دراساتصحيفة البعث

فرنسا تحاكم الإرهابيين الذين دربتهم!

عناية ناصر 

طالب مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب في  باريس بأحكام تتراوح من خمس سنوات إلى السجن مدى الحياة لـ 20 إرهابياً مسؤولين عن هجمات 13 تشرين الثاني 2015 في باريس، والتي أدت إلى مقتل 130 شخصاً وإصابة أكثر من  350 بجروح.

في 7 كانون الثاني 2015، وقع هجوم كبير على مكتب مجلة شارلي إيبدو، حيث اقتحم اثنان من الإرهابيين المكتب وقتلوا 11 شخصاً. وخلال الـ 48 ساعة التالية، قُتل ستة أشخاص آخرين في هجمات باريس والمنطقة المحيطة بها، وأعلنت “القاعدة” مسؤوليتها عن هجوم 13 تشرين الثاني.

بعد الهجمات في باريس، تعهد الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند بأكثر من 850 مليون دولار لتمويل مخططات مكافحة الإرهاب، مناقضاً نفسه بشكل جذري حين أكد في 19 آب 2014، في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن فرنسا كانت تزود ما يسمى “الجيش الحر” بالأسلحة بشكل مباشر الذين كانوا يؤدون الأدوار المطلوبة منهم في هجوم الولايات المتحدة والناتو على سورية لزعزعة الاستقرار فيها. وفي هذا الشأن قدمت فرنسا أسلحة من بينها رشاشات عيار 12.7 ملم، وقاذفات صواريخ، ودروع واقية من الرصاص، ومعدات اتصالات. كما كان لضباط الاستخبارات الفرنسية الموجودين في سورية، في المناطق التي كان يسيطر عليها آنذاك ما يسمى ” الجيش الحر” وشركاؤهم من “القاعدة وداعش” دور مهم في تدريب تلك الجماعات الارهابية.

ووفقاً لصحيفة “لوموند”، دعم الحزب اليسار الراديكالي الفرنسي، الحزب الجديد المناهض للرأسمالية، هجوم الولايات المتحدة وحلف الناتو على سورية، كما وقف الحزب الاشتراكي في فرنسا مع الجهات الخارجية المؤيدة لـ ما يسمى “الجيش الحر” وحلفائهم من “القاعدة وداعش”.

في أيلول 2013، أصدر الحزب الجديد المناهض للرأسمالية قراراً بدعم استمرار توريد الأسلحة للإرهابيين في سورية الذين كانوا يقتلون ويشوهون ويختطفون المدنيين العزل بشكل يومي. وفي ذاك الوقت، دعا المتحدث باسم الحزب الجديد المناهض للرأسمالية، أوليفييه بيسانسينوت، وزير الخارجية لوران فابيوس حينها إلى تسليم أسلحة للإرهابيين المسلحين في سورية، كما طلب من  الحكومة عدم الاستجابة لنصائح الآخرين الذين حذروا من أن الأسلحة قد ينتهي بها الأمر في أيدي إرهابيين الذين قد يضرون بفرنسا أو المصالح الفرنسية.

يقال “لا تطعم وحشاً، لأنه قد يقتلك”، لكن فرنسا فعلت العكس، فقد قامت برعاية الإرهابيين المتطرفين في سورية، وهم نفس الإرهابيين الذين قتلوا وشوهوا الفرنسيين في باريس الذين كانوا يستخدمون الأسلحة الفرنسية، ويتم تدريبهم ونصائحهم من قبل الجيش الفرنسي.

ومع ذلك، في قاعة المحكمة في باريس، ستواجه عائلات الضحايا والناجين من هجوم 13 تشرين الثاني 2015 بعض العدالة بسبب المعاناة التي تسبب بها أولئك الإرهابيين، والذي أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون الحرب عليهم. فمتى سيحظى الملايين في سورية، الذين عانوا وأصبحوا بلا مأوى وفقدوا أحباءهم، بتلك العدالة، ومتى سيقاضي الشعب السوري الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا بسبب دورهم في تمويل وتوفير الأسلحة للإرهابيين الذين دمروا سورية؟