الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

المقداد: سياسة سورية الخارجية قائمة على السيادة الوطنية ووحدة الأراضي وتحرير كل شبر محتل

عقد مجلس الشعب اليوم جلسته السابعة عشرة من الدورة العادية السادسة للدور التشريعي الثالث برئاسة حموده صباغ رئيس المجلس.

وأكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد في عرض أمام المجلس، أن السياسة الخارجية لسورية ستبقى قائمة على أولويات السيادة الوطنية والاستقلال ووحدة الأراضي وسلامتها وتحرير كل شبر محتل والقضاء التام على المجموعات الإرهابية ورفض مشاريع التقسيم، مشدّداً على تطلّع سورية إلى علاقات قوية وبنّاءة مع أشقائها العرب ومع العالم بأسره بما يحترم مبادئ السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وقال المقداد: أشكركم على دعوتي للحديث أمامكم وأتشرّف بأن أكون هنا بين الممثلين المنتخبين من الشعب السوري والذين منحهم الثقة الغالية لتحمّل مسؤوليات كبيرة في ظل ظروف استثنائية وتحدّيات اجتماعية وسياسية واقتصادية وعسكرية مهمة تمرّ بها سورية، معرباً عن التقدير لمشاركة مجلس الشعب في فعاليات دولية مهمّة ساهمت في شرح مواقف سورية وأوضاعها وتطلّعات شعبها.

وأضاف المقداد: تابعنا جميعاً التصريحات والمواقف التاريخية التي عبّر عنها السيد الرئيس بشار الأسد خلال الأيام القريبة والتي تناول خلالها بالتحليل العميق مختلف الشؤون الوطنية الداخلية ومواقف سورية حيال القضايا الإقليمية والدولية الحالية، مؤكداً في هذا السياق أن وزارة الخارجية والمغتربين تقوم بمتابعة تنفيذ توجيهات الرئيس الأسد والخطوط التي رسمها للسياسة الخارجية المبدئية لسورية القائمة على الدفاع عن استقلالنا وسيادة قرارنا الوطني إلى جانب رعاية شؤون المغتربين السوريين في مختلف أنحاء العالم.

 

سورية صمدت أمام حرب إرهابية غير مسبوقة

وأوضح المقداد أن سورية صمدت لسنوات طويلة أمام حرب إرهابية غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وهي غير مسبوقة لأن بلداً في هذا العالم لم يتم استهدافه بهذه الأعداد من الإرهابيين ولا بحجم الدعم والتمويل والتسليح والغطاء السياسي والإعلامي الذي تلقته التنظيمات الإرهابية في سورية من حكومات دول معروفة لجأت إلى استخدام الإرهاب سلاحاً ضد هذا البلد لا لشيء إلا لأنه يتمسك بسيادته الوطنية واستقلاله ومصيره الحرّ وكرامته.

وأشار المقداد إلى أن صمود سورية كان بفضل قوّاتها المسلحة الباسلة وحكمة قائدها وتماسك مؤسساتها الوطنية بما فيها هذه المؤسسة العريقة مجلس الشعب، وبدعم من الحلفاء والأصدقاء الذين وقفوا إلى جانبنا لإيمانهم بعدالة موقفنا وقضيتنا وحربنا ضد الإرهاب والتطرّف وليقينهم بأننا أقوياء ومتجذّرون عبر التاريخ مهما تعاظمت التحديات والصعوبات.

وبيّن وزير الخارجية والمغتربين أن العمق الأهم لانتصارنا على الإرهاب على الصعيد الوطني ظهر حين أثبت السوريون إرادتهم القوية في الانتصار على الإرهاب بمختلف أشكاله وبرفض الهيمنة الأمريكية والغربية على استقلالنا وقرارنا الوطني وبإرادة الحياة والاستقرار والرفاه لكل السوريين مهما كانت التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

 

نواجه تحدّياتٍ كبيرةً اقتصادياً واجتماعياً

وقال المقداد: ندرك جميعاً أننا نواجه تحدّيات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي في بلد عاش لأكثر من عشر سنوات آلام حرب إرهابية غير مسبوقة ونعلم الأثمان الباهظة التي دفعها شعبنا ودولتنا من أرواح المواطنين الأبرياء ومن تدمير للبنى التحتية والأملاك العامة والخاصة وسرقة للنفط والغاز والقمح والقطن والموارد الطبيعية والتراث الحضاري والإنساني للشعب السوري.. واليوم لا نزال نتعامل مع تحدّيات ليست بالعادية وفي مقدمتها سلسلة واسعة من الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي بلغت حدّاً غير مسبوق باستهدافها لقطاعات المصارف والطاقة والاستثمار والاستيراد والتصدير والاتصالات والنقل الجوي والبحري والبري بغرض رفع مستوى تأثير هذه العقوبات غير الشرعية إلى درجة حرمان الشعب السوري من حقوقه الأساسية في الحياة، ولاسيما حقه في الحصول على الدواء والرعاية الصحية والغذاء المناسبين، إضافة إلى منعه من حقه في الحصول على الموارد الكافية من الماء والكهرباء والاتصالات والتنقل الداخلي والخارجي.

