معه حق “ينق”!
غسان فطوم
في غالبية الاجتماعات الحكومية وجلسات مجلس الشعب، دائماً ما نسمع وعوداً نارية ومداخلات برلمانية حامية حول ضرورة تحسين الواقع الخدمي والوضع المعيشي، وتطوير آليات العمل واتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المستهلك. لكن بحسبة بسيطة لعدد من القرارات التي صدرت السنتين الأخيرتين، نجد أن أغلبها غير فاعل أو مؤثر بشكل مريح على حياة المواطن، ويكفي أن نشير إلى قرارات رفع أسعار المحروقات والمواصلات والطاقة والخبز التي عكّرت المزاج الشعبي، عدا عن الارتفاع اليومي للأسعار وعدم الوفاء بوعود تحسين الكهرباء والماء والمواصلات رغم ما يدفعه المواطن من ضرائب وفواتير مرهقة، لدرجة أنه بات يترحم على سنوات مضت عاشها في عزّ الحرب كانت أحواله فيها أفضل بكثير مما هي عليه الآن!
حالٌ أقل ما يُقال عنها إنها “تعبانة”، لذا بات من الصعب أن تقنع المواطن بجدوى القرارات التي تصدر، فهي بنظره مجرد ردة فعل على مشكلة قائمة وليست حلاً لها. وإن كان هناك من حلّ، فغالباً ما يكون إسعافياً، والأمثلة كثيرة كالتي تتعلق بفشل مراقبة الأسعار ومكافحة الفساد وملاحقة التّجار المحتكرين للسلع الأساسية، وغيرها من المخالفات التي تُرتكب دون حسيب أو رقيب، ودون خطط فاعلة، ليصبح المواطن على يقين بأن أغلب تلك القرارات خلبيّ، كمن يكتب على الرمل، لذلك معه حق أن “ينق” بتحقيق الأفضل وهو يرى صدور قرارات في غير وقتها كاستيراد قطع السيارات وتجميعها، والتباطؤ باستيراد مواد غذائية تعتبر من أساسيات العيش في ظل ظروف صعبة تستلزم قرارات حنونة.
بالمختصر، نحتاج اليوم لسياسة اقتصادية واضحة المعالم، مقنعة للمواطن وتعزّز لديه الثقة وتقوّي الأمل، فبكل أسف اقتصادنا لغاية اليوم بلا هوية، فقد بدّل جلده – إن جاز التعبير – أكثر من مرة، أي لم يستقر بعد على هوية للمرحلة القادمة التي نأمل أن نتخلّص فيها من نغمة الحجج التي تقول إن “الموارد المالية غير كافية لتحسين الخدمات”، علماً أن هناك نفقات وصرفيات في مجالات وأماكن أخرى تقول عكس ذلك! ومن جانب آخر، بات على الأجهزة الحكومية أن تتماشى مع تغيّرات العصر بالكفاءة والخبرة وصحة القرارات، وإلا ستُشلّ قدرتها في التعاطي أو الاستجابة لمتطلبات وحاجات المواطن، وبالتالي ستتسع الفجوة بينهما أمام انكماش وتلاشي أبسط الحقوق والخدمات التي يكفلها القانون!
gassanazf@gmail.com