“الخيط الأحمر”.. صور مختلفة للحبّ من أوبرات عالمية
الكونتيسة في أوبرا “زواج فيغارو” كانت حاضرة بأداء شهد سكر في المشهد الذي تتفق فيه مع خادمتها سوزانا للإيقاع بالكونت، في الأمسية التي أقامها المعهد العالي للموسيقا، على مسرح الدراما في دار الأوبرا.
حملت الأمسية عنوان “filo ross” وتعني باللغة الإيطالية الخيط الأحمر، وقد ربط بين قصص الحبّ التي تناولتها الأوبرات العالمية وجسدت صوراً مختلفة للحبّ الوفي والمستحيل وأظهرت الوجه الآخر له المتمثل بالخيانة ومواجهة الأنثى لعشق أبدي تقودها إلى التضحية والموت أحياناً.
قصص الحب بألوانها أدتها طالبات المعهد العالي للموسيقا – قسم الغناء الكلاسيكي بشكل إفرادي وبثنائيات ومشاهد جماعية بمشاركة رئيسة القسم رشا أبو شكر – سوبرانو – والأوبرالية العالمية السويسرية من أصل سوري سمية حلاق المعروفة والقريبة من جمهور الأوبرا من خلال أمسياتها- سوبرانو- كما شارك معهم الممثل فايز أبو شكر. فكانت الأمسية نتاج ورشات عمل متتابعة على مدار عام نتجت عنها حالة تشاركية بعرض أكاديمي، يجمع بين الطالبات والأساتذة والخبرة العالمية والتمثيل الاحترافي ضمن مشروعات المعهد العالي للموسيقا.
وقد أضفت درجات الإضاءة المتغيرة من المعتمة إلى الخافتة جمالية إلى الأداء المسرحي التعبيري ببعدها الإيحائي للمضمون، لتتكامل مع لوني الأزياء الأحمر والأسود، إضافة إلى التفاصيل الصغيرة التي كان لها دور دلالي مثل القبعة السوداء و الوشاح الأحمر والمظلة وسلة الورود الحمراء.
اعتمد العرض على جمع مشاهد من الأوبرات من “زواج فيغارو” للمؤلف النمساوي موزارت، وهي من أكثر الأوبرات التي تعرض في الأوبرا، وأوبرا “تتويج بوبيا” للمؤلف الإيطالي مونتيفيردي، إلى أوبرا مدام باترفلاي للمؤلف الإيطالي بوتشيني، المستوحاة من المسرحية الأمريكية بالاسم ذاته وتدور حول قصة الفتاة اليابانية تشوتشوسان التي تقع بغرام ضابط البحرية الأمريكي بانكرتون، وتحارب أهلها لتتزوجه وتغير دينها، إلا أنه يتركها بنهاية مهمته ليعود ويأخذ طفله مع زوجته الجديدة فتنتحر أمامه.
كما عُرضت مقتطفات من أوبرا “لا بوهيمي” المستوحاة من رواية مشاهد من الحياة البوهيمية وتدور حول الكاتب المكافح الذي يقع بغرام ميمي المريضة بالسل، فيحيط بهما دفء الأصدقاء، إلا أن الأوبرا الأجمل كانت أوبرا “لاكميه” للمؤلف الفرنسي ليوديليبس، إذ اختُتمت بها الأمسية بمشهد طويل اتسم بجمالية الأداء بمشاركة سمية حلاق المتألقة بفستانها الأحمر وهي تحمل الورود الحمراء وتنثرها على الجمهور وتغني مع رشا أبو شكر والفتيات بأثوابهن الحمراء أغنية “دويتو الزهور من أوبرا لاكميه” التي تدور أحداثها في الهند، حيث تقع ابنة الكاهن الهندوسي لاكميه بغرام ضابط البحرية البريطانية جيرالد، فتضحي بحياتها لتنقذ جيرالد فتبلع الوردة السامة وتموت بين ذراعيه بعد أن شرب من نبع الماء المقدس.
شخصية الراوي
الملفت بالعرض هو شخصية الراوي – فايز أبو شكر – والذي أدى أيضاً بعض المشاهد، إذ ربط بين المشاهد بجمل قصيرة تشبه المفاتيح، مستخدماً الجرس كأداة تنبيه لبداية المشهد، كما قال قبل أحد المشاهد “الحب مثل حجر النرد أحياناً نربح وأحياناً نخسر”.
وبعد الأمسية تحدثت الطالبة شهد سكر في قسم الغناء الكلاسيكي التي أدت شخصية الكونتيسة مع البعث عن ورشات العمل، فالأولى كانت مع الممثلة والمخرجة نورا مراد التي علمت الطالبات كيفية لعب الشخصيات، والثانية مع المخرج الفرنسي ديديير والثالثة مع الأوبرالية سمية حلاق والممثل فايز أبو شكر، إلى أن تم الوصول إلى هذا العرض الذي مثّل مشاركة جماعية بالأفكار.
ونوّهت رئيسة قسم الغناء الشرقي في المعهد العالي للموسيقا رشا أبو شكر إلى أهمية مشاركتها مع طالباتها والأساتذة، والتركيز على الحركة والغناء وأداء الشخصيات ضمن حبكة درامية.
أما الممثل فايز أبو شكر فتحدث عن الشخصية الخيالية التي أداها الراوي، الذي يوصل المشاهد ببعضها بطريقة منطقية من خلال تجارب الحب، فكان مايسترو يملك إيقاع البداية والنهاية.
وتابع عن فنّ الأوبرا الذي يجمع بين الغناء والتمثيل والموسيقا، وهو فنّ لا ينحصر بلغة فكُتب باللغات العالمية والشرقية ونقل إحساس الروح والمشاعر والمشهدية.
أوبرا كاملة
وأشار المايسترو عدنان فتح الله عميد المعهد العالي للموسيقا إلى أن العرض نتاج ورشات عمل بمشاركة المغنية البلجيكية دول كاترين والممثل والمخرج الفرنسي ديديير والأوبرالية سمية حلاق والمخرجة نورا مراد، إضافة إلى أساتذة بالقسم رشا أبو شكر وفادي عطية، وتأتي أهمية العرض من الناحية التعليمية الأكاديمية فأي ظهور للطالب على المسرح يكسر حاجز الرهبة من الجمهور ويجعله يتمكن من استخدام أدواته بشكل صحيح، ويوصل صوته من خلال استعراض إمكاناته.
وتابع عن قسم الغناء الكلاسيكي العريق، والذي يحظى باهتمام الإدارة بالمساهمة بتطوير أداء الطلاب من خلال ورشات العمل والدروس والأداء المسرحي، وهذه النوعية من العروض الأوبرالية ولو بأجزاء بسيطة هي تمرين للتحضير لتقديم أوبرا كاملة ذات يوم بمشاركتهم.
ملده شويكاني