رحلة بايدن الباهتة إلى الشرق الأوسط
هناء شروف
اختتم الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت الماضي أول زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ توليه منصبه بنتائج متواضعة، ما يثبت مرة أخرى أن سعي الولايات المتحدة الذاتي لهيمنة أحادية الجانب أمر غير ممكن.
على الرغم من أن بايدن سعى لبدء فصل جديد من التدخل الأمريكي في المنطقة، إلا أنه طغت على خطابه حقيقة أن واشنطن تستخدم دول الشرق الأوسط كأدوات لها، وهي على استعداد لإساءة استخدامها أو التخلي عنها متى شاءت. ولا تزال واشنطن تحاول استخدام الشرق الأوسط كمرحلة للألعاب الجيوسياسية بين القوى الكبرى، حيث انكشف موقف بايدن الحيادي الزائف في القضية الفلسطينية مرة أخرى خلال الزيارة التي دفعت الفلسطينيين إلى الشوارع للاحتجاج، وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في مقال رأي مؤخراً إن الولايات المتحدة تتجاهل التوتر والعنف والظلم المتأجج الذي يسيطر على الواقع الفلسطيني، مما سيزيد من التدهور المستمر للوضع الراهن بين الطرفين.
على مرّ السنين تدخلت الولايات المتحدة بشكل تعسفي في شؤون الشرق الأوسط، وشنّت الحروب وفرضت عقوبات أحادية الجانب في المنطقة مما تسبّب في سقوط أعداد كبيرة من المدنيين وتشريد اللاجئين، حتى أصبح وجهها الحقيقي بصفتها “دولة مجرمة” واضحاً بشكل متزايد لشعوب الشرق الأوسط.
حتى في الداخل الأمريكي، كانت رحلة بايدن إلى الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية على نحو غير عادي، إذ كيف يمكن للرئيس الأمريكي الذي وضع ثقله بخصوص حقوق الإنسان في السياسة الخارجية للولايات المتحدة أن يتواصل مع حكومة كان قد تعهد بنفسه بأن يجعلها “منبوذة” لتورطها في مقتل الصحفي جمال خاشقجي؟!.
في مؤتمره الصحفي مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني يائير لابيد، أعلن الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة تتنافس على النفوذ الدولي، وأن زيارته للشرق الأوسط تهدف إلى إعادة تأكيد النفوذ الأمريكي هناك حتى لا تعطي مجالاً للصين أو روسيا أو إيران لملء الفراغ.
كرّر الرئيس الأمريكي حديثه عن “الفراغ” في قمة “الأمن والتنمية” مع عدد من قادة دول الشرق الأوسط في العاصمة السعودية، ما ألهم بعض المراقبين للاشتباه في أنه يحاول تجسيد هذا الأمر الذي طال أمده، أي “نسخة الشرق الأوسط من الناتو” مع الصين وروسيا كأهداف لها.
في الواقع، إذا كانت الولايات المتحدة تحاول إنشاء اتفاقية أمنية جماعية في الشرق الأوسط على أساس نموذج الناتو فإنها لن تؤدي إلا إلى تفاقم انعدام الثقة والأهداف المتباينة لدول الشرق الأوسط، مما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.