وأشار المقداد إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين وبتوجيه من قائد الوطن لم تتوقف في يوم من الأيام عن طرح هذه القضية الإنسانية والقانونية والأخلاقية سواء على المستوى الثنائي في علاقاتنا مع الدول أم على الصعيدين الإقليمي والدولي في سبيل كشف الأجندة الحقيقية التي تسعى إليها الحكومات التي اتفقت على فرض الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب على الشعب السوري لتحقيق سياسات هدامة وخطيرة قائمة على دعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية في سورية، وممارسة الابتزاز والإرهاب الاقتصادي والسعي المستميت لنشر الفوضى وعدم الاستقرار والتدخل الهدام في مسار التسوية والمصالحة الوطنية لفرض أجندات خاصة لا يمكن أن تكون لمصلحة الشعب السوري ولا حقه في عودة الاستقرار والأمن والرفاه والكرامة الإنسانية للجميع دون استثناء.

وشدّد المقداد على أن سورية تبذل كل جهد في إطار مهامها وعلاقاتها العربية والدولية وبالتعاون مع القطاع الوطني الخاص ومع الأصدقاء والشركاء الخارجيين من أجل استعادة القدرة في مجالات تحقيق التعافي المبكر وإعادة البناء والعودة إلى مسار التنمية المستدامة، وتسعى في هذا الإطار إلى الرفع الفوري وغير المشروط لجميع الإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب المفروضة عليها ولاسيما على قطاعات المصارف والنقل الجوي والبحري والاتصالات والطاقة والنفط، إضافة إلى تعزيز فرص التبادل والتعاون التجاري والاقتصادي والصناعي والزراعي مع العديد من الدول الصديقة وتأسيس مسارات مبتكرة وخلاقة في العمل المشترك تساعد في تجاوز المنظومات التجارية والمالية والمصرفية التي تتحكم الولايات المتحدة بها، وتساعد أيضاً في المجال الأكثر حيوية الذي تحدّث عنه الرئيس الأسد في مقابلته الأخيرة ألا وهو سبل إعادة بناء وتأهيل قطاع الطاقة الكهربائية الذي تعرّض للتخريب والتدمير الممنهج والذي يشكّل العصب الأساسي في عملية التنمية في المجالات الزراعية والصناعية والاقتصادية والخدمية والحضارية.

 

وجوب خروج القوات الأمريكية والتركية المحتلة

كذلك شدّد المقداد على وجوب خروج القوات الأمريكية والتركية المحتلة من جميع الأراضي السورية وإعادة بسط سيطرة الدولة السورية على مختلف هذه المناطق وإعادة إعمار وصيانة محطات النفط والغاز وتوجيه مواردها لمصلحة الشعب السوري حصراً، مشيراً إلى أن تآمر المجموعات الانفصالية على مصالح الوطن يضعها في خانة الأعداء وأن خيارها الوحيد هو العودة إلى الضمير الوطني لأن الولايات المتحدة خذلت كل من تحالف معها ضد وطنه وما أفغانستان في الأمس إلا دليل على ذلك.

وقال المقداد: لن تغيب عن بالنا الحقيقة الأبرز في هذا المجال وهي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأتباعهم في المنطقة لا يزالون غير قادرين على القبول بهزيمة مشروعهم العدواني ضد سورية والذي كان الإرهاب السلاح الأبرز فيه وعلى حساب السلم والأمن الدوليين، لافتاً إلى أن هذه الأطراف لا تزال تعتقد واهمة أن بإمكانها تقرير حاضر سورية ومستقبلها وأن بإمكانها السيطرة على مسار الحل فيها وأن بإمكانها أن تكتب دستوراً جديداً وأن تفرض نظاماً سياسياً جديداً وهوية وطنية وقومية جديدة على السوريين، ولذلك فإن هذه القوى والحكومات لن تتوقف عن استخدام الإرهاب الاقتصادي ضد سورية وضد كل حكومة لا تخضع لهيمنتها.

