الأضرار الزراعية المتلاحقة أثقلت على المزارعين ومؤشرات التعويض ضبابية ومنقوصة
اللاذقية – مروان حويجة
تتوالى تباعاً بيانات وإحصائيات الأضرار الكارثية التي خلّفتها العاصفة العاتية التي ضربت محافظة اللاذقية فجر يوم السبت، لاسيما الأضرار التي طالت الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، إضافة إلى مستلزمات ومنشآت ومعدات العملية الزراعية.
وبالتوازي مع الحصر الجاري للأضرار من قبل الدوائر الزراعية والوحدات الإرشادية واللجان المعنية، فإن ما يتم تداوله بين المزارعين والمربين والمنتجين في القطاع الزراعي يوحي بأن حجم الأضرار المتداول على مستوى المزروعات والمستلزمات والبنى التحتية يتماهى مع تأكيد مديرية زراعة اللاذقية والجهات المعنية بأن الأضرار كبيرة. وبما أن هذا الضرر باغت المزارعين والمربين على حين غفلة، وعلى غير المنتظر في مثل هذه الفترة من السنة، فإن هناك مخاوف كبيرة لدى المزارعين بأن يكون تقدير واحتساب وتعويض الأضرار والخسائر التي تكبدوها على مسطرة صندوق مكافحة الجفاف.
فادحة.. و”الصندوق” لا يفي..!
وأكد عدد من المزارعين أن خسائر العاصفة فادحة، وأضرارها كبيرة وليست عادية، وتسببت لهم بأزمة معيشية وإنتاجية وزراعية مزمنة، بل إنها أتت على زراعتهم لموسم كامل، وربما أكثر إذا لم يتم تعويضهم ومساعدتهم على معاودة العملية الإنتاجية، ورفع الضرر الحاصل الذي وقع عليهم، وأوضحوا أن النسبة التي يتعامل بها صندوق مكافحة الجفاف لا يمكن أن تحلّ المشكلة، لأن أسس احتساب التعويض لا تحقق أبداً القيمة المطلوبة الكافية لتغطية الأضرار، ولأن الصندوق يمنح ما بين 5% إلى 10% من التكلفة الإنتاجية المتضررة، وأكد مزارعون آخرون ضرورة اتخاذ تدابير استثنائية للتعويض عن أضرار هذه العاصفة الهوجاء التي اقتلعت الأشجار والأغطية، وكسرت الأغصان، وأسقطت الثمار، وتطايرت معها الكثير من مستلزمات تربية النحل وخلاياه، وموجودات تربية الثروة الحيوانية، أدت إلى نفوق أعداد من الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها، وطالب مزارعون بالإسراع بتوسيع مظلة حماية الإنتاج الزراعي التي لاتزال قاصرة ومحدودة وعاجزة عن مواجهة التحديات والظروف المناخية التي باتت تهدد الإنتاج الزراعي بشكل كبير ومخيف، وهذا ما حصل خلال هذه العاصفة وغيرها من أحوال جوية قاسية تخيّم طيلة العام صيفاً وشتاء.
أضرار متعددة ومتنوعة
وبحسب مديرية زراعة اللاذقية فإن ما شهدته محافظة اللاذقية من عاصفة هوائية ومطرية شديدة تسببت بحدوث العديد من الأضرار على القطاع الزراعي، وكان نصيب منطقة اللاذقية منها هو الأكبر، حيث شملت الأضرار الزراعية الحاصلة تساقط ثمار أشجار الإجاص بنسبة كبيرة ضمن نطاق عمل وحدة إرشادية قرية السرايا، وتضرر البيوت المحمية، حيث توزعت الأضرار بين تطاير النايلون، وتضرر النباتات المزروعة، إضافة إلى تضرر مساحات من الخضار المزروعة، وتكسّر بعض أشجار الحمضيات نتيجة سقوط مصدات الرياح عليها، كما أدت العاصفة إلى تساقط ثمار الزيتون، وتكسّر بعض أغصان الأشجار في المناطق التي طالتها العاصفة، مع أضرار متفرقة على أشجار التفاح والجوز والعنب، وبعض أنواع التفاحيات واللوزيات الأخرى، إضافة إلى وجود أضرار لحقت بقطاع النحل، ونفوق عدد من رؤوس الأغنام لمزارع في عين الشرقية.
