الوطن يرسم فرح الأطفال بألوانهم المبتسمة
حلب – غالية خوجة / طرطوس – محمد محمود
مثل الفراشات الملونة اجتمع الأطفال في القبة الموسيقية بحديقة السبيل، وكانوا سعداء مع ذويهم بمشاركتهم في ملتقى رسم الأطفال المخصّص لمن هم دون 12 سنة، بعنوان “فرح الوطن في رسوم أطفال سورية”، وهو الملتقى المركزي الذي ينتشر في التوقيت ذاته في مختلف المحافظات ومنها حلب الشهباء، لمدة 3 أيام، والذي أقامه اتحاد الفنانين التشكيليين – فرع حلب، بالتعاون مع مديرية الثقافة ومجلس المدينة.
التعبير بالفن اللوني
وارتكازاً على التعلّم بالرسم، وتطوير الذائقة البصرية، والتعرف إلى الطريقة التعبيرية بالفن اللوني، يأتي هذا الملتقى الميداني الذي نتمنى أن تظهر فعاليات وملتقيات أخرى ميدانية وفي مختلف المجالات الثقافية والموسيقية والمسرحية، لتكون جزءاً من البنية الاجتماعية المتعطشة لهكذا فعاليات، وهذا التعطش لمسناه في الأطفال والطلاب الحاضرين قبل نصف ساعة من موعد انطلاق اليوم الثاني لملتقى الفرح، وكان لـ”البعث” جولتها في هذا الفرح الذي لم ينقصه سوى الخلفية الموسيقية لمزيد من التفاعل، ولتكون الألحان المناسبة إشارة إلى فعالية تحدث في هذا المكان، إضافة إلى أمنيتي في أن تكون هناك إعلانات على أبواب الحديقة وعلامات وأسهم ويافطات تشير إلى هذا الملتقى.
لماذا المدارس لا تهتم بمجالات الفن؟
الطفلة نور هشام صباغ ذات السبع سنوات قالت بسعادة: أحب الرسم وسعيدة لأني أرسم وأحب أن أربح، وأضافت والدتها وفاء زين العابدين خريجة كلية الاقتصاد: سعيدة جداً بموهبتها ومحبتها للرسم، لكنني أتساءل: لماذا لا يوجد اهتمام إيجابي بمجالات الفن في المدارس مثل الرسم والموسيقا، رغم أن أطفالنا وطلابنا مبدعون؟ ولماذا الجهات المختصة لا تدعم الأطفال في المجالات الفنية ولاسيما المدارس؟.
البيت التراثي وطن
الطفل محمود نعسو: عمري 11 سنة، الصف السادس- مدرسة السيدة مريم، جئت لأنمّي موهبتي بالرسم، رسمت الطبيعة في اليوم الأول، وبيتاً عربياً أثرياً يشبه بيت جدي لأن البيت والتراث يرمزان للوطن، كما أني أحب البيوت القديمة لأنها أجمل، وأقرأ قصص المخترعين مثل أديسون مخترع الكهرباء، ولا أقرأ للشعراء، وربما في الأعوام القادمة أشارك في تحدي القراءة العربي بدبي.
جو اجتماعي راقٍ
ورأى والده خالد نعسو الموظف في السكك أن هذا الملتقى جميل ويفرّغ طاقات الأطفال في التعبير عن أنفسهم باللون، ويوفر جواً اجتماعياً راقياً، ويشجع المواهب، وأكد: نريد أن يكون هناك فعاليات دائمة مماثلة في الهواء الطلق وفي مختلف المجالات في الرسم والرياضة والغناء والموسيقا والمسرح والتمثيل والفصاحة والخطابة والقراءة والشعر.
الطفل الباسم وجهُنا جميعاً
بينما قال الطفل صبحي جيّاب – 11 سنة من مدرسة محمود طيفور: أحب الرسم، وهذا الملتقى هو أول مشاركة لي، رسمت حديقة ووجه طفل ضاحك يعبّر عنا جميعاً، وكان في المشهد الطبيعي طفلان بعيدان.
لا أعرف مجلات الأطفال لأتابعها!
وعندما سألته: هل تقرأ؟ أجابني: أجل، أقرأ قصص الأطفال، وكتاب العربي الصغير، ولا أتابع مجلات الأطفال لأنها لا تصلنا، فأنا لا أرى أية مجلة للأطفال ولا أعرف عنها شيئاً، وتمنيت لو شاركت في تحدي القراءة هذا العام، كنت في الصف الرابع، لأن المشاركين كانوا من الصفين الخامس والسادس فقط.
وأكدت خالته هاجر فتّال على أهمية الملتقى الذي يجمع فرح الطفولة مع الألوان.
ورشة فنية تفصح عن الدواخل
الفنانة نوران جبقجي رئيسة اتحاد الفنانين التشكيليين- فرع حلب: أول مرة يحضر ملتقى الأطفال للفرح بعد الحرب في حي السبيل ليكون ورشة فنية للأطفال لاكتشاف مواهبهم، وما يجول بدواخلهم من خلال تعبيرهم عن فرحهم، متمنين لهم حياة أجمل من حياتنا لأنهم المستقبل.
