تجنيد المرتزقة.. واشنطن تقع في شرّ أعمالها
تقرير إخباري:
تحاول الإدارة الأمريكية جاهدة تغليف تصرّفاتها فيما يخص تجنيد المرتزقة بطابع قانوني تحت عنوان مساعدة أوكرانيا في التصدّي لما سمّته “العدوان الروسي”، ظنّاً منها أن ذلك سيمنع في المحصلة اتخاذ الإجراءات التي نصّ عليها القانون الدولي بخصوص تجنيد المرتزقة، والاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم الموقعة في نيويورك، حيث إن واشنطن لم توقّع إلى الآن على هذه الاتفاقية، بينما تعدّ أوكرانيا من الدول الموقعة عليها، وبالتالي فإن واشنطن تستند في ذلك إلى أن السفارة الأوكرانية هي التي تقوم بذلك بالفعل دون علمها.
ومن هنا فإن روسيا طالبت في عدة مناسبات الولايات المتحدة الأمريكية بالتوقف عن هذا النشاط، وأبلغت الأمم المتحدة راعية الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة بذلك، حتى تتمكّن فيما بعد من استخدام بنود الاتفاقية في معاقبة هؤلاء المرتزقة والجهات التي تشرف على إرسالهم.
وفي هذا السياق، طالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا واشنطن بوقف تجنيد الأمريكيين من السفارة الأوكرانية، مؤكدة أن هذا الأمر يهدّد بعواقب كبيرة.
وقالت زاخاروفا في تعليق على هذا الموضوع تم نشره على موقع وزارة الخارجية الروسية اليوم: “نطالب الجانب الأمريكي بحزم بوقف مثل هذه الأنشطة التي تقوم بها البعثة الدبلوماسية الأوكرانية والتي تخلق تهديداً مباشراً لحياة وأمن المواطنين الأمريكيين وتتناقض بوضوح مع وضعها الدبلوماسي وتهدّد بإثارة عواقب دولية كبيرة لا يمكن التنبّؤ بها”.
وكانت وزارة الخارجية الروسية حذرت في وقت سابق اليوم من أن المعلومات الواردة حول عمليات تجنيد ونقل مواطنين أمريكيين للمشاركة في الأعمال القتالية بأوكرانيا وفي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين تشير إلى أنها تتم بالتواطؤ مع البيت الأبيض وأجهزة المخابرات الأمريكية.
ومهما حاولت الإدارة الأمريكية تسويق وجود مرتزقتها في أوكرانيا تحت عنوان “رعايا أو مقيمين”، فإن ذلك لا ينفي حقيقة وقوعهم في الأسر بشكل قتالي، وخاصة بعد اعترافهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وذهابهم إلى الحرب في أوكرانيا تحت عنوان الارتزاق، وبالتالي فإن أيّ محاولة من السلطات الأمريكية للدفاع عنهم ستصطدم بحقيقة ما أدلوا به من اعترافات، من بينها إشراف البيت الأبيض والمخابرات الأمريكية مباشرة على تجنيدهم، وهذا الأمر طبعاً ليس غريباً على الإدارة الأمريكية التي استخدمت سابقاً شركة “بلاك ووتر” لتجنيد المرتزقة والإرهابيين وإرسالهم إلى العراق، حيث ارتكبت الأخيرة المجازر بحق المدنيين “مجزرة ساحة النسور التى وقعت في بغداد في 16 أيلول 2007 ونفذتها عناصر أمنية من الشركة ذاتها، وقتل فيها 20 عراقياً وجرح 14 آخرون، وتالياً إلى كل من سورية وليبيا.
ومن هنا، أكد نائب بمجلس الدوما الروسي أن المرتزقة الغربيين لن يتمكّنوا من الإفلات من العقاب على الجرائم في دونباس بالاختباء وراء جواز السفر الأمريكي، وأن جميع مجرمي الحرب تنتظرهم المحاكمة.
وقال النائب الأول لرئيس لجنة بناء الدولة والتشريع في مجلس الدوما الروسي دانييل بيسارابوف: “لقد صُدم البيت الأبيض بكلمات بيسكوف حول احتمال إعدام المرتزقة الأمريكيين في دونباس.. انتهت عقودٌ من الإفلات من العقاب والتعسف في جميع أنحاء العالم والتي قطعت السلطات الغربية عن الواقع، وأفضت إلى فكرة أنهم متميزون؟ أتظنون أن المرتزقة وقطاع الطرق سيختبئون من القصاص خلف جواز السفر الأمريكي؟”.
وشدّد بيسارابوف على أن جميع مجرمي الحرب تنتظرهم المحاكمة، ما يعني “التحقيق الموضوعي والعلني والمحايد في جميع الجرائم” و”إنزال العقوبة العادلة وفقاً لقوانين جمهورية دونيتسك”. “كونوا سعداء لأن أهالي الضحايا والمعذبين لم يطلقوا النار عليهم في عين المكان”.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قد صرّح في وقت سابق بأن الأمريكيين المحتجزين في أوكرانيا متهمون بالتورّط في أنشطة المرتزقة، لذلك “فلا تسري ولا يمكن أن تسري عليهم اتفاقية جنيف”.
وشدّد بيسكوف على أن أفعال الأمريكيين “يجب أن يجري التحقيق فيها ويجب أن يحالوا إلى المحكمة”، ولم يستبعد في الوقت نفسه أن يتم الحكم عليهم بالإعدام.
لذلك فإن جميع محاولات الإدارة الأمريكية الإفلات من عقوبة تجنيد المرتزقة للقتال في أوكرانيا، ستصطدم في المحصلة بحقيقة أن هؤلاء ارتكبوا جرائم على أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المستقلتين، وعلى واشنطن التحدّث إلى الدولتين والالتزام بقوانينهما فيما يخص ذلك.
طلال ياسر الزعبي