فنادق ومنتجعات “النجوم” تنتعش في طرطوس والسياحة الشعبية تنكمش!
منذ أكثر من عشرة أيام يحاول ياسر ابن مدينة دمشق البحث عن خيارات تتيح له ولعائلته التمتّع ببضعة أيام في مدينة طرطوس، فحرارة الجو ارتفعت وبرودة مياه الشاطئ مع السباحة باتت مغرية للكثير من سكان المدن الداخلية بالسفر في إجازة، يبحث الرجل جاهداً على مواقع التواصل الاجتماعي، والانترنت، ويقرأ عبارات مغرية كثيرة مثل: استمتع بإقامتك في طرطوس، واجعل من زيارتك لها تجربة لا تُنسى، تحضّر لإقامتك بالفندق الذي تستحقه وسارع بالحجز، فالأماكن محدودة، لكن الرجل يصطدم في كل مرة بأسعار خيالية لتلك الفنادق والمنتجعات المعلن عنها، تجاوزت في بعض الأمكنة ٧٠٠ ألف ليرة لليلة الواحدة بما لا ينسجم مع المبلغ الذي رصده، لتكون السياحة الشعبية مقصداً أخيراً، وهذا أفضل الممكن، فهل تكفيه مدخراته حتى لهذا النوع من السياحة؟!.
بدايات متعثرة
في المقابل لا تبدو طرطوس كمدينة بأفضل حالاتها لاستقبال الزوار، فرغم بداية الموسم السياحي للعام الحالي ما يزال كورنيش المدينة بأسوأ حالاته منذ سنوات، فلا صيانة جديّة للمقاعد الخشبية التي تمّ تكسير بعضها عمداً على امتداده، ولا مظلات تقي رواده وهج حرارة الشمس وأشعتها، ولا ضوابط واضحة تنظم حركة الإشغالات الكثيرة التي باتت تملأ كل مساحته، ولا تبدو سياحتها الشعبية بأفضل حالاتها، فما زالت هي الأخرى رغم بداية الموسم خجولة ومتأثرة بالضغوط الاقتصادية التي تحكم شريحة واسعة من المجتمع، لكن المفارقة أن الحجوزات في فنادق النجوم تشهد نشاطاً لافتاً وحركة جيدة وتجهيزات مثالية وإشغالات مكتملة مع اقتراب فترة العيد وبأسعار غير متوقعة فما الذي يحدث؟.
حجوزات مغلقة
ففي جولة على بعض الفنادق والشاليهات في المحافظة، أظهرت أسعاراً متفاوتة بين أمكنة وأخرى، ففي مناطق الإقامة الذهبية وشاليهات ما يعرف بالـ VIP تجاوز إيجار الليلة الواحدة في بعض المنتجعات الـ٥٠٠ ألف ليرة، بحسب القرب من الشاطئ، مثل الهوليدي بيتش الذي تبدأ الحجوزات فيه من ٢٠٠ ألف ليرة تقريباً لأبعد الأماكن عن الشاطئ وأصغر الشاليهات الموجودة، ومنتجع شاهين والرمال الذهبية التي تصل الأجور فيها إلى ٧٠٠ ألف لليلة الواحدة، والملفت أن هذه المنتجعات كانت تقريباً مغلقة الحجوزات في فترة العيد “إشغالات شبه مكتملة”، في حين يمكن للسائح أن يجد شاليه أقل تخديماً وجودة مثل منطقة بصيرة القديمة والنورس ومنطقة الأحلام بأسعار لا تقلّ عن الـ١٥٠ ألف ليرة لليلة الواحدة، وكان ملفتاً حديث بعض أصحاب الشاليهات عن أسعار جديدة أكثر ارتفاعاً بعد تخديم مناطقهم بالكهرباء ورفع سعر الخطوط المعفاة من التقنين في الفترة التي تلي عيد الأضحى.
استعداد وجهوزية
في مديرية سياحة طرطوس تحدث مدير السياحة المهندس بسام عباس عن استعدادات نفذتها المديرية في إطار استقبال الموسم السياحي في المحافظة، حيث قامت برفع الجاهزية والتعميم على كافة المنشآت السياحية للتأكد من تحقيق جودة الخدمات التي تقدمها المنشآت السياحية بما يتوافق مع معايير ومتطلبات اعتماد تصنيفها والشروط الصحية لحفظ المواد الغذائية وصلاحيتها وآلية حفظها وطريقة وأدوات تحضيرها والتأكد من النظافة العامة في المطابخ ومرافق المنشأة كافة، والشروط الفنية والخدمية والتشغيلية المرتبطة بمستوى تأهيل أو تصنيف المنشأة.
