الغرب هو الخاسر الأكبر
ريا خوري
تشهدُ الساحة الدولية أحداثاً دراماتيكية عديدة مهمّة جداً، وذات دلالة كبيرة، على أن العالم يتجه نحو هاوية اقتصادية صعبة ستودي بأهم الاقتصادات العالمية، ويعود السبب بالدرجة الأولى إلى الخلل في هيكل الاقتصاد في معظم دول العالم.
منذ أكثر من عام، تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على زرع العراقيل، وإنشاء التكتلات الدولية في حربها الاقتصادية ضد روسيا، وقد تبعها في هذا النهج عدد كبير من دول أوروبا الغربية، واليابان. ما يعني أن هذه الأزمة الاقتصادية ليست نتاجاً لخلل في الهياكل الاقتصادية الأساسية فحسب، بل هي نتاج الحرب الاقتصادية التي يشنّها الغرب الأوروبي- الأمريكي على روسيا، وتعاملت معها إدارة الرئيس الروسي بذكاء حاد جعلت هذا الغرب نفسه يعاني من أزمات اقتصادية حادة.
التطور الأهم في هذه الحرب الاقتصادية هو صدور مرسوم رئاسي من القيادة الصينية يُعنى بكيفية إدارة الحروب الداخلية بكامل تفاصيلها الإستراتيجية، بما يضمن سلامة الأمن القومي لجميع الأراضي الصينية بما فيها تايوان. وصدور هذا المرسوم يعني عدم تنازل الصين عن أي شبر من أراضيها، وما يعزّز وجهة النظر هذه هو صدور أمر رئاسي آخر يرفض بشدة اعتبار المياه العازلة بين البر الصيني وتايوان مياهاً دولية، وبالتالي يتطلّب الإبحار الأجنبي فيها موافقة من الحكومة الصينية والجهات المختصة.
وقد تزامن هذا التطور اللافت عالمياً مع الحديث عن رفع العلاقة الاستراتيجية بين الصين وروسيا، والتي أكدتها تصريحات الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في كلمة ألقاها عبر الفيديو في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الأخير، أعلن فيها رفع مستوى العلاقة الاستراتيجية لتشمل إزالة أهم وأكبر العوائق التجارية، وتأمين سلاسل الإمداد العالمية.
وأمام هذه التطورات، الملاحظ هو عدم وجود ردود أفعال من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وبالتأكيد يعود ذلك إلى إدراك هؤلاء الزعماء بأن أيّ خلل في العلاقة الراهنة مع الصين، من شأنه أن يزجّ بها في صراعات حادة غير متكافئة مع روسيا والصين في آن معاً، يكون فيها الغرب هو الخاسر الأكبر!.