كرة القدم على طاولة الاجتماعات فمتى يبدأ العمل؟ طروحات وأفكار جديدة على الجمعية العمومية والخشية من (فيتو) استباقي!
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
شهر ونيف مضى على انتخاب كرة القدم الجديد وما زالت الاجتماعات قائمة والأفكار متداولة والعيون ترقب ما سيصدر عن الاتحاد، ولا شك أن هناك الكثير من العمل وهناك الكثير من (الحويصة) الذين يريدون حجز مقعد هنا وهناك في لجنة أو عمل وظيفي أو ضمن الكوادر المنتخبات الوطنية بأي صفة كانت، المهم في الأمر أن الصورة في اتحاد كرة القدم ما زالت مشوهة ولم تتضح بعد بكامل نقائها، وإن كان البعض يجتهد ويسعى للعمل إلا أن هناك بالمقابل كثيرون يبذلون كل جهد لعرقلة العمل وصولاً إلى المنافع الشخصية.
الواقع الرياضي في عمومه لا يدعو إلى التفاؤل الكبير، فهناك الكثير من المعوقات والكثير من العقبات مع وجود أشخاص كثر يضعون العصي في عجلات التطور والتقدم.
أفكار كثيرة مطروحة وعثرات أكبر تعترض كل هذه الأفكار، فكيف سيسير قطار كرتنا؟
من الأفكار المطروحة تطوير المسابقات الرسمية بكل درجاتها وفئاتها لتحاكي المسابقات المنتظمة والمحترمة، وهذه الأفكار وضعت بشكل نظري على الورق وتحتاج إلى بعض الإجراءات ومنها الموافقات الرسمية وموافقة الجمعية العمومية، ويأتي بعدها آلية التنفيذ، وأمام هذا المشوار الروتيني الطويل نتساءل عن العقبات التي تعترض هذه الأفكار؟
العودة إلى دوري مقدس ومنظم يحتاج إلى لوائح انضباطية حازمة أكثر تفصيلاً من اللوائح السابقة مع إضافة شطب النقاط على بعض فقراتها لتكون متناسبة مع أحداث أغفلتها اللوائح القديمة، ومنها قضية الانسحاب من المباريات أو قضية الاعتداء على الحكام، أو مسألة الشغب الجماهيري الذي ينتج عنه أذية أحد أو تكسير الملعب ومرافقه، وهذه المخالفات حدثت في الموسم الماضي بكل أشكالها، لكن اللوائح الضعيفة لم تستطع قمعها فتكررت هذه المخالفات أكثر من مرة واستمرأ محبو الشغب أفعالهم الدنيئة فبقوا يعيثون في الملاعب فساداً دون أي رادع يردعهم.
هذه التعديلات يخشى اتحاد كرة القدم أن تواجه بـ (فيتو) في المكتب التنفيذي عند تصديقها سواء لبعضها موادها أو لمجموعة منها، والخشية الأكبر من عدم موافقة الجمعية العمومية التي قد نشهد فيها صخباً وجدالاً كبيراً وخصوصاً من الأندية الجماهيرية التي لا تستطيع ضبط جماهيرها فتقع تحت قسوة العقوبات وقد تحرم نقاطاً مهمة تكون سبباً في حرمانها لقب الدوري.
والنصيحة التي نوجهها لاتحاد كرة القدم أن يرسل التعديلات إلى الأندية للاطلاع عليها قبل وقت كاف من انعقاد الجمعية العمومية حتى تتم دراسة المواد بوضوح وأن يتم النقاش فيها وراء كواليس المؤتمر، فالمؤتمر من المفترض أن يكون للتصويت وليس للمناقشة.
وإذا مر اتحاد كرة القدم من (فيتو) المكتب التنفيذي واحتجاج أندية الدرجة الممتازة بموضوع اللوائح وتعديلها، فإنه سيتجه إلى معركة عسيرة مع فرق الدرجة الأولى لأنه يريد تغيير نظام الدوري وإبداله من نظام المجموعات الأربع إلى نظام المجموعتين.
