ثقافةصحيفة البعث

يوم الانقلاب الموسيقي

حلب – غالية خوجة

انقلب الإنسان السوري على الهمجية منذ كتب الأبجدية الموسيقية الأولى على رقيم طيني، تماماً، كما فعل وهو ينقلب على ظلمات العقل إلى نوره مع تدوينه لأول أبجدية حروفية أوغاريتية، ولذلك، فإن عيد الموسيقا قديم في سورية، وقديم في حلب الشهباء المحتفلة بهذه المناسبة، من خلال حفلتين على مسرح دار الكتب الوطنية: الأولى في يوم الانقلاب الموسيقي (21)، للمطرب عمر سرميني مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عبد الحليم حريري، والثانية في اليوم التالي (22)، ويحييها كورال نادي شباب العروبة للآداب والفنون.

ورثتُ السرّ منذ 100 عام 

وعن السر الذي بينه والموسيقا، قال المايسترو عبد الحليم حريري نقيب الفنانين بحلب لـ “البعث”: الموسيقا عشقي ووسيلتي لصفاء روحي، فكما الجسد يحتاج لغذاء فالروح كذلك، وغذاؤها الموسيقا، وهذا سر من أسرار علاقتي مع الموسيقا، فلقد ولدت في عائلة فنية عريقة، جدي صبحي حريري كبير منشدي حلب في أوائل القرن العشرين، وأكمل مشواره، والدي مصطفى، ولقد كانا مؤذني جامع قارلق لحولي مائة عام، وأخوتي الثمانية عازفين على آلات مختلفة.

وتابع: بدأت بتعلم العزف على الكمان في سن السادسة إضافة لتحصيلي العلمي، إلى أن احترفت الموسيقا في سن مبكرة، ورغم حصولي على إجازة في الحقوق وممارسة المحاماة لسنوات قليلة، إلا أن روحي شدتني للعودة لأحضان الموسيقا، فأسست الفرق الموسيقية، وجبت العالم، أمثل التراث الحلبي الغنائي في المهرجانات الدولية والعربية والسورية.

أهم موروث غنائي إنساني  

وعن الموسيقا وحلب، قال الحريري: حلب بوتقة الموسيقا والغناء في شرق المتوسط، وصهرت موسيقا المنطقة كلها في بوتقتها، لكنها تنتج موسيقاها وغناءها الخاص المميز، وأهم ما استمر إلى يومنا من هذا الغناء هو القدود الحلبية، والموشحات الحلبية، والموال السبعاوي، ومازالت هذه الفنون وغيرها تعيش وتتطور في أحضان هذه المدينة الشهباء، ومن هنا، كان لحلب أهمية خاصة في تاريخ الغناء والموسيقا العربية.

واختتم: نحن في نقابة الفنانين كنا وما زلنا حريصين على المشاركة في الاحتفالات بعيد الموسيقا العالمي منذ بضع عشرات من السنين، وتتميز احتفالات هذه السنة بالاحتفاء بإدراج منظمة اليونيسكو للقدود الحلبية على لائحة التراث الإنساني، لذلك، فاحتفالاتنا هذا العام والأعوام القادمة، ستتضمن فقرات للقدود الحلبية لتكريسها كأهم موروث ثقافي غنائي في حضارتنا.

لغة حلب لغة الكون  

ورأى الفنان عمر سرميني أن الموسيقا لغة العالم أجمع ولغة الكون، وأضاف: الموسيقا مرتبطة بالفنان ارتباطاً وثيقاً بكافة تنويعاتها وتنوعها، وحلب تتميز بمكانتها الطربية في العالم العربي والأجنبي، وهذا بحكم مخزونها الهائل من منشدين ومطربين وحتى السميعة والذواقة والزوايا الدينية المنتشرة في كافة أرجائها.

وأخبرنا عن بداياته: بدأت بصحبة والدي الشيخ محمد سرميني رحمه الله، ثم إلى الزوايا الدينية المنتشرة في حارات حلب، وفيها يقدم الإنشاد والموشحات، ومن هنا بدأت، وبعمر مبكر جداً، وتابعت وتوطدت العلاقة بيني والموسيقا ودرست بعدها في المعهد الغناء والعزف.

وبمناسبة اليوم العالمي للموسيقا، تسمعنا حلب، ويسمعنا العالم، ولا بد من وصلة موشحات ودور وقصائد وموال وقدود حلبية وقلب موسيقي.

قيثارة العالم ساحرة 

بينما أكد محمد حجازي مدير المسرح القومي بحلب على أهمية الموسيقا كلغة كونية، ودورها في حياة الأمم، متابعاً: قديماً، جعلت بعض الشعوب الموسيقا أحد وأهم الآلهة لديها، لاعتقادها بالسحر الكبير الذي تؤديه في النفوس وتأثيره على الأرواح، وفي سورية، عرفت أول آلة موسيقية، وسورية هي قيثارة هذا العالم ومحور حضارته، ونحن نحتفل كباقي مدن العالم في حلب بعيد الموسيقا العالمي بكثير من الدفء، لأننا في حلب نغني وننشد للحب والحياة والموسيقا، ولأن حلب بوابة الفن ومفتاح الصول في الموسيقا السورية، وفي جميع المحافظات السورية نحتفل معاً بما تقيمه وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا من أنشطة فنية مختلفة من الأغاني التراثية إلى الحفلات الموسيقية إلى فرق الكورال، كما تقيم مديرية الثقافة عدداً من الفعاليات الفنية.