ضمن أراضيهم الزراعية وإحالة المخالفين إلى القضاء وتحفيز الأهالي لمساعدة طواقم الإطفاء في مكافحة الحرائق والحدّ من انتشارها، كما تمّ تحديث غرفة العمليات المركزية للحرائق في دائرة الحراج من خلال تزويدها بخرائط لكامل المحافظة، حيث تمّ تقسيم المحافظة إلى 23 قطاعاً موزعة عليها الإمكانيات الحراجية بشكل مفصّل وحسب أماكن تواجدها، كما زودت الغرفة بشاشة كبيرة تمّ ربطها مع كمبيوتر موصول بشبكة انترنت وجهاز الكمبيوتر ببرنامج google earth تظهر توضع الإمكانيات الجاهزة والبنى التحتية للدائرة بهدف القدرة على تقييم موقع الحريق من الناحية الطبوغرافية ومعرفة نوع الحريق (زراعي- حراجي) والطرق المؤدية للحريق.
يُشار إلى أن خطة الحراج تضمنت برنامجاً توعوياً من خلال التركيز على إيصال رسالة حول أهمية الغابات وضرورة المحافظة عليها وحمايتها من جميع أنواع التعديات، وذلك بهدف استهداف أكبر عدد من المواطنين ومن جميع الفئات العمرية والشرائح، وخصوصاً القاطنين بجوار الغابة، وذلك من خلال الندوات واللقاءات المتكررة والمعارض البيئية، وإقامة حملات التشجير ضمن ساحات المدارس والمواقع الحراجية بمشاركة التلاميذ وجميع الفرق التطوعية والجمعيات الأهلية والمنظمات الشعبية.