 

المعضلة الأساسية في عمل اللجنة وجود طرف سمّته تركيا

وأضاف المقداد: لقد تابعتم مجريات الجولة الثامنة من أعمال لجنة مناقشة الدستور التي انعقدت مؤخراً في جنيف وإننا لا نزال نرى كما أكد السيد الرئيس أن المعضلة الأساسية التي تقف أمام عمل هذه اللجنة هي وجود طرف قامت تركيا بتسميته لا يزال مصرّاً على طرح أفكار أو معارضة أفكار بما يخدم أجندة التدخل الخارجي في الشأن السوري وفي عملية كتابة الدستور دون احترام طموحات وتطلعات السوريين جميعاً ورؤيتهم لمستقبل أفضل يسوده السلام والعدل والاستقرار والأمن والرفاه للجميع في سورية.

وأوضح المقداد أن هناك أصواتاً داخل هذه الاجتماعات ترفض الحديث حتى يومنا هذا عن ضرورة رفع الإجراءات القسرية الأحادية الجانب وعن مطالبة الدول التي قامت بفرضها بدفع التعويضات المناسبة، كما ترفض الحديث عن الحق في التنمية وفي إعادة إعمار ما دمّره الإرهاب والعدوان الخارجي وعن حق اللاجئين في العودة الآمنة والطوعية في منأى عن أي شروط سياسية خارجية، لافتاً إلى أن ذات الأصوات لا تزال تستجلب تجارب فاشلة أدّت إلى تفكيك مؤسسات الدول وإلى زرع أفكار ومبادئ غريبة عن مجتمعاتها في مقدّمتها المحاصصة والفيدرالية وتفكيك وإعادة هيكلة المؤسسات الرسمية بغرض إضعاف دور الدولة ومركز وقيمة قوانينها الوطنية، وبما يمهّد الطريق أمام التدخل الخارجي وخرق السيادة الوطنية وزعزعة التماسك الاجتماعي.

وبيّن المقداد أن هناك أطرافاً تزعم تمثيل السوريين لكنها تروّج لأفكار ومصالح ومخططات أمريكية وغربية وحتى صهيونية وتركية وإخوانية كان من المفترض أن تنجح هذه الأطراف في تحقيقها في سورية عبر سلاح الإرهاب والضغط السياسي والاقتصادي، مشيراً إلى أن من يسكن في الفنادق الغربية الفارهة ويتواصل مع أعداء الوطن ويطالبهم بتشديد الإجراءات القسرية على الشعب السوري لا يمكن أن يصدّق أحد ادّعاءه الكاذب بالحرص على مصالح الشعب السوري وحاضره ومستقبله.

 

أولوية الدولة استعادة الأمن والاستقرار

وأكد المقداد أن الاهتمام الأساسي للدولة السورية في مجال العلاقات الخارجية ينصب على قضية استعادة الأمان والاستقرار في جميع أنحاء البلاد وتبقى هذه الغاية أساسية ومرتبطة بمسارات سياسية وميدانية متعددة، ومن ضمنها ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد من أن كل أرض سورية محتلة هي خاضعة للخطط العسكرية والسياسية السورية من أجل التحرير، وأن هذا الموضوع محسوم وأي أرض تحتلها تركيا أو الولايات المتحدة أو (إسرائيل) أو التنظيمات الإرهابية سيتم تحريرها.

وأشار المقداد إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين مستمرة بإثارة موضوع الاحتلال والعدوان التركي في مختلف المحافل الدبلوماسية والدولية، وتشدّد في جميع اتصالاتها على أن العدوان والاحتلال هما التوصيفان القانونيان والواقعيان الوحيدان اللذان ينطبقان على الوجود التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وعلى أن الأفعال المدمّرة التي يمارسها النظام التركي فوق الأراضي السورية ما هي إلا عمل من أعمال العدوان وسعي لإنشاء بؤر متفجرة دائمة داخل سورية لضمان الاستمرار في سياسة رعاية وتسليح وتشغيل تنظيمات إرهابية بما يخدم السياسات المراوغة والانتهازية التي يتبناها نظام أردوغان والتي باتت تشكّل خطراً مستفحلاً على السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

