روسيا تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار غربي لتمديد إيصال المساعدات عبر الحدود والصين تدعو لاحترام سيادة سورية
نيويورك – سانا
استخدمت روسيا اليوم حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار غربي في مجلس الأمن الدولي لتمديد مفاعيل القرار 2585 الذي تبناه المجلس في التاسع من تموز الماضي بشأن إيصال المساعدات إلى سورية عبر الحدود مع تركيا لمدة عام.
المندوب الصيني
من جانبه، دعا مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جيون إلى إنهاء آلية إيصال المساعدات إلى سورية عبر الحدود في أقرب وقت واحترام سيادة الدولة السورية بهذا الخصوص.
وقال جيون تعليقاً على التصويت على مسودات قرارات بشأن تمديد هذه الآلية أمس “يجب على مجلس الأمن التوصل إلى جدول زمني واضح لإنهاء هذه الآلية في أقرب وقت ممكن وعلينا احترام سيادة سورية كما ينبغي أن تصبح الإغاثة عبر سورية هي القناة الرئيسية للمساعدة الإنسانية”.
وشدد جيون على أن “آلية إيصال المساعدة عبر الحدود هي ترتيب مؤقت بناء على الوضع الخاص في سورية” مجدداً موقف الصين الداعم لتقديم المساعدة الإنسانية إلى الشعب السوري عبر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بما يتوافق ومبادئ الإنسانية والحيادية والنزاهة.
ولفت مندوب الصين إلى أن بلاده تقدم مختلف أنواع المساعدة لسورية من خلال قنوات مختلفة وعلى نحو نشط.
وخلال الجلسة ذاتها عرقلت الدول الغربية اعتماد مشروع قرار روسي لتمديد العمل بقرار المجلس لمدة ستة أشهر وزيادة مشاريع التعافي المبكر وإيصال المساعدات لجميع محتاجيها من داخل سورية فقط.
صباغ: سورية تبذل جهوداً حثيثة لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعبها
وتوجه مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ بالشكر لروسيا على مبادرتها لتقديم مشروع قرار متوازن منوهاً بجهودها الصادقة لضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين على نحو فعال وتنفيذها بطريقة شفافة وقابلة للقياس كما توجه بالشكر أيضاً للوفود التي أيدت المشروع إيماناً منها بضرورة دعم تنفيذ ركائز جوهرية في القرار 2585 والارتقاء بالوضع الإنساني في سورية من خلال تعزيز مشاريع التعافي المبكر وزيادتها كماً ونوعاً وإيصال المساعدات لجميع محتاجيها من داخل سورية بما ينعكس إيجاباً على الوضع الإنساني.
وأعرب صباغ عن أسف سورية لعدم تبني مجلس الأمن مشروع القرار الذي قدمته روسيا ورفضها واستهجانها إصرار بعض الدول الغربية في المجلس على تضليل الحقائق وتجاهل أوجه القلق المحقة والموضوعية التي عبر عنها وفدا سورية وروسيا ودول أخرى ومواصلة الغرب تسييسه للعمل الإنساني وعرقلة أي جهد صادق للتخفيف من معاناة السوريين وإمعانه في استخدام ذلك كأدوات ضغط وابتزاز سياسي ضد سورية.
وأوضح صباغ أن مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا هو محاولة صادقة لتمكين المجلس من الوفاء بالمسؤولية الملقاة على عاتقه كما أنه أماط اللثام عن الأطراف الحقيقية التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن إفشال تنفيذ مندرجات القرار 2585 مجدداً استعداد سورية للانخراط في أي جهد إيجابي وبناء يهدف إلى التخفيف من معاناة السوريين شريطة الاحترام التام لسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.
ولفت صباغ إلى أن سورية تولي اهتماماً بالغاً لمتابعة الشأن الإنساني وتبذل جهوداً حثيثة لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعبها والتخفيف من معاناته ولهذا عبرت بعثة سورية خلال جميع جلسات مجلس الأمن حول الشأن الإنساني عن مواطن الضعف والخلل والعراقيل التي تفرضها بعض الدول الغربية بما في ذلك من خلال تعمدها تسييس العمل الإنساني كما حرصت منذ بدء المشاورات المتعلقة بتمديد مفاعيل القرار 2585 على تبني نهج واضح وبناء سواء لجهة كشف العيوب والأخطار التي تمثلها آلية العمل عبر الحدود أو لجهة فضح المعايير المزدوجة بشأن تعزيز الوصول من الداخل وعدم الجدية بشأن تنفيذ مشاريع الإنعاش المبكر وأكد أن المتسبب في الأزمة الإنسانية في سورية هو السياسات الخاطئة لبعض الدول الغربية التي لا تزال تمارس التضليل والتزوير عبر ادعاء حرصها على توفير الدعم الإنساني للسوريين.
