مشاركتنا المتوسطية بين الثقة والأمل والواقع
ناصر النجار
كل التصريحات التي أطلقها القائمون على رياضتنا حول المشاركة في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط كانت جميلة وتطرب الآذان وتثلج الصدر، فكمية التفاؤل كانت كبيرة، والثقة بلاعبينا كانت أكبر، ولم يبق لنا إلا التتويج والعودة بالميداليات البرّاقة.
الموضوع هنا ينقسم إلى قسمين: القسم الأول يتعلق بالأمنيات، وهي حالة شعورية عاطفية مازلنا نعيش عليها ونأمل تحقيقها مع كل بعثة مسافرة إلى الخارج، فالرياضة حالة وطنية، وكلنا نتمنى الحصاد الجيد والمراتب العالية.
القسم الثاني يتعلق بالمنطق والواقع، وهو أمر يجب أن يؤخذ بالحسبان والاعتبار حتى لا نفاجأ إن لم نحصل على المراد والمطلوب من هذه المشاركة.
كلنا ثقة وأمل بأن بعض لاعبينا سيتوّجون، خاصة معن أسعد ومجد الدين غزال فهما من نخبة أبطالنا، ولهما صولات وجولات عالمية عديدة، أما بقية لاعبينا فإن تتويجهم سيكون متوقفاً على مستوى المشاركين.
الاستعداد الذي سبق المشاركة ليس مثالياً، لكنه قد يكون واقعياً استناداً لإمكانياتنا المتاحة، فعندما تسأل أبطالنا المشاركين يقولون لك استعداد الآخرين كان أشمل وأفضل وأقوى، ومع ذلك فإن ثقافة الفوز تجدها غالبة على لاعبينا من باب التحدي وإثبات الوجود.
أحد خبرائنا قال: لا يكفي استعداد خارجي مدته شهران في روسيا والعراق وإيران لتحقيق ميدالية، فالدورة تحتاج لاستعداد متواصل ومتنوع، ومشاركات رسمية عديدة ليصل اللاعب إلى الفورمة الكاملة والجاهزية الفنية والبدنية العالية المطلوبة، إضافة إلى الحضور الذهني بتركيز عال.
لا يمكننا لوم لاعبينا واتحاداتنا على سوء التقصير مادام شعارنا الإمكانيات المتاحة، فكل دول العالم باتت الرياضة عندها محترفة، وما يقدم للرياضي ليحقق الميدالية المنتظرة أكثر مما نتخيل ومما نتصور.
العودة إلى الجذور والأصول هو السبيل الوحيد للوصول إلى منصات التتويج، نحن هنا لن نلوم رياضتنا مادامت أعذارها جاهزة، ولكن نلوم إن بقينا ندور حول أنفسنا بهذه الأعذار، ونبقى منتظرين الطفرات والمواهب لتقدم لنا الإنجازات.
نحن لا نستعجل الإنجازات، ولا نبحث عن البطولات، ما نريده تماماً أن نعيد بناء الرياضة من القواعد وفق الأصول، وأن تسير رياضتنا بخط مستقيم واضح، والبطولات ستأتي وحدها.
من غير المنطقي أن تكون مشاركاتنا حجة للمزيد من التغيير والتبديل في الاتحادات الرياضية، فتقييم الاتحادات الرياضية يجب أن يكون وفق معيار علمي، ووفق الإمكانيات المقدمة، فكيف لنا أن نقيم واقعنا الرياضي ضمن الإمكانيات المتاحة، وكيف لنا أن ننتظر التفوق الرياضي ومازلنا نفتقد للثقافة الرياضية الاحترافية على كل الصعد: الفنية والإدارية والتنظيمية والطبية والتقنية والإعلامية.
رياضتنا تحتاج إلى إعادة بنائها من الصفر، وهذا العمل يجب أن نبدأ به من الآن، على أمل أن تحمل مشاركاتنا في الدورات الرياضية القادمة تفاؤلاً مشوباً بالكثير من الثقة والإرادة والتصميم.