وأوضح وزير الخارجية والمغتربين أن صوت سورية وصل إلى كل أرجاء العالم، حيث أكدت أن أي إجراءات أو أنشطة مارسها أو يمارسها النظام التركي على الأراضي السورية هي أفعال غير شرعية ولاغية ولا ترتب أي أثر قانوني أو واقعي، بل ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كونها قائمة على العدوان والاحتلال وعلى ممارسات التطهير العرقي والاجتماعي وعلى نقل السكان وتهجيرهم من بيوتهم ومناطقهم الأصلية وعلى الاستيلاء على ممتلكاتهم وبيوتهم وأراضيهم وعلى تهديد حياتهم ومستقبلهم، مبيّناً أن سورية حذرت مراراً وتكراراً من العواقب القانونية الناجمة عن الانخراط في تمويل المشاريع والبرامج التي ينفذها الاحتلال التركي على الأراضي السورية المحتلة بذريعة معالجة الوضع الإنساني للاجئين السوريين وتأمين العودة لهم إلى أماكن تم تهجير وتشريد سكانها الأصليين والاستيلاء على ممتلكاتهم.

وشدّد المقداد على أن وزارة الخارجية والمغتربين تولي أهمية قصوى لإيصال خطط الحكومة في مجال تأمين العودة الآمنة والطوعية لجميع السوريين المهجرين داخل البلاد وخارجها إلى الدول والمنظمات الدولية باعتبارها مسؤولية حصرية وواجباً على عاتق الدولة السورية استناداً إلى الدستور والشرعية الدولية، لافتاً إلى أن تأمين عودة المهجّرين عملية مستمرة منذ سنوات وترتكز إلى أسس واضحة لا لبس فيها وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب وإخراج المجموعات الإرهابية من المناطق التي كانت تسيطر عليها واستعادة الأمن والاستقرار في مختلف المناطق والقرى والمدن وإخراج جميع القوات الأجنبية المحتلة من الأراضي السورية، هذا إلى جانب احترام القوانين والأنظمة الوطنية التي تصون حقوق جميع المواطنين وتحفظها وفي مقدمتها حقوق الملكية العقارية والزراعية الخاصة والحق في العودة إلى الأرض والموطن والمنزل مع التشديد على عودة هؤلاء المهجّرين بشكل طوعي وبكرامة وفقاً للقانون الدولي الإنساني، علماً أن الإرهابيين وداعميهم هم المسؤولون عن تهجيرهم وعذاباتهم.

 

المصالحات الوطنية سياسة ثابتة لسورية

وبيّن وزير الخارجية والمغتربين أن الاستمرار في مسار المصالحات الوطنية هو سياسة ثابتة لسورية لأنها تحقق منذ سنوات إنجازات مهمة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي الوطني، بل تعزّزت مفاعيلها كثيراً نتيجة صدور العديد من مراسيم العفو الرئاسية وآخرها المرسوم التشريعي رقم 7 في الـ30 من نيسان الماضي الذي تضمّن عفواً عاماً عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ صدوره عدا تلك الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان، موضحاً أن من يستفيد كثيراً من هذا المرسوم هم المواطنون السوريون خارج البلاد لأن المواطنين داخل البلاد استفادوا من المراسيم السابقة في تسوية أوضاعهم.

ولفت المقداد إلى أن مرسوم العفو الأخير يختلف عن مراسيم العفو السابقة وهو استثنائي بطبيعته القانونية والاجتماعية والسياسية حيث يعكس مرحلة متطوّرة ونقطة تحوّل جوهرية في إطار جهود السيد الرئيس المستمرة التي تعكس إرادة حقيقية لترسيخ مفاهيم المصالحة والتسامح بشكل مستدام، مشيراً في هذا السياق إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين أصدرت التعليمات والتوجيهات اللازمة للبعثات الدبلوماسية والقنصلية في مختلف أنحاء العالم من أجل استقبال المواطنين السوريين الراغبين بتسوية أوضاعهم استناداً إلى مراسيم العفو التي صدرت منذ عام 2011 وصولاً إلى المرسوم التشريعي رقم 7 وكذلك المواطنين السوريين الذين يرغبون بالاستعلام عن أوضاعهم وفيما إذا كانوا مشمولين بمرسوم العفو الأخير وذلك بغية تسهيل عودتهم أو زيارتهم إلى بلدهم في أي وقت يرغبون فيه حيث يتم تلقي عشرات الطلبات يومياً من المواطنين في الخارج.

