عرض شرائح بلا تسونامي ثقافي
غالية خوجة
كم تمنيت لو أنني رأيت صورة لعدد من أعداد صحيفة الشهباء التي صدرت في حلب عام 1877 كذاكرة تراثية لهذه المدينة، أو صورة عن خبر منها، أو عن تأريخها ومؤسّسها ورئيس تحريرها المفكر عبد الرحمن الكواكبي، وعن صاحب امتيازها لاحقاً هاشم العطار، كونها صدرت باللغة العربية الفصحى زمن الاحتلال العثماني، ثم بدأت الإصدارات الدورية تتزايد بتحدّ وجدية لأن المستنيرين في ذاك الزمن أدركوا أننا بحاجة لمعالجة الجوهر وكيفية أدائه أكثر من افتعال أحداث سطحية.
هذا ما تمنته ذاكرتي أثناء زيارتي للمعرض الذي أقامته مديرية الثقافة في صالة تشرين، والخاص بأغلفة مجلة “الشهباء الثقافية” الفصلية بمناسبة مرور 11 عاماً على تأسيسها، وصدور العدد 30 منها، وتكريم عدد من المساهمين في تأسيسها، والذين نشكرهم على متابعتهم للجهد الثقافي في مختلف الظروف، كما نشكر الذين ساهموا بكلماتهم التي قدموها في هذه المناسبة.
والملفت أن الفعالية كانت عبارة عن معرض صور للأغلفة، لم تواكبه ندوة نقدية جادة عن المجلة ومقترحات تطويرها، وكيفية إيصالها للقراء، ورأي القراء، لاقتراح منهجية جديدة لمضمونها وموضوعاتها وشكلها وحجمها وأهدافها المستقبلية.
ترى، هل يكفي أن تكون غالبية الفعاليات الثقافية والفنية مجرد حدث أشبه ما يكون بتحريك المياه الراكدة، أو “عرض شرائح -Slide Show”، في زمن أشدّ ما يكون بحاجة إلى زمن ثقافي تسوناميّ؟
ولماذا لا نوظف الحدث الثقافي الفني بطريقة مفيدة وجاذبة ومتمتعة بخطة حيوية لها أهدافها المتعدّدة، وتطلعاتها المتحركة الطامحة نحو الأفضل؟
لا يعني تساؤلي إنكار الجهد المبذول في الفعاليات المختلفة، لكن، ما ضرّ لو فعّلنا الأحداث الثقافية الفنية بطريقة أكثر جاذبية وإفادة للمستهدفين منها؟ فماذا لو أقيمت ندوة عن المجلة على هامش المعرض، أو أقيم المعرض على هامش الندوة.. ندوة دون مجاملات؟ وما ضرّ لو تمّت إحصائية لعدد القراء والمتابعين ورقياً وإلكترونياً لتكريم بعضهم وهم الموجهة إليهم المجلة، والذين لم يحضروا المناسبة للأسف، وأيضاً، القيام باستفتائهم قبل حضورهم عن رضاهم عن المجلة، وأهم المحاور التي جذبتهم، وأهم المحاور التي يتمنون أن تتضمنها المجلة، واستفتائهم عن أدبائهم المفضّلين الذين يكتبون في المجلة؟.
لا بدّ من الشفافية لأننا جميعاً نعمل من أجل الأفضل لبناء أعماق الإنسان والمكان والزمان، وهذا ما تساهم به كافة الجهات مشكورة، لكن، لماذا تبدو الشفافية الجادة في دمشق، مثلاً، أكثر من حلب؟ لماذا أقيمت ندوة جادة وشفافة من أجل تطوير مجلة شامة، على سبيل المثال لا الحصر، بينما أقيم معرض أغلفة لمجلة الشهباء؟!!.