هل جاؤوا لدعم زيلنسكي؟
هيفاء علي
أصبحت كييف اليوم محجاً للسياسيين والمسؤولين الغربيين والمنظمات الدولية، حيث قصدها مؤخراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي. وبحسب مراقبين أوروبيين فإن هذه الزيارات هي بمثابة ضربة سياسية مؤكدة لكلّ منهم. صحيح أنه قيلت كلّ الكلمات الضرورية، وتمّ التأكيد على كل الوعود، وخاصة ما يتعلق بتسريع منح وضع مرشح الاتحاد الأوروبي الرسمي لكييف، إلا أنه سيتعيّن على مؤيدي أوكرانيا إقناع العديد من الأعضاء الرافضين لانضمامها.
ووفقاً لبعض الخبراء، فقد جاء القادة الأوروبيون إلى كييف لحثّ الرئيس الأوكراني على استئناف المفاوضات مع روسيا، وربما عرضوا عليه تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي هذه الأزمة، أو على الأقل التوصل إلى هدنة. وبحسب هؤلاء الخبراء، هناك سببان على الأقل دفعا القادة الأوروبيين لاتباع هذا النهج: أولهما أنهم يشعرون بالقلق البالغ إزاء التطورات في ساحة المعركة، وثانيهما قد تكون هناك مخاوف بشأن التحولات في الرأي العام الأوروبي، حيث يزداد الشعور بالاستياء من الصراع المستمر في أوروبا الشرقية. وعليه، سيكون من المستحيل الحفاظ على الإجماع الحالي بشأن أوكرانيا على مستوى النخبة إذا أدّت هذه التغييرات إلى الانقسام داخل المجتمعات الأوروبية.
وهنا، يتساءل المراقبون عما إذا كان زيلنسكي مستعداً لسماع مثل هذه النصائح، لأن أي انحراف عن المطالب المحدّدة قد يتسبّب في بروز مخاطر سياسية شخصية إضافية. أما بالنسبة لموقف واشنطن، فلن يكون لدى العجوز جو بايدن أي سبب لتغيير موقفه المتشدّد والعدائي بشأن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، على الأقل حتى يحين موعد انتخابات التجديد النصفي المقرّر في شهر تشرين الثاني المقبل، لأن خصومه السياسيين ينتظرون أي ذريعة لاتهام بايدن بالتخلي عن أوكرانيا كما تخلّى عن أفغانستان، على حدّ تعبير المراقبين. ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن أوكرانيا ستستمر في كونها جزءاً من أوروبا وليس أمريكا، وأن الموارد الرئيسية اللازمة لعملية إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع ستأتي من أوروبا وليس من الولايات المتحدة.