وقال المقداد: لقد خاطبت وزارة الخارجية والمغتربين وزراء الخارجية في أكثر من مئة دولة ومجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ووضعتهم في صورة الإجراءات التي تقوم بها سورية في مجال تسهيل عودة جميع اللاجئين السوريين إلى أرضهم وبيوتهم ومزارعهم وأعمالهم وبما يعكس الرؤية الواضحة للدولة السورية من أجل تعزيز مناخات الاستقرار والأمن المجتمعي، كما دعت دول العالم إلى التعاون ودعم جهود سورية في تطوير مقاربة سياسية إيجابية وبنّاءة في التعامل مع الوضع فيها بمنأى عن أي اعتبارات لا تأخذ المصلحة الوطنية السورية وآفاق تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه لشعبنا السوري وجهود مكافحة الإرهاب بعين الاعتبار.

وأكد المقداد مجدّداً توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد بأن من حق كل مهجّر أو لاجئ سوري أن يعود إلى ممتلكاته العقارية والزراعية وإلى منزله وموطنه وأرضه في المناطق التي استعادت الدولة السورية السيطرة عليها بعد تحريرها من المجموعات الإرهابية، وتعمل سورية ما أمكن من أجل توفير مقومات الحياة الأساسية في تلك المناطق على الرغم من الحصار الاقتصادي المفروض عليها وذلك اعتماداً على الموارد الوطنية وبالتعاون مع الدول الصديقة على الرغم من العراقيل التي تضعها الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بما يخالف القواعد الأخلاقية وكل القرارات الدولية ذات الصلة، متسائلاً هل تساعد الإجراءات القسرية الأحادية الجانب المفروضة على سورية اللاجئين على العودة إلى بلدهم؟ وهل يدعم الحصار غير الأخلاقي أنشطة التعافي المبكر والتنمية وإصلاح المدارس وتأهيل البنية التحتية وخطوط جر المياه وبناء المراكز الصحية والطبية؟ أم أنها أساليب لمنع هؤلاء السوريين من العودة؟.

 

مواجهة “إسرائيل” على رأس الأولويات

وأوضح المقداد أن مواجهة خطر (إسرائيل) وعدوانها واحتلالها للأراضي العربية في فلسطين والجولان وغيرهما من أراضٍ محتلة في جنوب لبنان تبقى حاضرة على رأس أولويات السياسة الخارجية لسورية، مشدّداً على أن الصراع العربي الإسرائيلي سيبقى الهم الأساسي للسياسة الخارجية السورية وفي العلاقات مع دول العالم ويخطئ الكيان الإسرائيلي الغاصب ومن يقف وراءه إذا توهّم بأن الزمن ينسينا حقوقنا مهما طال.

ولفت وزير الخارجية والمغتربين إلى أن (إسرائيل) كانت وستبقى راعية الإرهاب في المنطقة مع حلفائها الولايات المتحدة والغرب الاستعماري والنظام التركي وهي لن تتوانى عن ممارسة جميع أشكال العدوان من أجل ضمان استمرار المجموعات الإرهابية ومنع انهيارها، مشيراً إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية هي عمل إرهابي وسعي مستميت لرفع معنويات الإرهابيين وإعادة تحريكهم وهي سلوك عدواني مرتبط بشكل عضوي بما تمارسه قوات الاحتلال التركي في شمال سورية من أعمال احتلال وعدوان وتخريب وتهجير ومحاولات استيطان ودعم للإرهاب، وذلك في إطار السعي المحموم للإسرائيليين والأمريكيين والغربيين والنظام التركي إلى استدامة الفوضى والإرهاب في المنطقة وقطع الطريق أمام آفاق الحل السياسي الذي يختاره السوريون وحدهم في منأى عن مثل هذه التدخلات السافرة.

وبيّن المقداد أن الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية لا تعدو كونها حسابات خاطئة وحمقاء وتعكس نهجاً تصعيدياً ونمطياً خطيراً يزيد من مستوى التهديدات والتحديات التي تواجه السلم والأمن الإقليميين والدوليين ويفتح الباب على مصراعيه أمام احتمالات التوتر والتصعيد والفوضى في المنطقة، مؤكداً رفض سورية وإدانتها هذه الاعتداءات وتوصيفها على حقيقتها القانونية والواقعية باعتبارها جرائم متعمّدة وتهديداً مباشراً للسلم والأمن الإقليميين والدوليين.

 

التزام سورية بالقضية الفلسطينية ثابت

وشدّد المقداد على أن التزام سورية بالقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية ثابت لا يهتز، مبيّناً أن التحديات والجرائم التي ترتكبها (إسرائيل) يومياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة لن تزيدنا إلا عزيمة للوقوف إلى جانب صمود الشعب الفلسطيني وحشد كل الجهد العربي والدولي لإدانة (إسرائيل) وتعرية أهدافها لأنها لا تريد السلام بل تريد الأرض والسلام معاً وهو أمر يستحيل أن نقبل به.

