غلاء أسعار النوادي والمنتزهات يقلّص خيارات الطلبة في استثمار أوقات الفراغ!.
تعوّد الطلاب والتلاميذ في سنوات سابقة على عطلة صيفية حافلة بالأنشطة والفعاليات عبر النوادي بأشكالها التعليمية والترفيهية والفنية بما يساهم في تنمية مواهبهم واستثمار قدراتهم، إلا أن هذه الظاهرة قد تلاشت في أيامنا هذه بسبب تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى جنون أجور المرافق السياحية حتى الشعبية منها.
اليوم هناك من يسأل: هل من حلول تساعد وتسهم في استثمار الطلاب لعطلتهم الصيفية في ظل هذا الظرف الاقتصادي الصعب دون أن تضيف عبئاً جديداً على كاهل الأهل؟ وهل من ضير إن بادرت وزارة التربية بفتح مدارسها واستثمارها كنواد للطلاب وبأسعار رمزية تعود بالفائدة على كلا الطرفين؟
فرصة للتأمل والتفكير
شغل أوقات فراغ الأبناء الصغار منهم والكبار وكيفية إدارته من أهم الأشياء التي تشغل بال الكثير من الآباء والأمهات بحسب الدكتورة منى كشيك أستاذة التربية بجامعة دمشق، وذلك لما لها من تأثير ايجابي، وخاصة على سلوك الطفل وتربيته فهي من شأنها أن تعطيه الكثير من المهارات والقيم النبيلة.
وأشارت الدكتورة كشيك إلى ضرورة أن تُستغل أوقات فراغ الطلاب بالكثير من النشاطات والمغامرات والاكتشافات ومشاهدة البرامج التلفزيونية الخاصة بهم وتكوين صداقات، لما لوقت الفراغ واستثماره من فوائد كثيرة أهمها إعطاء فرصة للتأمل والتفكير، وكشف مواهبهم وميولهم واهتماماتهم.
ونظرا لأهمية استثمار أوقات الفراغ وخاصة بعد الانتهاء من عام دراسي طويل شددت كشيك على ضرورة بحث الأهل عن نواد يضعون فيها أولادهم لممارسة رغباتهم، ولكن نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة للأسرة وارتفاع أسعار النوادي الصيفية والترفيهية، فهي تأمل من وزارة التربية استثمار أقصى إمكانيات نواديها وكذلك المدارس ودعمها بكل ما تحتاجه لتوفير فرصة لطلبة المدارس بقضاء أوقات فراغ مفيدة بعيداً عن استغلال النوادي الخاصة التي تطلب أسعاراً كاوية لا تستطيع غالية الأسر تحملها، رغم وجود الكثير من الملاحظات على ما تقدمه من خدمات!.
استثمار المدارس
دعت نسيبة مسلم المرشدة الاجتماعية في إحدى المدارس لفتح النوادي الصيفية المأجورة ضمن المدارس الحكومية وأن تقدم خدماتها بأسعار رمزية تتناسب مع الوضع المادي للأهالي بحيث تكون الاستفادة عائدة على الطلاب والمدرسة، كون النوادي الصيفية مهمة جداً لاستثمار العطلة بحيث تتضمن أنشطة ترفيهية وأنشطة تعليمية كتعليم الحساب الذهني لزيادة التركيز عند الطلاب وتعليم اللغة الإنكليزية لأن فئة كبيرة من الطلاب تعاني من ضعف عام، وليس لديهم القدرة المادية للتسجيل في النوادي والمعاهد الخاصة ذات التكلفة العالية التي تفوق قدرة 50% من الأهالي، ومن خلال هذه النوادي وفق ما ذكرت “مسلم” يمكن جعل الطالب يخوض تجارب جديدة تحوي برامج قيادية لزيادة الثقة بالنفس ولاكتساب مهارات تصقل الشخصية.
واقترحت المرشدة الاجتماعية لإقامة مثل هذه النوادي التعاون من قبل الجمعيات والمراكز المهتمة بالطفل، فالنادي الصيفي هو عبارة عن فسحه للطفل للتفريغ عن الهوايات التي من خلالها يقدم له الدعم النفسي وإخراجه من المشاكل النفسية بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المحيط بكل طفل وللحفاظ على الطلاب من الضياع خلال فترة العطلة كاستغلالهم كيد عامله أو جرهم للانحراف وغيره.
مقترح المرشدة الاجتماعية شاركتها فيه الدكتورة كشيك مبينة بأنه لا ضير لو بادرت وزارة التربية لفتح واستثمار مدارسها خلال الصيف كنواد صيفية ولو بأسعار رمزية لتنمية مواهب الأطفال في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يحول دون تمكين أغلب الأهالي من تسجيل أبنائهم خلال أشهر الصيف، مع الانتباه إلى ضرورة تنمية المواهب التي تظهر ملامحها على الطفل حتى أثناء العام الدراسي أي ألا تقتصر النوادي على فترة الصيف.
ولمعرفة رأي وزارة التربية بهذا المقترح حاولنا الحصول على رد لكن لم يأتِ بعد رغم مرور وقت كافٍ!!.
سلوك غير منضبط
غياب الأماكن المناسبة لشغل أوقات الفراغ بالنسبة للأطفال وطلاب المدارس خلال فترة الصيف يعدّ مشكلة كبيرة يعاني منها عدد كبير من الأسر، وخاصة مع ضعف التعاضد الاجتماعي وتدني الأجور ومستويات الدخل، وذلك بحسب الدكتور أحمد الأصفر أستاذ علم اجتماع في جامعة دمشق، موضحاً أن تداعيات المشكلة وتبعاتها بالنسبة إلى الطفل تختلف باختلاف البيئة الحاضنة له، على المستويات الأسرية والاجتماعية، بالإضافة إلى اختلاف البيئات المحيطة بالأطفال من حيث طبيعة الروابط الاجتماعية بين مكوناتها، ومستوى الثقافة السائدة وغير ذلك من الاعتبارات التي تزداد خطورتها مع غياب المؤسسات الرسمية، وخاصة التربوية منها والاجتماعية والثقافية.
وتبعا لهذا التصور فمن المتوقع بحسب الأصفر أن يكتسب الأطفال الذين يندفعون إلى شغل أوقات فراغهم في الأزقة والشوارع وفي البيئات التي تغيب فيها أوجه الرقابة الاجتماعية أنماطاً من السلوك غير المنضبط، ويجعل منهم مهيئين للانحراف وممارسة سلوكيات يعاقب عليها القانون، بالإضافة إلى ما يترتب على سلوكهم من أخطار تهدد مستقبلهم، ومستقبل المجتمع الذي يعيشون فيه، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة أن تقوم المؤسسات الرسمية ذات الطبيعة الاجتماعية والتربوية والثقافية بوضع برامج عملية وتطبيقية تساعد في استقطاب الأطفال ودمجهم في نشاطات اجتماعية وثقافية وترفيهية وتعليمية تجنب الأطفال مظاهر الخطورة التي سبقت الإشارة إليها، وتنمي طاقاتهم وتوجهها في المسار الصحيح.
ليندا تلي