خارج السرب
معن الغادري
يبدو ثقيلاً جداً هاجس العيد بالنظر إلى حجم فاتورة احتياجاته، بدءاً من تأمين الألبسة وضيافة العيد وليس انتهاء بتحضير الأطعمة والحلويات التي باتت تشكل عبئاً كبيراً ، بالنظر إلى الارتفاع الجنوني لأسعار مختلف المواد والسلع الأساسية بما في ذلك طبق الفواكه والذي خرج كلياً من حسابات رب الأسرة.
ولا شك أن حركة السوق المتواضعة تعطي مؤشراً واضحاً على اختلال ميزان العرض والطلب، وعدم قدرة رب العائلة على تأمين الحد الأدنى من مستلزمات واحتياجات أسرته وأبنائه، وهو المثقل أصلاً بهموم الواجبات والمصاريف اليومية المتنامية والتي تتجاوز بكثير حدود دخله اليومي أو الشهري، وغالباً ما يصل به الحال مجبراً إلى صرف كامل مدخراته – إن وجدت – وإفراغ جيوبه والوقوع في مطب العجز المادي والمديونية لأشهر قادمة، إن وجد من يستدين منه أصلاً.
وبعيداً عن الاسترسال والإسهاب في التفاصيل الحياتية اليومية بهمومها ومتاعبها المرهقة والمقلقة، لم تنجح مهرجانات التسوق المقامة حالياً في حلب على وجه التحديد – تحت شعار من المنتج إلى المستهلك – في تكسير وتحطيم الأسعار الرائجة، إذ كل ما يقال عن تقديم عروض وحسومات يبدو وهمياً، وغالباً ما تكون هذه الحسومات على حساب جودة المنتج وفق شهادات زوار هذه المهرجانات.
على العموم لم يعد المستهلك يثق بما يصدر عن المعنيين من تطمينات ووعود بضبط حركة السوق وخفض الأسعار ولجم ظاهرة الجشع والإستغلال والإحتكار، خاصة خلال الفترة التي تسبق المناسبات والأعياد، وهو ما يدخل المواطن مجدداً في دوامة عصف ذهني ومالي وفي دائرة التعاطي الصادم مع الأرقام الخيالية في أسعار الألبسة والحلويات وغيرها من المواد والسلع واحتياجات الأسرة. وعلى سبيل المثال، ارتفع فجأة سعر صحن البيض من 10 آلاف ليرة إلى 13 ألف، وهو ما انسحب على أسعار اللحوم البيضاء والحمراء والخضار والفواكه ومختلف ما تحتاجه الاسرة، ناهيك عن الارتفاع غير المسبوق في أسعار ضيافة العيد، إذ يبدأ سعر كيلو “الشوكلاته” بمبلغ 60 ألف ليرة ويصل الى أكثر من 80 ألفا، حسب نوع وجودة المنتج، وهو ما ينسحب على باقي أصناف ضيافة العيد.
مما تقدم، وفي ضوء هذا الانفلات المتزايد والتحكم بالسوق، نجد أن مديرية حماية المستهلك ومؤسسات التدخل الإيجابي (السورية للتجارة) وغرفة التجارة ومختلف المؤسسات المعنية تغرد خارج السرب وتنطبق عليها مقولة “العرس في دوما والطبل في حرستا” ما يوسع من دائرة الشك والريبة بأدائها وعدم جدوى خططها ومهامها المنوطة بها وإجراءاتها المتخذة والتي جاءت نتائجها عكسية وكارثية على المواطن.
ما نود قوله وتأكيده، وللمرة الألف، أن الدوائر المختصة لم تقم بواجباتها، وكان واضحاً وجود تقصير وخلل في آليات عملها، وهو ما يستوجب التدقيق والمراجعة ومن ثم المحاسبة والمساءلة، وهو ما نضعه برسم السيد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الذي زار حلب أكثر من مرة، كان آخرها قبل أيام قليلة، دون أن يمر بأسواقها ليرى بأم عينه ما يعانيه المواطن من جور وظلم التجار والأسعار .