المركزي الياباني في مأزق
هناء شروف
يضع بنك اليابان، البنك المركزي للبلاد، نفسه في مأزق من خلال التمسّك بالتيسير النقدي، حيث انخفض الين بشكل حاد بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة منذ آذار الماضي. وبذلك يواجه الين حالة من عدم اليقين الكبيرة مع قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، حيث من المرجّح أن يكرّرها في الأشهر المقبلة بحجة أنه سيواصل الدفاع عن سقف عائد 10 سنوات عند 25 في المائة من خلال عمليات شراء غير محدودة.
كانت اليابان تعاني من الانكماش، لذلك سيؤدي الجمع بين ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، وانخفاض قيمة الين إلى استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والضروريات اليومية الأخرى. وقد بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في اليابان 177٪ في نهاية عام 2021 مع نحو 50٪ من السندات الحكومية التي يمتلكها البنك المركزي. كما كان بنك اليابان يشتري السندات الحكومية على نطاق واسع للحفاظ على أسعار الفائدة لمدة 10 سنوات من تجاوز سقف 25 في المائة، لكن بمجرد التخلي عن التحكم في منحنى العائد، سيرتفع عائد السندات، مما يعني أن الحكومة اليابانية ستدفع المزيد من الفوائد، وستتكبّد المؤسّسات المالية خسائر فادحة، وبالتالي فتح صندوق “باندورا”، وهذا يجعل من الصعب على البنك المركزي الياباني الاستجابة للتضخم المتزايد من خلال تشديد السياسة.
ومع ذلك، إذا اشترى بنك اليابان السندات من أجل التحكم في العائد، وتجاوز مؤشر أسعار المستهلك في اليابان 2 في المائة، فقد يكون هناك المزيد والمزيد من الوكالات المحلية والأجنبية التي تبيع السندات في اليابان، مما يجبر بنك اليابان على مواصلة الشراء مما سيزيد من انخفاض قيمة الين، وزيادة التضخم في البلاد، وزيادة العجز التجاري، وستكون هذه دورة خطيرة.
إن انخفاض قيمة الين سيؤدي إلى تخفيضات تنافسية لقيمة العملات الآسيوية، وبالتالي أزمة مالية آسيوية ثانية، لكن هذا الكلام غير موضوعي، لأن التأثير المالي لليابان في آسيا أقل مما كان عليه من قبل، وأن معظم الاقتصادات الآسيوية لديها أسعار صرف عائمة واحتياطيات النقد الأجنبي الآمنة.
ومع ذلك، تتمتّع اليابان بقدرة أساسية على إحداث تقلبات في الأسواق المالية الدولية، حيث تكمن المخاطرة بالنسبة لليابان في أن التسهيلات التي يقوم بها بنكها المركزي أصبحت غير مستدامة. لذلك إذا تمّ إجبار أسعار الفائدة على الارتفاع، فقد يؤدي ذلك إلى إحداث فوضى في تجارة المناقلة الضخمة للين، مما يؤدي إلى اضطراب مالي عالمي. أما إذا اضطرت الحكومة اليابانية إلى بيع سندات الخزانة الأمريكية استجابة لأزمة السيولة في الداخل فإن الخطر سينتقل إلى الأسواق المالية الأمريكية، مما يتسبّب في سلسلة من ردود الفعل الخارجة عن السيطرة. على هذا النحو فإن المساحة المحدودة بشكل متزايد للسياسة النقدية اليابانية تعني أن المخاطر تتراكم باستمرار!.