 

هناك فرصة لتعزيز الصف العربي

وبشأن علاقات سورية الخارجية ولاسيما مع الأشقاء العرب، أشار المقداد إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين مستمرة بتنفيذ توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد القائمة على رؤية واقعية ثاقبة تأخذ بعين الاعتبار ظروف الحرب الإرهابية التي تعرّضت لها سورية والنتائج السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي أفرزتها السنوات العشر الأخيرة على الصعيدين العربي والإقليمي، ولاسيما في ظل الانتصارات الميدانية التي حققناها مع حلفائنا على الأرض في مواجهة التطرّف والإرهاب ومؤشرات هزيمة المشروع الإخواني والغربي الذي استهدف الهوية الوطنية والقومية في سورية وعدد من الدول العربية، هذا إلى جانب إرادة الأغلبية الساحقة من الأشقاء العرب في إعادة مستوى العلاقات مع سورية إلى ما كان عليه قبل سنوات الأزمة.

وقال المقداد: أشدّد على ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد مؤخراً من أن علاقاتنا مع معظم إخواننا العرب لم تتأثر في المضمون بقدر ما تأثرت بالشكل، وإننا ننظر اليوم إلى المستقبل بإيجابية رغم سنوات الحرب وما خلفته من دمار وخسائر، وذلك من أجل تلبية تطلعاتنا في إقامة أفضل العلاقات البينية والجماعية وتجاوز الخلافات أو التخفيف من حدّتها وتأثيرها في العمل العربي المشترك والانطلاق نحو المستقبل وفق رؤية استشرافية تأخذ بعين الاعتبار مصلحتنا جميعاً كدول عربية في تعزيز العلاقات السياسية واستعادة موقعنا المؤثر في المنطقة وفي العالم وفي صون واستعادة حقوقنا وأراضينا المغتصبة وفي بناء اقتصادات متكاملة ومتعاونة قوية وفي تعزيز هويتنا الثقافية والحضارية والسعي نحو توطين التقانة واستخدامها بالشكل الأمثل لدعم الزراعة والصناعة والتجارة ومشاريع الطاقة والمياه وتوفير الخدمات الأساسية للجميع.. وندعو إلى ترميم ما شهدته العلاقات العربية-العربية من تراجع فهناك فرصة متجدّدة لتعزيز الصف العربي في مواجهة تحديات التنمية والتطور والتحرر التي لا بد من التعامل معها بصف واحد.

وجدّد المقداد التأكيد أن أبواب دمشق مفتوحة لجميع الأشقاء العرب بما فيها تلك الدول التي اختلفنا معها خلال سنوات الأزمة، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد نحن واقعيون ومبدئيون في الوقت نفسه ولن نفرّط بحقوقنا ونسعى إلى إعادة بناء ما دمّرته الحرب الإرهابية معتمدين على طاقاتنا الوطنية ودعم أشقائنا وأصدقائنا ومساهمة كل حكومة تحترم خياراتنا الوطنية في مختلف المجالات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وأوضح المقداد أن العالم الذي عاش فيه أسلافنا ونعيش فيه نحن الآن يتغيّر بسرعة ولم تكن العولمة والإنجازات العلمية الحديثة هي الحل الناجع لآلام البشرية التي كان الأساس فيها هو الاستعمار والعنصرية والتحكم بمصائر الشعوب، مؤكداً أنه يخطئ كثيراً من يعتقد أن العالم قد تغيّر كثيراً منذ قيام الثورات التحررية في العالم فالحكومات الغربية ما زالت تتعامل مع معظم دول العالم النامية من منطلق استعماري يقوم على شرذمة الشعوب واستغلال ثرواتها وطاقاتها وتسخير كل شيء لمصالحها.

 

ندعم روسيا في الدفاع عن أمنها واستقلالها

ولفت المقداد إلى أن موقف سورية من العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا كان وسيبقى قائماً على اعتبارات سياسية وأخلاقية وقانونية راسخة، فنحن في سورية نملك خبرة واسعة في نفاق الغرب وسياساته المعلنة ودفعنا في عدد من المناسبات ثمن خبرتنا العميقة في كشف كذب هؤلاء وازدواجية مواقفهم وأجنداتهم الحقيقية وقاومنا نفاقهم القائم على الجمع بين شعارات الديمقراطية وبين ممارسات الاحتلال والعدوان ودعم الاحتلال والتهديد باستخدام القوة والتوسع وواجهنا مع العديد من دول العالم الحرة محاولاتهم المستميتة لاستهداف السيادة الوطنية لهذه الدول عبر تسخير الإرهاب والسلاح والحصار الاقتصادي للضغط على شعوبنا واستنزاف طاقاتنا الوطنية.