وبيّن عباس أن المديرية قامت بتكثيف الجولات الرقابية على المنشآت السياحية بكافة أنواعها وتصنيفاتها، للتأكد من التزام جميع المنشآت بتصديق لوائح الأسعار والإعلان عنها بشكل واضح، وفق القرار رقم /92/ تاريخ 25/1/2022 وعدم تجاوز الأسعار لسقوف الأسعار المحدّدة من وزارة السياحة وفق سوية التصنيف، مشيراً إلى القرار رقم /832/ لعام 2022 الذي حُدّدت بموجبة الحدود العليا لبدل الخدمات المقدمة في منشآت المبيت السياحية (فنادق- فنادق الإقامة) من الدرجة الممتازة (أربع نجوم) والدرجة الأولى (ثلاث نجوم) والدرجة الثانية (نجمتان) والقرار رقم/833/ لعام 2022 الذي حدّد الحدود العليا لأجور بدل الخدمات المقدمة في منشآت المبيت من الدرجة الثالثة (نجمة الواحدة).
وبالنسبة للمسابح والمنتجعات الشاطئية تمّ التوجيه لكل أصحاب المنشآت التي تحوي مسابح داخلية أو شاطئية لاتخاذ كافة إجراءات الأمان والسلامة العامة، وفق ما تمّ إقراره في الاجتماع المنعقد برئاسة محافظ طرطوس بتاريخ 21/4/2022 والتأكيد على وجود عدد كافٍ من المنقذين من ذوي الخبرة ويمتلكون شهادة منقذ، وذلك اعتباراً من 15/5/2022 وتوزيع لوحات التحذير والإرشاد وتعليمات السباحة ومواعيدها وأبراج المراقبة على طول مواقع السباحة المسموحة، وتوزيع سيارات الإسعاف على طول الشاطئ قرب المواقع المسموح بها من الصحة وفرع الهلال الأحمر.
ماذا عن السياحة الشعبية؟
ورداً على سؤال بخصوص السياحة الشاطئية الشعبية والمشاريع الخاصة بها، أكد عباس أن مشروع شاطئ الكرنك العائلي (بمرحلته الأولى) كمشروع تدخل إيجابي في قطاع السياحة الشعبية والشواطئ المفتوحة يهدف لإيجاد مواقع شاطئية بخدمات مناسبة وأسعار رمزية، وقد لاقى أصداء إيجابية في المرحلة الأولى، لافتاً إلى أن هذا العام سيشهد أعمال المرحلة الثانية من المشروع بقسميه الغربي والشرقي بعد الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه ما بين الشركة السورية للنقل والسياحة من جهة ومجلس مدينة طرطوس من جهة ثانية، بناءً على ما تقرّر في اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار بجلسته المنعقدة بتاريخ 2/2/2022 بخصوص الموافقة على المشروع المقترح من وزارة السياحة لتطوير وتوسعة مشروع شاطئ الكرنك العائلي بقسميه الغربي والشرقي. كما أشار عباس إلى سعي وزارة السياحة للتوسّع في افتتاح مواقع جديدة كشواطئ مفتوحة، منها الموقع A ضمن منطقة شاليهات الأحلام من خلال الشركة السورية للنقل والسياحة أيضاً.
رخص إشغال
وبيّن عباس أنه تتمّ المتابعة مع الوحدات الإدارية الشاطئية للتحضير لطرح مواقع مناسبة لهذه الغاية، حيث قام مجلس مدينة طرطوس بطرح عدة مواقع لتنظيم رخص إشغال شاطئية بهدف تأمين شواطئ للسباحة لأكبر شريحة من المواطنين.
وبخصوص الرقابة على المنشآت السياحية بيّن مدير السياحة قيام لجان الضابطة العدلية ولجان الرقابة المشتركة بإجراء جولات على المنشآت السياحية والتشديد على موضوع الالتزام بالأسعار والإعلان عنها، مشيراً إلى تنظيم عدد من الضبوط بهذا الخصوص ومعالجة أي شكوى ترد إلى المديرية فيما يتعلق بموضوع الأسعار بشكل عاجل وفق القرارات وتعليمات الوزارة النافذة بهذا الشأن.
اعتماد مالي
أما ما يتعلق بالكورنيش البحري وحالته الفنية السيئة، فقد بيّن مدير السياحة أن هناك تنسيقاً مع مجلس المدينة بشكل دائم ومستمر، حيث تمّ مؤخراً تنظيم الإشغالات المنتشرة على امتداد الكورنيش البحري وتحديدها بمساحات محدّدة وتنظيم رخص إشغال بذلك. كما قام مجلس المدينة برصد اعتماد مالي لصيانة الكورنيش بمختلف مرافقه، بالإضافة إلى المبادرات من قبل غرفة السياحة وعدد من المنشآت السياحية لإجراء حملات نظافة وبعض الأعمال التي تهدف إلى تجميل الكورنيش ليكون بأجمل حلة وأبهى صورة لكونه من أهم المقاصد لأبناء المدينة وللسياح القادمين إليها.
ويبقى أن نقول إن المواطن يخشى انكماش السياحة الشعبية وتلاشيها، وهو يرى تنامي المنتجعات والفنادق الفخمة ذات الأسعار الخيالية، مع الأمل ألا يتأخر تنفيذ المشاريع التي ذكرها مدير السياحة.
طرطوس- محمد محمود