خلال 15 يوماً
وأشارت المديرية إلى أن تقييم الأضرار الأولية يتم عن طريق الوحدات الإرشادية، أما تقدير الأضرار واستحقاقها للتعويض فتكون حسب التعليمات الناظمة لعمل صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية، وتقوم به لجان تحديد الأضرار بالمناطق، حيث يمكن للمزارعين ومربي النحل الذين تضررت مزروعاتهم مراجعة أقرب وحدة إرشادية لتقديم طلب التعويض عن الأضرار ليتم الكشف على الأضرار الزراعية خلال 15 يوماً، مع اشتراط استحقاق المتضررين للتعويضات أن تكون الأضرار التي تعرّضوا لها ذات طابع كارثي، أي أنها حادثة طبيعية لا يمكن منع حدوثها أو تفاديها، وأن يكون نطاق تأثيرها يتجاوز 5% من إجمالي المساحة المزروعة، أو من المساحة المزروعة بنوع المحصول المتضرر نفسه في الوحدة الإدارية المعتمدة أو القرية أو المزرعة، وأن يزيد حجم الضرر عن 50% من الإنتاج الزراعي المتوقع.
وفي حال حصول الضرر على الإنتاج الحيواني يشترط أن يؤدي ذلك إلى نفوق أكثر من 50% من الوحدات المنتجة لدى المربي المتضرر، وضرورة امتلاك المزارع الذي تعرّض إنتاجه الزراعي للجفاف أو الكوارث الطبيعية تنظيماً زراعياً أو كشفاً حسياً في وقت سابق لتاريخ حدوث الضرر، وأن يكون اسم المربي وارداً ضمن جدول حصر أعداد الثروة الحيوانية.
تعويض مناسب
وحول رأي اتحاد فلاحي محافظة اللاذقية بالواقع الذي آل إليه الإنتاج الزراعي للفلاحين، أوضح رئيس اتحاد فلاحي المحافظة أديب محفوض لـ “البعث” أن العاصفة التي شهدتها المحافظة فجر السبت الماضي لم تمر مثلها على المحافظة منذ عقود لناحية هولها وشدتها وضراوتها، وإذا كانت أضرارها شاملة للعديد من القطاعات فإن القطاع الزراعي لحق به الضرر الأكبر في كل مناطق المحافظة، وأن عملية حصر الأضرار تتم بمشاركة الروابط الفلاحية مع الدوائر الزراعية، حيث تنوعت وتعددت حالات الضرر وأشكاله من خلال المعطيات الواردة من الروابط إلى الاتحاد عبر الجولات اليومية على أراضي وحقول الإخوة الفلاحين، ودعا محفوض إلى تعويض الفلاحين بالقيمة المقبولة التي تتناسب مع الحالة الصعبة التي وصلت إليها زراعاتهم ومحاصيلهم، ولما للتعويض المناسب من انعكاس معنوي ومادي وإنتاجي بآن معاً، لاسيما أن الفلاح يواجه أعباء إنتاجية عديدة، وجاءت هذه العاصفة لتثقل كاهله وتزيد أعباءه، مؤكداً أن إعادة النظر في نسبة التعويض المعتمدة في صندوق مكافحة آثار الجفاف باتت ضرورية وحاجة ماسة ليتمكن الفلاح من الحصول على جزء مما خسره وتضرر به خلال العاصفة، وليشعر أن هناك اهتماماً ومتابعة لوضعه ولحال زراعته ومحصوله.
تفاقم التحديات
تأتي هذه العاصفة لتراكم الخسائر والأضرار التي لحقت بالإنتاج الزراعي تباعاً على مدى فترات متلاحقة، واضعة الفلاح أمام حالة مزرية بعد تكبّده تكاليف البذار والغراس والمنشآت والشبكات والبنى التحتية، علماً أنه لا يخفى أن هذه الأعباء الإنتاجية تضاعفت مرات عدة جرّاء الزيادة المستمرة في أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، وأجور اليد العاملة، وتكاليف النقل والشحن والمحروقات، ما يحتّم الإسراع بإيجاد الحماية المطلوبة للمنتج الزراعي بما يوازي حجم الأضرار والتحديات التي تواجه الإنتاج الزراعي، لأن التعويض المعتمد حالياً بمؤشراته وبمعطيات تقديره بات منقوص الجدوى، ولا يحقق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث.