اختزال مؤسساتي!
بشير فرزان
يعمل العديدُ من أصحاب القرار في الكثير من الوزارات والمؤسّسات والشركات على اختزال العمل المؤسّساتي بالقرار الفردي، وبشكل يدين العمل المؤسّساتي بالضعف وعدم القدرة على التعامل مع المستجدات بفاعلية، وهذا ما يدعم الأحاديث التي تواكب اليوم تطلعات الشارع السوري بالتغيير المؤسّساتي بمختلف مستوياته، والذي بات الأكثر حضوراً في الأوساط الشعبية والإعلامية والرسمية، ولم يعد التنافس بين التوقعات والتكهنات محصوراً بالمناصب الحكومية الشاغرة على مختلف مستوياتها بل ويحاكي بشكل مباشر أداء جميع الأسماء المستمرة في عملها منذ سنوات، سواء في العمل الحزبي أو العمل الإداري الحكومي، والتي تتصارع وتتنافس على جائزة البقاء في المنصب استناداً لمعطيات مختلفة، منها ما هو في خانة الترويج الشخصي أو اعتماداً على ورقة التزكية التي قد تكثر البصمات عليها!.
وفي أجواء الترقب والانتظار للإجراءات والقرارات التي ستُتخذ في القريب لتحقيق التقدم الإصلاحي في الوزارات والمؤسّسات، يسأل الجميع، مواطنا ومسؤولا: هل سيكون هناك اختلاف في آليات العمل المؤسّساتي المتّبعة في منظومة العمل الوظيفي، أم ستكون نسخة مكررة لسابقاتها والتي عمّقت أزمات المؤسّسات ووأدت محاولات إصلاحها؟ وهل سيكون هناك توجهات فعلية وتغييرات جذرية في الصفوف الأولى، أم قُضي الأمر بين جدران المكاتب لتضيع هنا معادلة “الشخص المناسب في المكان المناسب” في زحمة التبعيات والولاءات الوظيفية؟!
لا شكّ أن الظروف الحالية، وتطلع الناس إلى تغييرات حقيقيّة تُبنى عليها الكثير من الآمال والمسؤوليات، تفرضُ الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة في كلّ المواقع الشاغرة على اختلافها، واستبعاد الانتقائية والتدخلات غير الموضوعية وخياراتها. ومع استذكار العديد من الانتكاسات والمشكلات التي حدثت في مختلف المؤسّسات، سواء أكانت خدمية أم إدارية أو اقتصادية أو إعلامية و.. و.. نجد أن سببها الأول كان سوء إدارة العمل وضعف القرار المتخذ، وعدم الخبرة في التعامل مع المستجدات، وهذا الأمر لا يعود إلى خصوصية المرحلة فقط، كما كان يروّج له، بل إلى عدم توافر الإمكانيات والمواصفات المطلوبة لدى الكثير من الأشخاص في مواقع المسؤولية، وما أكثرهم!!
بالمختصر.. الشخصية الاستثنائية لا تحتاج إلى شهادات عليا أو قدرات خارقة تتخطى حدود الفكر البشري، بل كلّ ما تحتاجه هو الانسجام مع الواقع وقوة الشخصية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب، وإمكانية المبادرة المباشرة والاستجابة الذكية للمستجدات، وضبط الكوادر الوظيفية ضمن منظومة القوانين، والتخلي عن المصالح الشخصية واستراتيجية من تحت الطاولة ومخاوف الكرسي ولعبة الدوائر والتبعيات التي تعيق أي عمل إصلاحي مؤسّساتي حقيقي لتكون النتائج ضمن بند الاختزال المؤسساتي.