مواطنون يتجهون لبيع الأصول والممتلكات.. “للأكل والسترة”
دمشق – ريم ربيع
بدءاً بالذهب، وانتهاء بالأصول، يتجه الكثيرون اليوم لبيع ما تبقى لديهم من ممتلكات مجاراة للتضخم المتسارع، ولتأمين سيولة نقدية تمكنهم من شراء الاحتياجات الأساسية، فمفهوم الراتب الثابت- مهما علا- أصبح عاجزاً عن تأمين الاستقرار المعيشي الذي تطلبه الأسرة اليوم ولو بأدنى المقومات، إذ تحولت الأسعار المتزايدة يومياً إلى كابوس دفع الكثيرين لبيع ما تيسر مقابل لقمة خبز وسقف يؤويهم.
السيارات أولاً
بعد الارتفاع الكبير لتكاليفها ومستلزماتها، أصبح بيع السيارات هو الخيار الأول لمن يقتنيها، يليها بيع البيوت مقابل الاستئجار في منطقة أقل مستوى خدمي، والاستفادة من فارق السعر، فيما اتجه البعض ممن يملكون منازل وسط العاصمة لبيعها مقابل الشراء في الضواحي والمناطق الشعبية، إذ يمكّن فرق السعر أحياناً من شراء منزلين في منطقة مخالفة بدلاً من مسكن وسط المدينة، الأمر الذي سيتسبب بمشاكل عقارية على المدى البعيد وفقاً لعضو مجلس الشعب زهير تيناوي الذي بيّن أن اضطرار المواطنين لبيع ممتلكاتهم سيفضي لحالة من الركود في الأسواق مستقبلاً نتيجة عدم توفر السيولة.
بعيدة المنال
وبحسب تيناوي فإن 30 – 40% من المواطنين اتجهوا لبيع الأصول والممتلكات، إما لتحسين “مؤقت” للحالة المعيشية، أو لتأمين سكن بديل بمواصفات أقل جودة، فالظروف الضاغطة والتضخم المتزايد جعلا أولوية المواطن لتأمين أبسط المقومات، وإيجاد أي مسكن متواضع “ينستر فيه”، مقابل ارتفاع فاحش بأسعار العقارات بكل المناطق، سواء كانت شعبية أو متوسطة أو جيدة، ومهما كان نوع المسكن: (ادخار، شبابي، جمعيات)، فكلها واكبت التضخم بأسعارها لتصبح بعيدة المنال يوماً بعد آخر.
سباق تكاليف
وأضاف تيناوي بأنه مهما كانت القيم التي يحاول أي شخص تأمينها لتوفير مسكنه، يقابلها ارتفاع أسرع وأكبر نتيجة تزايد سعر المواد الأولية الأساسية كالاسمنت والحديد، ووزارة الإسكان التي يفترض أنها معنية بالحل ساهمت بارتفاع أسعار العقارات عن طريق طرح أراض للجمعيات السكنية بسعر عال جداً، فلم تعد تلك الأراضي والأبنية التي ستنشئها الجمعيات عبارة عن مساكن شعبية لذوي الدخل المحدود، لأنهم حتى لو باعوا كل ممتلكاتهم ومقتنياتهم لن يتمكنوا من مجاراة الزيادة الكبيرة التي طلبتها.
مشاكل لا تسر!
حتى في السكن الشبابي، أشار تيناوي إلى إجحاف كبير وقع على المواطن، لأن التسجيل على هذا المشروع كان في عام 2004، على أن يكون التسليم خلال 10 سنوات، فما ذنب المواطن إن لم ينجح القائمون على المشروع بالتسليم خلال 20 سنة، ليتحمّل هو المسؤولية وفرق الأسعار، معتبراً أننا أمام مشاكل عقارية لا تسر على المدى المنظور والبعيد، فيما يمكن أن يؤسّس لحل عبر إيجاد سكن بديل شعبي متوازن وبسعر الكلفة وليس بهدف ربحي.
العقار قبل الذهب
معظم السيولة التي كانت موجودة لدى المواطنين ضخت في العقارات، وفقاً لتيناوي، حتى بيع المدخرات والممتلكات يأتي بمعظمه إما لتأمين مستلزمات المعيشة أو لتزج بالعقارات التي تفوقت على التوجه لادخار الذهب الخاضع لبورصة تذبذب سعره، أو شراء القطع الأجنبي الذي أصبح سوقه مضبوطاً إلى حد كبير.