الفكرة التي طرحتها “البعث الأسبوعية” في عدد سابق عن عدم جدوى دوري الدرجة الأولى بشكله الحالي من حيث العدد وأسلوب اللعب وهو دوري مهدر للمال ولا يساعد على التطور والتقدم، فكيف لفريق لا يلعب في الموسم الواحد أكثر من عشر مباريات في شهرين أن نسميه فريقاً، وكيف لدوري يقام بهذه الطريقة أن نطلق عليه لقب الدوري، مع العلم أن فرق الأحياء الشعبية تلعب مباريات يفوق ما تلعبه فرق الدرجة الأولى بثلاثة أضعاف، هذه الفكرة راقت للاتحاد الجديد وعمل على صياغة نظام جديد سيطرحه قريباً وهو يقضي بتوزيع فرق الدرجة الأولى على مجموعتين، يتأهل منها بطل كل مجموعة إلى الدرجة الممتازة بشكل مباشر، كما يهبط من كل مجموعة إلى الدرجة الثانية الفريقان اللذان يحتلان المركزين الأخيرين في كل مجموعة.
أندية الدرجة الأولى تعرف في قرارة نفسها أن هذه الفكرة هي الأصلح للدوري وكانت منفذة لعقود طويلة في الماضي، وتحولت إلى المجموعات الأربع بسبب الأزمة، لكن اليوم تغيرت الأمور كثيراً ومن الضروري أن يعود الدوري إلى ما كان عليه سابقاً، وإن كان الأفضل أن يصبح كالدوري الممتاز مجموعة واحدة، لكن اليوم حجة الفرق باتت جاهزة وهي متعلقة بالشأن المالي، فبعض الأندية فقيرة الحال لا تملك المال الكافي لرعاية كرة القدم وليس عندها الاستثمارات القادرة على تغطية نفقات كرة القدم، لذلك سيكون الدوري بشكله الجديد مرهقاً للأندية مالياً، وبالتالي ستجمع أصواتها لوقف الاقتراح في المهد وستسعى بكل جهدها لعدم تمريره.
من هنا لا يمكن لكرة القدم أن تتطور مطلقاً ما دامت أنديتنا تبحث عن كرة تناسبها وفق إمكانياتها فقط، وبهذه الحالة لا نجد أي أمل بتحريك كرة القدم من موقعها، لأن تطوير كرة القدم مرهون بتطور الأندية، وللأسف فإن القائمين على بعض أنديتنا لا تملك ثقافة التطوير والقائمون عليها يملكون ثقافة المصلحة الشخصية والخضوع للأمر الواقع دون تطويره والبحث عن ايجابيات التغيير الكروي المطلوب.
وهنا لابد من موقف شجاع يتخذه اتحاد كرة القدم وهو فرض هذا الأمر فرضاً على الأندية لتتمكن كرة القدم من التحرك نحو الأمام، وسبق أن اقترحت “البعث الأسبوعية” وضع شروط احترافية للمشاركة بدوري الدرجة الممتازة وشروطاً مناسبة للمشاركة بدوري الدرجة الأولى، على أن يتم تطبيقه بدءاً من الموسم المقبل، فنادي الدرجة الأولى غير القادر على نفقات الدوري ومصروفه عليه أن يعتذر عن المشاركة وليلعب بدوري محافظته ضمن إمكانياته، والمسألة هنا ليست متعلقة بالأمور المالية فقط، بل يجب أن تنسحب كل الشروط على المواضيع الفنية والتقنية أيضاً، فالنادي الذي لا يملك فرقاً قاعدية لا ينبغي له أن يشارك في دوري الدرجة الأولى، لأنه دون هذه الفرق لن يتقدم خطوة واحدة للأمام، لأن منهج كرة القدم السليم يبدأ من الصفر ولا ينتهي عند أي حد، وكذلك من لا يملك أجهزة فنية اختصاصية بشهادات معتمدة بكل الفئات فلا يمكنه المشاركة بالدوري، ويتجه اتحاد كرة القدم إلى ضرورة وجود ملعب خاص معتمد.
