بمشاركة 35 فناناً.. معرض جماعي تحية لروح الفنان أحمد رحال
حمص – آصف إبراهيم
بمشاركة 35 فناناً من مناطق سورية عدة، يقيم ملتقى أورنينا للثقافة والفنون معرض “تحية إلى روح الفنان التشكيلي أحمد رحال” الذي غادرنا الشهر الماضي بعد مسيرة فنية طويلة كان لها الأثر في إغناء الحركة التشكيلية في محافظة حمص.
تستضيف القاعة الأثرية في كنيسة الروح القدس – مطرانية السريان الكاثوليك في حي الحميدية، المعرض الذي يتماهى طابعها المعماري التاريخي كتحفة فنية مع جمال الألوان والموضوعات التي أبرزتها اللوحات، ولاسيما الموضوعات التاريخية التي تجسّد الفن المعماري للحارات والبيوت القديمة وعلاقتها بالإنسان كأسلوب حياة، واستقرار وارتباط حميمي مع كل مفرداتها، إلى لوحات تعيدنا إلى الحكايات القديمة في ألف ليلة وليلة والإنسان الشرقي بزيّه القديم وأسلوب حياته، ولاسيما المرأة كما قدمتها الحكايات والسير التاريخية في لوحات التشكيلي حسام الدين ضاهر، ولوحات جمال إسماعيل التي قاربت جماليات الحارة القديمة بحجارتها السوداء وأزقتها الضيّقة التي تشتهر بها مدينة حمص على وجه الخصوص.
أفرد المعرض قسماً منه لعرض بعض لوحات الفنان الراحل الذي كان عضواً مسؤولاً عن الفن التشكيلي في الملتقى، وكان مقرراً له أن يقيم معرضاً فردياً في هذا المكان لولا أن باغته الموت قبل أن يدرك موعد معرضه، فكانت مبادرة وفاء من زملائه وأصدقائه إهداء روحه هذا المعرض، وحضور مجموعة من لوحاته المتميّزة التي تحمل نبض الحياة بكل تجلياتها ومفرداتها. يخفق في بعضها نبض الريف الذي عشقه وأخرى نبض المدينة التي شهدت مسيرة عطائه، يحاور التجريد فيها الواقعي ضمن جدلية الإحساس باللون والمفردات التشكيلية، يحرص فيها الرحال على التنقل بين المحاكاة الواقعية والرمزية التي يثير فيها مواضيع راهنة عاشها الإنسان السوري في أزمته الأخيرة، والتجريد في لوحات تمور فيها الألوان النارية ضمن مشهدية بصرية تعكس ردود أفعاله تجاه الراهن. كما يشتغل الرحال على الطبيعة الصامتة في لوحات تحقق المتعة البصرية والفكرية من خلال إكساب تلك الأشياء الجامدة روحاً عبر تآلفها وتوزيع الضوء والظل خلالها، والأجمل في لوحاته تلك المفردات الواقعية التي يستحضر فيها ذاكرة القرية، حيث طاحونة القمح اليدوية تحاور آنية ملء الماء من العين، وغيرها من الأشغال المجهدة التي كانت المرأة تضطلع بها، وهناك ذاكرة المدينة بأبنيتها القديمة وحاراتها الضيّقة تعكس جمالية فن العمارة وحميمية التعاطي معها.
يتميّز الرحال بالتجريب التقني المستمر في معظم أعماله، حيث نراه يستخدم الاكليرك إلى جانب الزيتي والمائي والفحم والرصاص وغيرها، مما يعكس حرصه الدائم على التجديد في التقاط المشاهد المعبّرة التي تشعل اللوحة بالحركة والجمال في مسيرة غنية امتدت لأكثر من 50 عاماً.