الدور الأمريكي في الكوارث الإنسانية
عائدة أسعد
لا يخفى على أحد أن واشنطن تشن حروباً بالوكالة من أجل ترسيخ مكانتها باعتبارها القوة المهيمنة الوحيدة في العالم، وقد تم الحصول على وثيقة جديدة تقدم أول تأكيد رسمي لذلك من خلال قانون حرية المعلومات.
تكشف الوثيقة أنه بين عامي 2017 و 2020 نفذ الجيش الأمريكي ما لا يقل عن 23 برنامجاً منفصلاً من فئة برامج “إيكو 127” في جميع أنحاء العالم. وكما هو معروف تستخدم الولايات المتحدة من خلال تلك البرامج سلطة تمويل مجددة لتمكين القوات الأمريكية من إجراء عمليات بواسطة قوات شريكة أجنبية وغير نظامية في جميع أنحاء العالم. وعلى عكس برامج المساعدة العسكرية الأجنبية التقليدية والتي تهدف في المقام الأول إلى بناء القدرات المحلية، فإن عمليات “إيكو 127” تزود الولايات المتحدة بقوات بديلة قابلة للحياة مصممة لتحقيق أهداف لها بتكلفة منخفضة نسبياً من حيث الموارد ومخاطر منخفضة نسبياً على شؤون الموظفين فيها. بمعنى آخر، وكما أوضحت لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب في عام 2019، تم إرسال 127 شريكاً في مهام موجهة من الولايات المتحدة تستهدف أعدائها لتحقيق أهدافها، وهنا لا يقدم الموظفون الأمريكيون المساعدة أو النصح للشركاء، بل يدفعونهم إلى تقديم عروضهم.
ومن الواضح أيضاً أن برامج “إيكو 127” هي وسيلة طويلة الذراع للولايات المتحدة لتحقيق أهدافها السياسية من خلال الحروب بالوكالة، أو القيام بالعمليات العسكرية، بحيث من خلال التحريض، وتقديم الدعم المالي والعسكري للوكلاء بهذه الطريقة، يمكن للولايات المتحدة إخفاء يدها المسيطرة خلف الكواليس، كما تساعد هذه البرامج في إنقاذ سمعتها وتخفيف ضميرها الوطني، وإلا سيكون من الواضح للجميع أنها مصدر جميع النزاعات العسكرية تقريباً في جميع أنحاء العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كما يتضمن ذلك الأزمة الحالية في أوكرانيا، فهي حرب أخرى بالوكالة تقوم الولايات المتحدة بها، وتبذل كل ما في وسعها لضمان إطالة أمد الصراع لأطول فترة ممكنة على احتمال أن روسيا قد تستنفد الكثير من قوتها الإجمالية، وبالتالي لن تكون منافساً حقيقياً بعد الآن. وهذا يفسر لماذا لم تبذل الولايات المتحدة أي جهد للوساطة بين روسيا وأوكرانيا والتي بدلاً من ذلك قدمت السلاح فقط لأوكرانيا لإشعال فتيل حربها بالوكالة .
ومن المعروف أن العمليات العسكرية الطويلة للولايات المتحدة تسببت على مر السنين بالاضطراب والمعاناة لملايين الأشخاص حول العالم، وبينما تدعي باستمرار أنها تدعم حقوق الإنسان والديمقراطية، تسعى واشنطن لتحقيق أهدافها الجيوستراتيجية على حساب الشعوب الأخرى، وتعمل على تحقيق مكاسب مادية على حساب الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية للبلدان الأخرى.