سورية في الأمم المتحدة: الدول الغربية تواصل توظيف مجلس الأمن خدمة لأجنداتها السياسية وتصفية حساباتها الجيوسياسية
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ، أن التوزيع الجغرافي غير العادل لمجلس الأمن الذي لا يعكس حقائق اليوم، يفاقم حالة الاستقطاب فيه ويدفع الدول الغربية الأعضاء فيه إلى مواصلة توظيفه خدمة لأجنداتها السياسية وتصفية حساباتها الجيوسياسية وفرض معاييرها عبر تقديمها مشاريع قرارات غير توافقية لا تصبّ في مصلحة الدول الأعضاء وخاصة النامية، الأمر الذي يجعل كبح جماح هذه الممارسات ضرورة وواجباً أخلاقياً.
وأوضح صباغ خلال جلسة للجمعية العامة اليوم أن بعض الدول تستغل قرار الجمعية العامة 262-76 حول أسباب استخدام الدول للفيتو في مجلس الأمن بطريقة مسيّسة لا تخدم الأهداف المعلنة لاعتماده ولا تنسجم مع البند الذي قدّم في إطاره وهو تعزيز منظومة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن جميع الدول الأعضاء في المنظمة الدولية تدرك أنه على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤولياته في إطار الامتثال الكامل لأحكام الميثاق الذي قام المؤسسون بتضمينه نظاماً واضحاً للتصويت يضمن حالة التوازن بين القوى الدولية وتلافي اندلاع مواجهات عالمية جديدة أو استخدام المجلس منصة لفرض أجندات بعض الدول على حساب دول أخرى.
وأشار صباغ إلى أن سورية كطرف معنيّ ومتأثر أول بمسألة تقديم المساعدات الإنسانية لشعبها الذي يعاني منذ عشر سنوات من حرب ظالمة فرضت عليه عبر الأدوات الإرهابية والإجراءات القسرية الأحادية يجعلها محاوراً رئيسياً في مناقشة أي قرار لمجلس الأمن ذي صلة بالشأن الإنساني في سورية، مبيّناً أن وفد سورية أعلن خلال كل المناقشات التي أجراها المجلس حول تطبيق القرار 2585 وجود عيوب جسيمة شابت تطبيقه وخاصة لجهة التمسك بآلية وحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود والتي لا تحترم سيادة سورية على الرغم من أن الظروف التي دعت إلى إنشائها في عام 2014 لم تعُد قائمة، والأهم هو عجز تلك الآلية عن ضمان عدم وصول تلك المساعدات إلى أيدي التنظيمات الإرهابية المصنفة على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية.
وبيّن صباغ أن الوفد الروسي أبدى تفهّماً لذلك وطالب بأن يتم التعامل مع أوجه قلق سورية بالجدية المطلوبة، لكن جهود وفدي سورية وروسيا اصطدمت بتجاهل متعمّد ومواقف عدائية انتهجتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي كانت أصلاً أعاقت على مدى عام كامل تنفيذ القرار 2585 من خلال مواصلتها تسييس العمل الإنساني وربطها أي دعم إغاثي أو تنموي بشروط وإملاءات لا تنسجم ومبادئ العمل الإنساني التي أقرّتها الجمعية العامة في قرارها 46-82.
ولفت صباغ إلى أن سورية عبّرت عن اتفاقها التام مع موقف روسيا وتقديرها لرفضها مشروع القرار القاضي بتمديد مفاعيل القرار 2585 لمدة عام دون إدخال أي تحسينات عليه تحقق الاستجابة الحقيقية للاحتياجات الإنسانية للسوريين بطريقة فعّالة ومتوازنة وشفافة وقابلة للقياس، وفي مقدمتها دعم تنفيذ مشاريع التعافي المبكر وإدراج قطاع مهم وحيوي فيها وهو قطاع الكهرباء.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن موقف روسيا جاء منسجماً مع التزامها التام بمبدأ احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها الذي أكدته جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما عبّر بإخلاص عن حرصها على التخفيف من معاناة الشعب السوري وتحسين الأوضاع الإنسانية لجميع السوريين دون تمييز، وذلك من خلال دعم جهود الحكومة السورية الشريك الأساسي للأمم المتحدة ووكالاتها في تنفيذ هذه المهمة.
وشدّد صبّاغ على أن الموقف الروسي الرافض لمشروع القرار كان ضرورياً لوقف التسييس الغربي وضمانة لتغليب البعد الإنساني على أي اعتبارات أخرى، وللحدّ من التضليل الذي مارسته الدول الغربية الثلاث وتلاعبها بمشاعر الرأي العام عبر الترويج لمزاعمها في الحرص الإنساني، في حين أنها تفرض إجراءات قسرية أحادية غير شرعية خلفت آثاراً كارثية على مختلف مناحي حياة السوريين.
وأشار صباغ إلى أنه من المفارقة أن الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن التي توجّه انتقاداتها لروسيا لتصويتها ضد مشروع القرار الأولي لتمديد مفاعيل القرار 2585 هي ذاتها صوّتت ضد مشروع القرار الذي تقدّمت به روسيا لتحقيق الغاية نفسها، ولهذا فإنه من الإنصاف أن تطلب الجمعية العامة أيضاً الاستماع لتبريرات تلك الدول.