المعضلة الثالثة التي تواجه اتحاد كرة القدم فكرة فريق الرديف، وعلى ما يبدو كما أكد رئيس الاتحاد ل” البعث الأسبوعية” إن الفكرة فهمها البعض بشكل خاطئ فتمت محاربتها قبل أن تنضج وتعمم، الأندية تحارب الفكرة قبل أن يفهموا معناها والغاية منها وأهم بنودها، لذلك والحديث هنا لرئيس اتحاد كرة القدم صلاح الدين رمضان يشرح فيه الفكرة: اعتراض الأندية ينبع من تخوف الأندية بأنها ستصرف على فريق آخر إضافة لفريق الرجال، وهذه الفكرة خاطئة، لأن القصد هو تجميع لاعبين تحت الـ 23 سنة وإضافة أربعة لاعبين شباب إلى الفريق بشكل إجباري، وهؤلاء اللاعبين يستطيعون اللعب مع فرق الرجال، ونحن بذلك نحافظ على اللاعبين الصغار والموهوبين من التسرب، فعندما لا يجدون موقعاً لهم في فرقهم، فسيغادرون إلى فرق أقل مستوى أو إلى فرق الأحياء الشعبية، وبذلك تخسرهم أنديتهم وتخسرهم كرتنا، ونحن من جهة أخرى نريد ضخ دماء جديدة للدوري من خلال الحفاظ على أكبر عدد من اللاعبين وزجهم بدوري رسمي قادر على تطوير مهاراتهم وصقل موهبتهم، ونحن بهذا المشروع نكون قد سرنا بالركب نفسه الذي تسير به كرة آسيا والكرة العالمية التي تنظم بطولات لهذه الفئة، فنحن لا نخترع شيئاً جديداً ولا نبتكر من أفكارنا قصصاً بل نتابع البرامج الدولية بكل حذافيرها.
وحول إن كان هذا الدوري سيتعارض مع دوري الشباب أو يلغيه قال رمضان: دوري الشباب سنجعله على مستوى المحافظة من أجل تعزيز هذه الفئة بكل الدرجات، فنخبة الأندية تلعب في الدوري الممتاز، بينما لا تجد بقية الفرق في الدرجات الأخرى الفرق القوية التي تواجهها، وعندما تلعب الفرق في المحافظة الواحدة مع بعضها فإننا نفسح المجال أمام الفرق الصغيرة والمغمورة أن تواجه الكبيرة وبذلك نكسبها فرص الاحتكاك ونحفزها على التطوير، والشيء نفسه سيكون على مستوى الناشئين والأشبال، وبعدها نقيم الأدوار النهائية لتحديد الفائزين باللقب.
هناك الكثير من الأفكار الأخرى، وما نجد أن الأوراق ما زالت مبعثرة في اتحاد كرة القدم، الجميع يعمل كل حسب طاقته واللجان تعمل ضمن اختصاصاتها ولكن كل هذا العمل يبقى حبراً على ورق إن لم يتم إقراره ووجدت النوايا الصافية والإرادة الصلبة لتنفيذه.
هنالك مشاكل كثيرة تتعلق بالشأن الخارجي وعثرات بالاستثمار والتعاقد مع الشركات، ومشاكل جمة تتعلق بالتحكيم وكيفية إدارة هذا الملف الشائك.
لكن العثرة الكبرى التي تواجه الجميع هي عثرة الملاعب، فأغلب ملاعبنا غير صالحة والأمر لا يتعلق بالعشب الأخضر وسلامته فقط، بل يتعلق بشكل أكثر ضرورة بمرافق كل ملعب وتجهيزاته.
على العموم كرة القدم عمل جماعي واتحاد كرة القدم لكي ينجح يحتاج إلى مساعدة الكثير من الجهات الحكومية وتعاون كل مفاصل اللعبة معه، والآمال قائمة لكن تحقيقها يحتاج إلى توافر ظروف صحية وإمكانيات كبيرة وإخلاص القائمين على العمل وتعاون كل المؤسسات الرياضية صغيرها وكبيرها.