وأوضح المقداد أن سورية لم تتردّد في التعبير عن دعمها للعملية العسكرية الروسية الخاصة دفاعاً عن حق روسيا الاتحادية الصديقة في حماية أمنها واستقلالها واستقرارها وسلامة ووحدة أراضيها، لافتاً إلى أن من يقرأ التاريخ والجغرافيا المشتركة بحياد وواقعية سيصل إلى قناعة مطلقة بأن الولايات المتحدة لم ولن تتخلى يوماً عن السياسة العدوانية والتوسعية تجاه روسيا والصين وكل الدول التي لا تخضع للهيمنة الغربية ولا عن استهداف الأمن والاستقرار في أوراسيا وطمس اعتبارات الجغرافيا السياسية، وندرك أننا لا نعيش في عالم مثالي لكننا نعي أنه لم يعُد ممكناً لروسيا شعباً وقيادة الانتظار حتى يتم نصب صواريخ حلف الناتو على حدودها أو في قلبها.

وقال المقداد: نحن على يقين تام وقد سمعنا ذلك مراراً وتكراراً من أصدقائنا في موسكو، بأن روسيا الاتحادية لا تملك أي أطماع خارجية سواء في أوروبا أو خارجها لكنها لن تقف في الوقت ذاته مكتوفة الأيدي وهي ترى أن الولايات المتحدة تقود حلف الناتو بشكل أعمى ومتهوّر ليوجّه ترسانته وصواريخه نحو كل شبر في روسيا ويحاصر الأراضي الروسية من الغرب والشمال والجنوب ويستهدف الاستقرار السياسي والاجتماعي في كل دولة تحيط بروسيا.

 

أوروبا هي الخاسر الأكبر من المواجهة مع روسيا

وأضاف المقداد: لا أحد في الغرب قلق اليوم من تداعيات الأزمة الأوكرانية على الأمن الغذائي العالمي وكل ما يفكر به الغرب المنافق هو عزل روسيا الاتحادية وحلفائها وأصدقائها وتأمين الغاز والنفط والقمح والغذاء لمواطني الدول الغربية فقط، لكن في نهاية المطاف فإن دول الاتحاد الأوروبي ستكون الخاسر الأكبر نتيجة التورّط في مواجهة أشعلتها واشنطن ولندن مع روسيا الاتحادية.. وأنا لا أتحدث عن خسائر اقتصادية ومالية وعن إمدادات الغاز فحسب، بل عن خسائر جدية بعيدة المدى ترتبط بموقع الاتحاد الأوروبي عالمياً وبالوضع الأمني والسياسي والاجتماعي في القارة الأوروبية وبأمن منطقة المتوسط بأسرها، حيث لا أحد يستفيد من اهتزاز هذا الموقع ومن ضعضعة الأمن والاستقرار في أوروبا والمتوسط سوى واشنطن التي طالما اعتمدت عقيدة سياسية قائمة على الاستثمار في ربط الذهب بالدولار والسيطرة على منابع وأسواق النفط والغاز والمعادن إلى جانب الاستثمار في القوة العسكرية.

وشدّد وزير الخارجية والمغتربين على ضرورة أن يفكر الأوروبيون مليّاً بمبررات الموقف العدائي المتشدّد للحكومة البريطانية تجاه روسيا الاتحادية والذي أعقب الانفصال عن الاتحاد الأوروبي رغم أنه يشكّل البعد والامتداد الجغرافي والسياسي والاقتصادي والأمني الطبيعي لبريطانيا، مبيّناً أن الحكومة البريطانية منسجمة بشكل مطلق مع الأجندة الأمريكية وذلك على حساب علاقاتها الطبيعية والجغرافية والتاريخية مع جيرانها الأوروبيين، وعلى حساب أمن واستقرار منطقة المتوسط بأسرها.

