تجنباً للمحظور..!
علي بلال قاسم
بحكم الأمر الواقع الذي فرضته الظروف، بات موقف القطاع الزراعي محرجاً، لاسيما أننا أمام محاصيل جنيت وأخرى بدأت تطرق أبواب قطافها وتسويقها. ولا يسعنا في ضوء الهواجس المبررة التي تتسرب إلى صدور المزارعين أن نتكلم جزافاُ عن مواسم في الحدود الآمنة، فالتسويق الذي يشكل أنموذجاً غير تقليدي في آليات التصريف على مساحة المحافظات سيكون متأثراً إلى حد بعيد بآليات تدفق المنتج الزراعي بين المناطق والمحافظات.
قد تتجلى حساسية بعض المحاصيل في دعم إمكانية تخزينها أو تأجيل بيعها، وهنا تكمن الخطورة الأكبر، فالاعتماد على أسواق البيع المباشر بحد ذاته يشكل فرصة للمزارعين للحصول على سعر منافس، والتخلص من أعباء التخزين غير المتاحة في زمن اللا كهرباء واللا محروقات، لاسيما وأن المزارع، وهو الخاسر الأكبر، يبحث دائماً عن فرق سعر ولو تطلب الأمر الشحن إلى محافظات بعيدة عن الحقول والبساتين.
للوهلة الأولى، يصر البعض على زرع عامل الخوف والتوتر عند المزارعين لخلق حالة من البلبلة وفرض الضرر والإيذاء للاقتصاد الزراعي، في وقت نحن بأمس الحاجة لإثبات قدرتنا على الاعتماد على الذات بمعزل عن المستوردات والسلع الأجنبية المثيلة. ولكن مع دخول القطاف والتسويق وانتهاء عمليات البيع لآخر حبة، يكون التعويل في الأمور والمجريات أن تمر على خير دون مشكلات خارجة عن المألوف، وبالتالي محاولة لإثبات أن المجتمع الإنتاجي الأقوى والمنتصر دائماً وهذا ما تجسد في تسويق العديد من المحاصيل عندما تحالفت وتكاتفت وتشاركت المؤسسات والفعاليات التجارية لتكون خيرات وأرزاق البلاد الزراعية محصنة من الهلاك والعطب والإتلاف.
قد يرى البعض أن آثار الحصار والعقوبات نفسية أكثر منها حقيقية، وهذا ما يمكن إسقاطه على المواسم وتسويق المنتجات الزراعية، حيث تكثر الشائعات وتدور عوامل الإرباك عند بعض السلبيين والمتصيدين (قد تكون متعمدة من قبل تجار وسماسرة لتحقيق مرابح خيالية..)، مترافقة مع القلق المفتوح ولكن في الحدود المنطقية والمعقولة. ومع ذلك، هناك واقع لا يمكن القفز عنه والتعامي عن تأثيراته يفرض على صناع القرار تحركاً مسؤولاً وعملاً دؤوباً لإنقاذ المحاصيل في زمن الحاجة إليها وضرورة استهلاكها على موائد المستهلك.
هي دعوة للاستفادة من تجربة تسويق المحاصيل بما ينسجم مع مصلحة المزارع الذي هو بحق صمام الأمان في حلقات الزراعة والتصريف ووصول المنتج الزراعي للمستهلك عبر آليات إدارية ومؤسساتية مرنة وفعالة خالية من التعقيدات والروتين الذي يضرب المواسم. وبالتالي، ثمة ما يجيب العمل عليه وهو التصرف بعقلية تاجر سوق الهال، وهذا ما عملت عليه المؤسسة السورية للتجارة بتعاملها مع العديد من المواسم عبر الاحتكاك مع المزارع مباشرة دون وسيط وحلقات “كومسيون”، في خطوة لابد من تعميمها وتوسيع دائرتها بما يعود على الاقتصاد الزراعي وأقطابه (المزارع التاجر الزبون) بالخير، وفي أنموذج التفاح القادم فرصة للتحضير والاستعداد المبكر حتى لا نقع في المحظور.