لقاء الأجيال الأدبي يحتفي بمواهب شابّة ويكرّم شخصيات مخضرمة
كثيراً ما تحدّثنا عن دعم الأدباء الكبار عمراً أو قدراً للمواهب الشّابة أو كما نسمّيهم اليوم الأدباء الشباب، وكثيراً ما تلقينا شكاوى – في السّنوات الماضية – حول استهزاء البعض بهذه المواهب واستغلالها وسرقة أفكارها، وفي المقابل كان هناك أدباء كبار، عمراً وقدراً وأخلاقاً، أخذوا بيد الشّباب واشتغلوا على بذور فتية في دواخلهم كبرت ونمت وأصبحت لاحقاً حاضرةً بشكل جميل ومميّز.
واليوم، وخلال مهرجان لقاء الأجيال الأدبي الذي يقيمه الاتّحاد العام للكتّاب والصّحفيين الفلسطينيين، بالتّعاون مع مكتبة الأسد، أكّد رافع السّاعدي أمين سرّ الاتّحاد استمراره بدعم هذا الملتقى لأنّه منطلق الأجيال إلى الإبداع والعطاء، مضيفاً: لقد حقق الملتقى خطوات مهمّة بالأخذ بيد الشّباب ليواصلوا الطّريق في بناء الوطن والأمة.. شعارنا بالدّم نكتب لفلسطين والوطن العربي، نحن أبناء المشروع النهضوي العربي الذي يعيد أمجاد الأمة ليكون لها مكانها المشرق فوق الأرض وتحت الشّمس، مبيناً: لقد كان الكتّاب على رأس قائمة الشّخصيات التي يخطّط لاغتيالها الاحتلال الصّهيوني فكان غسّان كنفاني وأمين عام اتّحادنا حنّا مقبل والمبدع ناجي العلي، إنّهم يستهدفون كلّ المثقفين والإعلاميين وكلّ من يقاوم بالقلم وبالطّلقة.
وشارك في المهرجان شعراء وأدباء وفنانون من مختلف الأجيال والتّجارب، ونبدأ بالشّعر الذي تنوّعت مواضيعه بين الوطنية والوجدانية والاجتماعية، إذ ألقى الشّاعر قاسم فرحات قصيدة وطنية بعنوان “سوناتا النّهر”، وأخرى وجدانية بعنوان “أظافر ناعمة”. وألقى الشّاعر محمد حسن علي قصيدة مطلعها “أرجوك لا تكتب أنا عربي”، وأخرى يتغنّى بقريته التي نشأ فيها بحمص.
وخلال مشاركتهم، قدّم الشّاب علي الرّفاعي قصيدة بعنوان: “صراع من الوقت”، وقدّمت شام جنبلاط قصيدة بعنوان: “إعجاز بشري” وأخرى بعنوان: “مناجاة من نوع آخر”، كما شارك جود الدّمشقي مدير فريق مئة كاتب وكاتب الثّقافي الشّبابي بقصائد مختلفة منها “القدس” و”حانوت الحياة” و”خليفة صلاح الدّين”، وفيها ينقل فكرته حول أنّ محرّر القدس سيكون فتاة لا رجلاً، كما شارك محمد الطّلب بقصائد تبيّن تعب الفلسطيني وحزنه وفي الوقت ذاته قوّته وصبره.
بدوره، قدّم الأديب والإعلامي عماد ندّاف قصصاً قصيرة منها “أمل” و”عرفي” و”مرآة”، وأثنى على المهرجان بحضوره الكثيف والواسع، مبيناً: اليوم لدينا أسماء شابّة تظهر على المنابر ونعتزّ بها، وهذا النّبض الشّعري والقصصي والأدبي الذي ينمو في دمشق بعد الحرب لابدّ له أن ينتج قامات وأشجاراً كبيرة في المستقبل.
وتحدّث الفنان التّشكيلي موفّق مخّول عن تجربته في الكتابة والنّقد السّاخر واللاذع الذي نقرؤه على حسابه الخاص في شبكة التّواصل الاجتماعي “فيسبوك”، موضحاً: لديّ إحساس بأنّ الحياة عقوبة إن لم نحسن التّعامل معها ستكون صعبة جدّاً، هناك أشياء كثيرة في حياتنا بحاجة للسّخرية ولاسيّما في المجتمعات الفقيرة لأنّ المجتمعات الغنية لا وقت لديها لذلك، كما أنّها ليست بحاجة له فكلّ شيء مؤمّن لديها وتعيش في رفاهية، مضيفاً: يجب أن نوظّف هذه السّخرية، ولاسيّما التي عشناها خلال سنوات الحرب، للتخفيف من الأعباء الملقاة علينا، فهي في كلّ المجتمعات تخفّف من وطأة الظّروف والألم وليس في بلداننا فحسب، نعم هناك مجتمعات جدّية ولكن هناك أخرى تتمتّع بالسّخرية، مثلنا ومثل المصريين، ومن سخرية الحياة أنّ الأزمات لها سيئاتها وإيجابياتها ولولا سيئاتها ما تعرفنا على كثير من المبدعين، إنّها تحرّضنا على إنتاج شيء لم نكن نعرف أنّه بداخلنا، موضحاً: لقد جمعتنا صداقة وأخوّة مع كتّاب وأدباء وفنّانين فلسطينيين، أجد من الجيّد هنا أن أتحدّث عن معرض جمعنا بالرّاحل ناجي العلي أيّام كنت أرسم الكاريكاتور في الثّمانينيات، كلنا رسمنا حينها عن القضية الفلسطينية إلّا ناجي فكانت مشاركته عبارة عن مرآة ومكتوب فوقها “مطلوب حياً أو ميتاً” وكان كلّ من ينظر إلى المرآة يجد نفسه مطلوباً.
وفي ختام المهرجان، الذي غلبت عليه المحبّة والكلمة النّابعة من القلب، تمّ منح الشّباب والشّابات الذي خضعوا لدورة تنمية مهارات الكتابة الإبداعية التي أقامها الاتّحاد شهادات تثبت مشاركتهم هذه، وقد يفرحون بإبرازها لاحقاً أو ذكرها أو يتنكرون لها كما يفعل بعض من أصحاب النّفوس الضّعيفة.
نجوى صليبه