ملتقيات تساهم في صقل النفس
وحول الملتقى قال التشكيلي إبراهيم داود- أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين لفرع حلب: الأطفال بحاجة لتوجيه الطاقات فقط، تكررت الحالة عدة مرات منذ فترة سابقة، فرسم الأطفال المشاركون على قماش طويل لوحة جماعية، وفي بداية الأحداث، في الحديقة العامة رسموا لوحة طولها 50 متراً علقت على سور الحديقة، ومرة أخرى شارك الأطفال في ملتقى مشترك حضره وشارك به د. بشر اليازجي وكان وزير السياحة وقتها.
وتابع: هذه الملتقيات سواء كانت للأطفال أو الشباب أو الفنانين جميلة جداً، لأنها تساهم في صقل النفس وتطوير الموهبة، والأهم أن الطفل يخبرنا من خلال الرسم عن أفكاره ونفسه، والفكرة، أن يطرح مشروع ملتقى ورشات عمل للفنانين والهواة والشباب والأطفال بشكل دائم، ويكون مستمراً لعدة أيام، وهناك ملتقى للفنانين في اللاذقية آملين أن يكون مثله في حلب وبقية المحافظات، وسبق أن أقمنا ملتقى للنحت في المدينة الصناعية ومنحوتاتنا موزعة على مدخلها، كما أننا طرحنا مع الوزارة فكرة توزيع المنحوتات في الساحات العامة من ملتقيات سابقة ليكون هناك مشهد فني في حلب يخدم المواطن وذلك بالتعاون بين المحافظة واتحاد التشكيليين، ونتوقع من مجلس المدينة تقديم الكثير في هذا المجال كونه شريكاً فعلياً.
تحت ظلال أشجار حديقة الباسل
في طرطوس أيضاً، وتحت ظلال أشجار حديقة الباسل اجتمع أكثر من أربعين طفلاً، لم يتجاوز معظمهم الثانية عشرة من عمره، ليرسموا بالألوان أحلامهم وأمنياتهم البسيطة على الورق، ويعبّروا عن خيالهم الخصب بأفكار صادقة، ورسومات بسيطة.
التجمع كان استجابة لمبادرة أطلقها الاتحاد العام لاتحاد الفنانين التشكيليين في سورية بالتعاون مع محافظة طرطوس حملت عنوان “فرح الوطن بعيون أطفال سورية”، وقد بدت رسوم الأطفال المشاركين بسيطة، جميلة وتعكس رؤية الطفل للواقع الذي يعيش فيه.
ترسم الطفلة ليان ١٢ سنة سيارة صفراء اللون وبحانبها دراجة هوائية، وتتحدث لـ”البعث” عند سؤالها عن اللوحة أنها تعبير عما تسمعه وتراه من أهلها وأقاربها عن أزمة النقل ومشكلاته الكثيرة مؤخراً، في حين ترسم الطفلة تالا ٧ سنوات قطة صغيرة تشبه تلك التي تراها قرب منزلها، وترسم ليلاس ١٠ سنوات مدينة تحيطها الأشجار والطبيعة، أما محمود ٧ سنوات، ومحمد ويائيل ١١ سنة، فيرسمون آلات موسيقية (بزق- عود- غيتار) يحاولون تعلّم العزف عليها في فترة العطلة الانتصافية.
في المقابل عبّر أهالي الأطفال عن دعمهم وتشجيعهم لتلك المبادرات التي تحتوي الطفل وتقدم له أنشطة يفرغ من خلالها طاقاته ومواهبه خلال فترة العطلة، وخاصة في ظل غلاء وارتفاع تكاليف المعاهد الخاصة والدورات، والأنشطة الصيفية التي يرغب معظم هؤلاء الأهالي بتسجيل أولادهم فيها، فالمطلوب كما يرى الأهالي زيادة هذه الأنشطة وتوسيعها.
وفي حديث لـ”البعث” تحدثت سعاد المحمد نقيب فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في طرطوس عن أهمية هذه المبادرة التي جاءت بتوجيه من الاتحاد العام للفنانين التشكيليين في سورية، وبالتعاون مع محافظة طرطوس. موضحة: قدمت المحافظة كل التسهيلات اللازمة من مقاعد وطاولات ودفاتر وألوان للأطفال، وجهزت المكان المخصّص في حديقة الباسل ليكون مكاناً مناسباً لخيال الطفل وإبداعه.
وبيّنت المحمد: المبادرة تأتي نشراً للثقافة الفنية في المجتمع، وللتعبير عن فرحنا من خلال علاقتنا مع أطفالنا وتشجيعهم ودعمهم، ففن الطفل فن صادق وبريء لا خلفيات حوله، يعبّر بإخلاص ومحبة من خلال التعامل مع اللون، ويعكس واقعه، حيث تنوعت الموضوعات بين الطبيعة والواقع الذي يعيشونه والمواضيع الوطنية.
كما أكدت أن اختيار حديقة عامة كمكان لتجمع هؤلاء الأطفال الذين لم يتجاوز معظمهم ١٢ سنة كان فرصة إضافية للتفاعل من الناس والأطفال الآخرين وتشجيعاً لهم، وتفعيلاً لدور الفن في المجتمع، وتابعت: يشرف على هؤلاء الأطفال فنانون من الاتحاد بالمتابعة وتقديم بعض النصائح في الرسم، وسيكون هناك معرض فني خاص بنهاية المعرض لاختيار اللوحات الجميلة ومتابعة الأطفال الموهوبين ودعمهم.