متى تدرك واشنطن أن العالم ليس كما كان؟
عائدة أسعد
لم يكن تدخّل واشنطن السافر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولاسيما تلك الموجودة في أمريكا اللاتينية سراً، حتى قبل الكشف عن البرقيات الدبلوماسية في عام 2010 من قبل موقع “ويكيليكس”.
مؤخراً، وفي مقابلة مع قناة “سي إن إن” كشف جون بولتون المستشار الأمني السابق للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن عمل واشنطن الأسود، واعترف بأنه ساعد في التخطيط لانقلاب في الخارج، وقال إنه لن يدخل في التفاصيل لكنه أشار إلى كتابه الذي كتب فيه عن محاولة الانقلاب الفاشلة المدعومة من الولايات المتحدة ضد نيكولاس مادورو في فنزويلا عام 2018.
إن واشنطن تحب دفع فكرة أن الولايات المتحدة تقف دائماً إلى جانب الديمقراطية والحرية في جميع أنحاء العالم، لكن اعتراف بولتون يسحب الغطاء عن أفعالها غير الديمقراطية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
لقد كانت إحدى “الانتفاضات” التي دعمتها الولايات المتحدة ونجحت هي تلك التي حدثت في أوكرانيا، حيث قامت واشنطن بتحويل مليارات الدولارات إلى المعارضة اليمينية المتطرفة مما أدى في النهاية إلى الإطاحة بالرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، وتنصيب النظام الموالي للولايات المتحدة بقيادة فولوديمير زيلينسكي.
كانت عواقب تلك السياسة مرئية للجميع، ويمكن تسليط الضوء على مدى نفاق السياسيين الأمريكيين عندما يوجهون أصابع الاتهام إلى بلدان أخرى باسم حقوق الإنسان والديمقراطية، وما قاله بولتون يُظهر وقاحة السياسيين الأمريكيين الذين يشتمون البلدان الأخرى مراراً وتكراراً باسم حقوق الإنسان والديمقراطية، ويبدو أن بإمكانهم غضّ الطرف عن تصرفات واشنطن بينما يفترض أنهم يغضّون النظر عن الدول الأخرى.
لم تلتزم الولايات المتحدة أبداً بقواعد القانون الدولي، لأنها ترى نفسها فوق القانون، وجميع القواعد والمبادئ، ومدونات السلوك يجب أن تلتزم بها الدول الأخرى وليس لها علاقة بواشنطن باستثناء إشرافها على كيفية اتباع القواعد من قبل بقية العالم.
ليس من المبالغة اعتبار الولايات المتحدة أخطر عقبة أمام تطوير حقوق الإنسان والديمقراطية العالمية، لكن مع صعود الاقتصادات الناشئة والصوت العالي للدول النامية الذي يدعو إلى دور أكبر في الحوكمة العالمية، فإن واشنطن ليس لديها أي قلق بشأن محاولة عرقلة صعودها بأي وسيلة تراها مناسبة.
لقد حان الوقت لأن تتصالح واشنطن مع حقيقة أن العالم ليس كما كان، وباعتبارها أكبر اقتصاد وأقوى قوة عسكرية، تحتاج الولايات المتحدة إلى تغيير وجهة نظرها حول الكيفية التي ينبغي أن يُحكم بها العالم، لأن ما تفعله هو مفارقة تاريخية تسبّب ضرراً لا يوصف!.