دراساتصحيفة البعث

تقرير بريطاني: المملكة المتحدة مجرمة!

عائدة أسعد

كما كان متوقعاً، اختارت وزارة الدفاع البريطانية التقليل من شأن تقرير قناة “بي بي سي” الذي نشرته مؤخراً، وكشف عن أدلة على جرائم حرب ارتكبها أفراد من نخبة الخدمات الجوية الخاصة بالمملكة المتحدة في أفغانستان.

يشير التقرير الذي تمّ الحصول عليه خلال التحقيق الذي استمر أربع سنوات من قبل فريق بانوراما في “بي بي سي” إلى أن إحدى وحدات القوات البريطانية الجوية قتلت بشكل غير قانوني 54 شخصاً في جولة واحدة استمرت ستة أشهر.

ولكن من خلال الادّعاء بأن التحقيقات السابقة في سلوك القوات البريطانية في أفغانستان وجدت أدلة غير كافية لتوجيه الاتهامات، تأمل الحكومة البريطانية مرة أخرى في غض الطرف عن هذه القضية كما فعلت في 2004 و2008 و2019 عندما ظهرت تقارير عن قيام القوات البريطانية بإعدام مدنيين في العراق وسورية وأفغانستان.

وفي بيان لهيئة الإذاعة البريطانية قالت وزارة الدفاع: “لقد خدمت القوات المسلحة البريطانية بشجاعة ومهنية في أفغانستان وسنلزمها دائماً بأعلى المعايير”. كما نشرت الحكومة وثيقة بعنوان “نهج المملكة المتحدة لحماية المدنيين في النزاعات المسلحة” في عام 2020 زعمت فيها أنها تعزز المساءلة.

ومع ذلك، تُظهر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية أن كبار ضباط القوات الخاصة كانوا على دراية بالمخاوف بشأن القتل العمد للأفراد حتى بعد تقييدهم، إضافة إلى تلفيق الأدلة التي تشير إلى القتل المشروع دفاعاً عن النفس، لكنهم فشلوا في إبلاغ الشرطة العسكرية بذلك.

في عام 2014، بدأ تحقيق بقيادة الشرطة العسكرية الملكية في 675 ادعاء يتعلق بعمليات الاحتجاز البريطانية في أفغانستان بين عامي 2005 و2013 والتي وردت من 159 فرداً. ومع ذلك، توقفت التحقيقات في عام 2019 وسط مزاعم بعرقلة وزارة الدفاع التي ادعت أنه لم يتم العثور على أي دليل على أي جريمة، ولا يمكن أن تكون وزارة الدفاع هي اللاعب والحكم في الوقت نفسه، ويجب أن يكون هناك تحقيق مستقل من قبل المحكمة الجنائية الدولية لتحديد ما إذا كان قد تم ارتكاب جرائم حرب.

إن تقرير “بي بي سي” هو الأحدث في سلسلة طويلة من عمليات الكشف على مر السنين التي تسلط الضوء على أن الإساءة المنهجية وقتل المدنيين في أفغانستان على يد القوات المسلحة البريطانية ليس مجرد تكلفة هامشية للجنود، بل نتيجة رفض الجيش والحكومة في المملكة المتحدة التصرف.

تجدرُ الإشارة إلى أنه بعد أن أدت العمليات في العراق وأفغانستان إلى عدد غير مسبوق من الدعاوى القانونية، قدمت حكومة المملكة المتحدة مشروع قانون العمليات الخارجية الذي يضع الجيش فوق القانون من خلال العمل كقانون تقادم على جرائم الحرب مما يجعله مستحيلاً لمحاكمة الجناة بعد خمس سنوات من وقوع الجريمة.