“ملفات أوبر”.. صفقة سرية مع ماكرون “سارق للبلاد”
واشنطن- تقارير
كشفت اتصالات داخلية سرية في شركة النقل الكبيرة “أوبر” كيف استغلت الشركة العملاقة العنف ضد سائقيها لتأليب الرأي العام، وكيف انتهكت القوانين أثناء عمليات التوسع السريع في المدن في جميع أنحاء العالم.
وأظهرت التسريبات مجموعة من الملفات السرية لكيفية انتهاك الشركة للقوانين وخداع الشرطة وممارسة الضغط سراً على الحكومات اثناء توسعها العالمي العدواني.
وتشير الوثائق إلى أن “أوبر” كانت بارعة في إيجاد طرق غير رسمية للوصول إلى السلطات، أو ممارسة النفوذ من خلال الأصدقاء أو الوسطاء، كما قامت بحشد الشخصيات النافذة في بعض الدول، مثل روسيا وإيطاليا، من خلال تقديم حصص مالية لهم وتحويلهم إلى مستثمرين استراتيجيين.
وبحسب ما ورد في الملفات المسربة، فقد أرسل المؤسس والرئيس التنفيذي ترافيس كالانيك في عام 2016 نصاً يقول فيه إن المخاطر على سلامة السائقين “تستحق العناء” وأن “العنف يجلب النجاح” عقب احتجاج سيارات الأجرة في فرنسا ضد “أوبر”.
وجاء تعليق كالانيك من بين 124 ألف وثيقة تم تسريبها بواسطة الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين مع منصات إعلامية رئيسية أخرى من بينها “الغارديان” و”لوموند” و“واشنطن بوست” و”هيئة الإذاعة البريطانية”.
وأكدت الوثائق التي تم إطلاق تسمية “ملفات أوبر” عليها أن رؤساء الشركة كانوا يأملون في الضغط على السياسيين، من خلال إطالة أمد العنف، للتأثير على القضية وزيادة الدعاية لأوبر.
وكتبت صحيفة “الغارديان”: “لقد خرقت الشركة القانون وخدعت الشرطة والمُنظّمين واستغلت العنف ضد السائقين وضغطت سراً على الحكومات في كل أنحاء العالم”.
وأشارت الصحيفة البريطانية أيضاً، إلى أن “أوبر” تبنّت تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة (بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها)، حيث عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانوا يتعرّضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلامية، للحصول على تنازلات من السلطات.
كذلك نشرت الصحيفة البريطانية مقتطفات مختلفة من محادثات بين مسؤولين يتحدثون خلالها عن غياب الإطار القانوني لأنشطتهم، وكتبت المديرة العالمية للاتصالات في “أوبر” نايري هورداجيان، متوجّهة لزملائها عام 2014: “أحياناً لدينا مشاكل، لأننا بصراحة خارج القانون”، في حين كان وجود المنصة مهدّداً في تايلاند والهند.
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن الشركة الناشئة قد تكون قدّمت أيضاً عدداً من أسهمها لسياسيين في روسيا وألمانيا ودفعت لباحثين “مئات آلاف الدولارات لنشر دراسات حول مزايا نموذجها الاقتصادي”.
وخلقت الشركة أنموذج الاقتصاد القائم على المهام والذي لجأ إليه فيما بعد عدد كبير من الشركات الناشئة، إلا أنه استغرق أكثر من 12 عاماً لتحقق أول أرباح فصلية. كما أن وضع السائقين سواء كانوا مستقلين أو موظفين، لا يزال متنازعاً عليه في عدد كبير من الدول.
وثائق أوبر المسربة لم تضع الشركة فقط في موقف محرج، بل أيضاً عرّضت الرئيس الفرنسي لهجوم من نواب فرنسيين، إذ أشارت الوثائق إلى وجود “صفقة سرّية” بين ماكرون عندما كان وزيراً في حكومة فرنسوا هولاند الاشتراكية، وشركة “أوبر”، معتبرين أنّ ما حصل شكّل “سرقةً للبلاد”.
صحيفة “لوموند” سلّطت الضوء على الروابط بين الشركة الأمريكيّة وماكرون، وقالت نقلاً عن وثائق ورسائل نصيّة وشهود، إنّ “أوبر” توصّلت إلى “صفقة” سرية مع ماكرون بين عامي 2014 و2016.
تحدّثت الصحيفة عن اجتماعات عقِدت في مكتب الوزير، وعن تبادلات كثيرة (مواعيد ومكالمات ورسائل قصيرة) بين فِرَق “أوبر فرنسا” من جهة وماكرون ومستشاريه من جهة ثانية.
أشارت الصحيفة إلى ما قالت إنها مساعدة قدّمتها الوزارة التي كان يرأسها ماكرون لشركة “أوبر” بهدف تعزيز موقع هذه الشركة في فرنسا.
نواب فرنسيون معارضون نددوا بتعاون وثيق حصل على ما يبدو بين ماكرون و”أوبر”، في وقتٍ كانت الشركة تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكوميّ الصارم لقطاع النقل.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن شركة “أوبر فرنسا” أكدت للوكالة أن الجانبَين كانا على اتصال، وأنه تمّت الاجتماعات مع ماكرون في إطار مهماته الوزارية العاديّة.
من جانبه، قال قصر الإليزيه إنه في ذلك الوقت، كان ماكرون، بصفته وزيراً للاقتصاد، على اتصال “بطبيعة الحال” مع “كثير من الشركات المشاركة في التحوّل العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، و(هو تحوّل) كان لا بُدّ من تسهيله عبر فتح العوائق الإدارية والتنظيمية”.
لكن النائبة ماتيلد بانو، رئيسة كتلة “فرنسا الأبيّة” البرلمانية (يسار راديكالي)، ندّدت على تويتر بما اعتبرت أنها عملية “نهب للبلاد” عندما كان ماكرون “مستشاراً ووزيراً لفرنسوا هولاند”.
أما زعيم الحزب الشيوعي (بي سي إف) فابيان روسيل، فاعتبر أن ما تم الكشف عنه يُبيّن “الدور النشط الذي أدّاه إيمانويل ماكرون، عندما كان وزيراً، لتسهيل تطوّر أوبر في فرنسا، ضدّ كلّ قواعدنا وكلّ حقوقنا الاجتماعيّة وضدّ كلّ حقوق عمّالنا”.
من جهته، دعا النائب الشيوعي بيير داريفيل إلى إجراء تحقيق برلمانيّ في القضية.
بدوره، كتب جون بارديلا، رئيس حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرّف، على تويتر، أن ما تم الكشف عنه أظهر أن مسيرة ماكرون المهنية هدفها “خدمة المصالح الخاصة، الأجنبية منها في كثير من الأحيان، قبل المصالح الوطنية”.