ندعمك للحرب فقط..!!
“نحن ندعمك بالسلاح والمال ما دمت تحارب روسيا بالنيابة عنا، أما إذا قرّرت حل الصراع عبر المفاوضات فإن ذلك سيحرمك من الدعم الذي نقدّمه لك”.
هذه خلاصة تصريحات دول الناتو فيما يخص العلاقة مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي الذي عليه أن ينصاع لأوامر الحلف بالاستمرار في القتال على الجبهة، وذلك إمعاناً في إطالة أمد الحرب واستنزاف روسيا عسكرياً، ظناً منهم أن هذا الأمر يمكن أن يحقّق لهم الهدف العريض الذي صنعوا هذه الأزمة من أجل تحقيقه وهو هزيمة روسيا استراتيجياً دون أن يتورّط الناتو بإطلاق رصاصة واحدة على الجيش الروسي، لأنه يدرك جيّداً أنه عاجز عن الدخول في مواجهة مباشرة معه، إذ يفضّل دائماً ألا يخوض الحروب المحفوفة بالمخاطر بنفسه، أما إذا كان الطرف الآخر ضعيفاً فلا بأس أن يستعرض الحلف قوّته العسكرية في مواجهة عدوّ عاجز عن المقاومة.
وهذا بالضبط ما أعلن عنه رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، من أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أبلغ الرئيس الأوكراني أن الصراع في أوكرانيا يجب أن يتم حسمه “بالوسائل العسكرية”، مؤكداً أنه لا يمكن كسب الحرب إلا في ساحة المعركة، وبالتالي مواصلة الدعم مرتبطة باستمرار القتال.
وربما كان في السؤال الذي طرحته صحفية على المستشار الألماني أولاف شولتس في المؤتمر الصحفي الختامي بعد قمة مجموعة السبع عن تفاصيل الضمانات الأمنية التي وعد بها الغرب كييف بعد العملية الروسية الخاصة، حيث لم يستطع كتم ضحكته وأثار هستيريا من الضحك بين الجمهور، خير دليل على أن دول الناتو لا تعير اهتماماً إلا لشيء واحد فقط هو “هزيمة روسيا في الميدان”، ولا تعنيها أوكرانيا إلا في شيء واحد هو تنفيذ رغبات الأطلسي باستنزاف روسيا.
وهذا التصريح بالمحصلة جاء منسجماً بشكل كبير مع ما أعلن عنه زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع في البيان الختامي لقمّتهم من أنهم سيدعمون أوكرانيا “مهما طالت الفترة التي يتطلبها ذلك”، وسيقدّمون المساعدات “العسكرية والدبلوماسية”، فالأمر إذاً دعم مالي وعسكري ودبلوماسي على المدى الطويل، دون التطرّق مطلقاً إلى ضرورة دفع النظام في كييف إلى الجلوس مع روسيا على طاولة المفاوضات لإيجاد حل للأزمة، الأمر الذي يؤكد وجهة النظر الروسية من أن الرئيس الأوكراني لا يملك قراره باستئناف المفاوضات مع الجانب الروسي حول تسوية عادلة تؤدّي إلى وقف الحرب، لأن الناتو لم يشعل الحرب أصلاً من أجل الانتهاء بها في طاولة المفاوضات، فهدفه الأساس كما قلنا سابقاً هو إضعاف روسيا وهزيمتها استراتيجياً.
كل ذلك يؤكد ما أشار إليه المسؤولون الروس مراراً من أن الغرب مصرّ على قتال روسيا حتى آخر جنديّ أوكراني، وأن الحرب في أوكرانيا هي حرب يخوضها النظام في كييف بالوكالة عن الغرب صاحب المصلحة الحقيقية في إشعال الحروب حول العالم، ولكن ماذا لو انتهت الحرب بهزيمة عسكرية مدوّية تؤدّي إلى سقوط النظام الذي دعمه الغرب في كييف، واقتصادية من جانب آخر تطيح بالاقتصادات الغربية وحكوماتها مجتمعة؟.
المعركة في أوكرانيا معركة وجود، والمنتصر فيها هو الذي سيفرض طبيعة العالم الجديد الذي بدأ بالتشكّل فعلياً، وهذا بالضبط ما يدركه الغرب ويسعى إلى تأخيره بشتى الوسائل، فهل يكون له ذلك؟.
طلال ياسر الزعبي