حبة القمح..!
وائل علي
لم يكن عام القمح “المُخيِّب” أكثر من مانشيت عريض تصدّر التصريحات الرسمية وعناوين الأخبار المحلية والصحف اليومية، تداولته وزارة الزراعة حينها بكثير من الزهو الذي سرعان ما انطفأ وخبا مع أول نضوج حبة قمح، وأمام حقيقة صادمة كشفت أن حسابات الحقل لم تنطبق مع حسابات البيدر، وأن قمحنا ضاع من بين أيدينا – كما بات معروفاً – لأسباب ومبررات أماطت اللثام عن الكثير من المواجع والتقصير وغياب التنسيق والتحضير المتوازن لمحصول استراتيجي بهذا الحجم وبهذا الأمل؟!.
لكن ألا يُفترض أننا تعلمنا ما تعلمناه من دروس، حتى لا نقع بالحفرة ذاتها ونشرب من الكأس نفسه؟.
صحيح أن الموسم الحالي لم يحظَ بالدعاية التي حظي بها “عام القمح” إياه، مع ذلك فقد سجّلت بيانات الحصاد المعلنة أرقاماً تجاوزت نصف مليون طن بقليل، صارت في عهدة المؤسسة العامة للحبوب وصوامعها وأهراءاتها، وهي أقل بكثير من التوقعات، وبالكاد تعادل ربع أو ثلث احتياجات السوق المحلية أو أقل، وهذا يعني بطبيعة الحال أننا متجهون أوتوماتيكياً نحو الاستيراد لسدّ النقص، وهذا تحدّ كبير ليس من السهل التعامل معه!.
لا شك أن أسئلة بديهية كثيرة تخطر في البال في هذا السياق، مثل: هل كان من الصعب حقاً توفير الأجواء الزراعية المناسبة من بذار وأسمدة وأدوية ومحروقات وغيرها من البنود التي تتطلبها وتحتاجها العملية الزراعية في الوقت المناسب.. إلخ؟.
يعني.. طالما أننا نعيش ضائقة اقتصادية نعاني منها الأمرّين، أما كان التفاني في خدمة وتهيئة الظروف حلاً ومخرجاً لإنتاج موسم قمحي وفير نحن بأمسّ الحاجة له، ولكنّا تفادينا وتجنبنا شباك سماسرة تجار القمح التي تتقاذفها الأهواء وتتلاعب بها المصالح، ولكنّا وفرنا القطع النادر لشراء القمح؟!.
إننا نعتقد لو أن وزارة الزراعة والحكومة معاً عملتا على توفير الإمكانات اللازمة لإنجاح موسم القمح واستجابت لأصوات الفلاحين، لكنّا ننعمُ ونجني اليوم محصولاً استثنائياً بكل ما للكلمة من معنى، وأعدنا في الوقت نفسه أمجاد تربع سورية على قائمة أهم الدول المنتجة للقمح التي تتحدّد على وقع إنتاجها أسعار بورصة القمح، ولاسيما القاسي منه.
إننا لا نريد أن نخسر هويتنا الزراعية التي أبعدت الويل عن أمتنا لسنوات، فجعلتنا في يوم من الأيام دولة تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، كما يقول جبران خليل جبران، وتصدّر، وهذا حقنا الطبيعي!.
Alfenek1961@yahoo.com