ولفت المقداد إلى أنه بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب الإرهابية التي شُنّت على سورية لم يعُد بمقدور أي طرف أن يعتبر الحياد أو الوقوف في الوسط خياراً ونحن اخترنا طلب الدعم والمساعدة من الأصدقاء الروس والأصدقاء في إيران وغيرهما من القوى الخيّرة في التصدي للإرهاب وداعميه واخترنا تعزيز العلاقات والتحالف السياسي والاقتصادي والعسكري مع هؤلاء الأصدقاء لأننا نتشاطر في النهاية المبادئ الإنسانية والأخلاقية والسياسية العليا ذاتها ونملك رؤية مشتركة نحو عالم حرّ سياسياً واقتصادياً ومتعدّد الأقطاب ونحو علاقات دولية قائمة على احترام مبادئ السيادة والاستقلال وحق جميع شعوب العالم في الرفاه والأمن.

وأكد المقداد أن السياسة الخارجية لسورية التي يضع السيد الرئيس بشار الأسد خطوطها الدقيقة والتي تعمل وزارة الخارجية والمغتربين على تنفيذها بالتعاون والتنسيق مع جميع المؤسسات الحكومية والوطنية هي سياسة منفتحة وواقعية ومرنة ولكن مبدئية، وستبقى قائمة على أولويات السيادة الوطنية والاستقلال وعلى وحدة الأراضي السورية وسلامتها وعلى تحرير كل شبر محتل منها وعلى القضاء التام على المجموعات الإرهابية وإنهاء جميع أشكال حمل السلاح غير الشرعي وعلى رفض مشاريع التقسيم والتفكيك وإضعاف مؤسسات الدولة واستهداف هويتها ومركزها ودورها، وعلى تحقيق الرفاه والاستقرار والأمن المجتمعي والاقتصادي في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية.

وقال المقداد: نحن لم نعتدِ على أحد ولا نقبل أن يعتدي أحد علينا ونحن لم نسلب حق أو أرض أحد ولا نقبل أن يسلب أحد حقنا أو أرضنا ولم نتدخل في شؤون أحد ولا نقبل أن يتدخل أحد في شؤوننا الوطنية ولم نفرض على أحد نماذج حكم أو مسار علاقات وسياسات خارجية لا تراعي المصالح الوطنية ولا نقبل أن يمارس أحد في حقنا مثل هذه التدخلات السافرة، وسنبقى نقاوم كل من يسعى إلى إقصائنا أو عزلنا وهي مسؤولية وطنية تاريخية لن نتوانى عن الاضطلاع بها مهما تعاظمت الضغوط والتحديات.

وختم المقداد بالتأكيد أن سورية دولة قوية وذات سيادة وتعتز بهويتها الوطنية والعربية وهي تتطلع إلى بناء علاقات قوية وبنّاءة ومنتجة مع أشقائها العرب ومع العالم بأسره بما يحترم مبادئ السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ونبذ استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ويتسق مع أولويات السياسة الخارجية السورية ويحقق الرفاه والنمو المستدام للسوريين وللبشرية جمعاء دون استثناء أو إقصاء.

وبعد ذلك أجاب وزير الخارجية والمغتربين عن مجمل تساؤلات وطروح أعضاء المجلس.

وعقب الجلسة وفي تصريح للصحفيين أكد الوزير المقداد أن الوزارة دعمت عمل وأنشطة الدبلوماسية البرلمانية، معبّراً عن تقديره لمشاركة مجلس الشعب في فعاليات دولية مهمّة ساهمت في شرح مواقف سورية وأوضاعها وتطلّعات شعبها.

وفي مستهل الجلسة أقرّ المجلس مشروع القانون المتعلق بالتصديق على انضمام سورية إلى الاتفاق الإطاري لإنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية وأحال مشروع القانون المتضمّن جبر أجزاء المئة ليرة سورية للقيمة الإجمالية المستحقة إلى المئة ليرة سورية الأعلى لكل المبالغ المتعلقة بالرسوم والتكاليف المحلية المفروضة على المطارح في معرض تطبيق أحكام قانون الموازنة المستقلة رقم 35 لعام 2007 إلى لجنة الإدارة المحلية والتنمية العمرانية لدراسته موضوعاً وإعداد التقرير اللازم حوله.

كذلك أحال المجلس مشروع القانون المتضمّن تعديل بعض مواد القانون رقم 2 لعام 2013 الخاص بالسجل السياحي إلى لجنة الخدمات ومشروع القانون المتضمن تعديل المادة 85 من قانون عقود وزارة الدفاع رقم 2 لعام 2022 إلى لجنة الأمن الوطني لدراستهما موضوعاً وإعداد التقارير اللازمة حولهما.

ورفع رئيس المجلس الجلسة التي حضرها وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب عبد الله عبد الله إلى الساعة الـ12 من ظهر يوم غدٍ الثلاثاء.