أخبارصحيفة البعث

تزايد الانتقادات لسياسة حلف الناتو في الدول الغربية

البعث – وكالات:

تتوجّه بعض الجهات الدولية والعالمية إلى مواجهة فكرة الترهيب والتخويف للدول المستضعفة من خلال تحالفات عديدة، منها “حلف الناتو” الذي يمارس ذلك بحجة الحماية للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، وهي الفكرة التي لم تعُد مقبولة لدى الكثير من المفكرين والسياسيين الذين شرعوا في توجيه الانتقادات اللاذعة حول تسييس ملفات الحروب المندلعة في العالم واستخدام هذا الحلف حسب المصالح الغربية والأوروبية وغيرها من الدول التي تبحث عن سبل مختلفة للوصول إلى أهدافها الاستعمارية، وهكذا تجلت أهداف الناتو الذي يلوّح دائماً بقصف بلدان أو اغتيال شخصيات سياسية وعسكرية كبيرة لتقوية جانب على جانب آخر ومساعدة الأطراف المتآمرة على دولها لإمالة الكفة لمصلحتها.

الخبيرة في العلاقات الدولية البروفيسورة بجامعة مدريد إتزيار أريتا أكدت أن حلف شمال الأطلسي “ناتو” حلف يروّج للحلول العسكرية ويجب ألا يكون موجوداً، ووفقاً لوكالة تاس صرّحت أريتا أنه يجب أن يختفي كل من الناتو وأيّ هيكل أمني آخر يكون على الشكل نفسه، مشيرةً إلى أنه لو كانت مثل هذه الهياكل تهدف إلى التعاون بين الدول من أجل إدارة السياسة الخارجية وفي مركز اهتماماتها ثقافة السلام وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين فيمكن عندئذ دعم هذا النوع من الهياكل الأمنية. التشكيك بأمانة حلف شمال الأطلسي ونيّاته في نشر التخريب والدمار في العالم وترهيب وتخويف الدول الضعيفة لتحقيق مصالح دول أخرى، أصبح حقيقة مؤكدة ومثبتة، ومثاله ما فعله في ليبيا وغيرها من الدول، وهذا ما يثبت أن هذا الحلف ما هو إلا قوة غاشمة بعيدة كل البعد عن مفاهيم السلام العالمي والأمن والاستقرار للدول عالمياً.

وفيما يتعلق بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا ترى الخبيرة في العلاقات الدولية، أنه تنبغي مناقشة جميع الأسباب التي أدّت إلى هذه الظروف ودفعت روسيا إلى اتخاذ قرار إطلاق هذه العملية.

من جهة ثانية، أكد المفكر والفيلسوف الأمريكي البارز نعوم تشومسكي عدم وجود أي حجج يمكن للغرب بوساطتها تبرير تمدّده ونشر أسلحته على الحدود مع روسيا، ونقل موقع روزينبرغ كوارترلي الهولندي عن تشومسكي قوله: إن “هناك طريقة بسيطة للتعامل مع الأسلحة وهي عدم نشرها، فلا يوجد مبرّر للقيام بذلك حتى وإن ادّعت الولايات المتحدة أنها “دفاعية”، لكن روسيا بالتأكيد لا ترى الأمر بهذه الطريقة ولديها أسباب منطقية لذلك”، وأشار تشومسكي إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان أعلن في مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة أن “القضية الرئيسية بالنسبة لروسيا هي موقفها الواضح بعدم جواز توسيع حلف شمال الأطلسي “ناتو” وجوده باتجاه الشرق ونشر أسلحته الضاربة التي يمكن أن تهدّد الاتحاد الروسي”، وهو ما عبّر عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر من مرة.

وبذلك يمكن التأكيد أن هذا الحلف لم يعُد وجوده ذا أهمية عالمياً، بل تحوّل إلى خطر كبير لقلب الموازين لمصلحة القوى المهيمنة في العالم، وهنا يوضح تشومسكي أن زعم الولايات المتحدة على الملأ أنها ملتزمة بشدة بسيادة الدول، وأنه يجب احترام حق أوكرانيا في الانضمام إلى حلف الناتو، هو بالتأكيد مثير للضحك في كثير من أنحاء العالم بما في ذلك الكرملين، لافتاً إلى أن الدول الأخرى تعرف جيداً استخدام الولايات المتحدة للحجة ذاتها في عدة حالات سابقة قامت خلالها بمهاجمة دول أخرى كالعراق وليبيا وكوسوفو وصربيا، وهو ما أغضب روسيا بشكل خاص حينها ووقفت موقف المعارض تجاهها.

المفكر الأمريكي كشف أن العدوان الأمريكي على العراق أثار غضب الجميع، وأن هجمات الناتو على ليبيا وصربيا تمّت تغطيتها بعبارات وشعارات إنسانية زائفة في إطار الدعاية الأمريكية للترويج لها، وشدّد على أنه مع تصاعد الأزمة الحالية في أوكرانيا وتفاقم خطورتها لا يجوز تأجيج الموقف أكثر واللجوء إلى ما قد يحوّلها إلى حرب كارثية، ولذلك لفت المفكر الأمريكي إلى أن صانعي السياسة والقرار في واشنطن يدركون جيداً أن “ضم أوكرانيا إلى عضوية الناتو ليس خياراً في المستقبل المنظور”، مضيفاً: إنه في حال تم حل القضية الأوكرانية بشكل سلمي فسيكون ذلك شأناً أوروبياً محضاً بعيداً عن “مفهوم الحلف الأطلسي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي بوّأ الولايات المتحدة مركز القيادة”، كما سيشكل الحل السلمي سابقة باتجاه استعادة الأوروبيين استقلالية قرارهم بعيداً عن إملاءات واشنطن.

لم يعُد يخفى على أحد الدور التدميري وغير الأخلاقي لحلف شمال الأطلسي الذي ساهم في نشر الحروب واستغلالها لمصلحة الدول الأعضاء فيه، بل تدخلت في الشؤون الداخلية لبلدان عديدة لتقوّي فيها نزاعات أهلية وطائفية، وهذا ما أثار جدلية كبيرة حول وجود هذا النوع من الأحلاف وأهدافها غير الإنسانية التي تنفذها دون قيد أو محاسبة، ومن هنا لابدّ من الدعوة عالمياً لتفكيك هذا النوع من الأحلاف المشبوهة.