وبين صباغ أن سورية كانت صريحة في التعبير عن أوجه قلقها الجوهرية ومنفتحة على جميع المبادرات والجهود الصادقة الرامية لتلبية الاحتياجات الإنسانية لجميع السوريين دون تسييس أو تمييز أو إقصاء وعرضت على نحو مفصل ما كشفته السنوات والأشهر الماضية من عيوب في تطبيق قرارات المجلس ذات الصلة بالشأن الإنساني و”فضح” حجم التلاعب والتضليل الذي مارسته بعض الدول وكذلك الآثار الكارثية للإجراءات القسرية الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وضرورة وضع حد لتلك الممارسات العدائية وتوفير ضمانات حقيقية تكفل التنفيذ الفعال والشفاف لمفاعيل هذا القرار.
وأشار مندوب سورية الدائم إلى ضرورة تنفيذ مشاريع التعافي المبكر وإدراج قطاعات حيوية فيها كالكهرباء التي ترتكز عليها جميع الأنشطة الإنسانية المتصلة بتوفير الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه وغيرها ومطالبتها أيضاً بتضمين مشروع القرار إشارة واضحة إلى دعم عمليات إزالة الألغام والأجهزة المتفجرة التي زرعها الإرهابيون لما تمثله من أهمية بالغة في الحفاظ على أرواح السوريين وتيسير العودة الآمنة للمهجرين إلى منازلهم وأراضيهم.
وأوضح صباغ أن من بين الأمور المهمة التي حرصت سورية على المطالبة بها هو الحاجة إلى وجود آلية للمراقبة والمراجعة ومتابعة التنفيذ تضمن التأكد من تحقيق نتائج ملموسة في مجال الإنعاش المبكر وعدم وقوع المساعدات القادمة عبر الحدود بأيدي التنظيمات الإرهابية بما في ذلك من خلال تمكين منظمتي الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر من الإشراف على عملية توزيع المساعدات الإنسانية في جميع المناطق مشيراً إلى أنه لضمان قياس كفاءة تنفيذ جميع مندرجات القرار دعت سورية إلى ألا تتجاوز مدة ولايته ستة أشهر بما يتيح المجال للقيام بعملية المراجعة ومتابعة التنفيذ.
وأكد صباغ أن سورية تحمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا المسؤولية الكاملة عن إفشال تنفيذ ركائز جوهرية في القرار 2585 والتلطي خلف صيغة مشروع القرار التي تقدمت بها إيرلندا والنرويج والدفع باتجاه التصويت عليها رغم أنها لا تحقق استجابة حقيقية للاحتياجات الإنسانية ولا تحمل أي تعديلات جوهرية أو تحسينات تلبي أوجه القلق التي أعربت عنها سورية مراراً وتكراراً الأمر الذي جعل من المتعذر القبول بتلك الصيغة التمييزية وغير المتوازنة.
وشدد صباغ على وجوب أن تدرك تلك الدول التي اختارت على مدى سنوات اتباع نهج ينتهك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها ومحاصرة شعبها وخنقه اقتصادياً ونهب ثرواته وحرمانه من أبسط مقومات الحياة أن عقارب الساعة لا تعود للوراء وأن هذا النهج الخاطئ الذي اتبعته يجب أن يتوقف وأن هذه السياسات العدائية يجب أن تتغير وأن تجويع الشعب السوري ليس في مصلحة أحد مؤكداً أن سورية تتفق تماماً مع الأسباب الموجبة التي دفعت بروسيا لرفض مشروع القرار الغربي وهي تثني على حرص موسكو على تحقيق الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للسوريين بطريقة فعالة ومتوازنة وشفافة وقابلة للقياس.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي تبنى قراره رقم 2165 الذي أجاز للقوافل الإنسانية المتجهة إلى سورية بعبور الحدود في الـ14 من تموز 2014 وأكدت سورية بعد تبني القرار أن الجانب الإنساني يشكل أحد أهم جوانب الأزمة فيها وأنها اعتمدت آليات ومبادرات جديدة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لمحتاجيها كما رحبت بكل الجهود السابقة لمساعدتها في تخفيف هذا العبء الإنساني عن شعبها مشددة على أن جميع الاجراءات مهما كانت كبيرة فستبقى تجميلية وقاصرة عن أداء المطلوب إذا لم تتم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء معاناة الشعب السوري والمتمثلة بالإرهاب إضافة إلى معالجة الآثار السلبية التي يتكبدها المواطن السوري جراء الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الدول الداعمة للإرهاب على الشعب السوري.