قرار اليابان السام
ترجمة: هناء شروف
وافقت هيئة التنظيم النووي اليابانية رسمياً على خطة شركة طوكيو للطاقة الكهربائية لنقل المياه الملوثة من محطة فوكوشيما للطاقة النووية إلى المحيط بعد أن قيل إنها استجابت للرأي العام مدة شهر.
ومثل هذا القرار الذي وُصف بـ”السام” سيضرّ بشكل كبير بالبيئة البحرية وكذلك صحة الناس في المنطقة بأسرها.
وبعد أن دمّر تسونامي الناتج عن زلزال هائل محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في آذار 2011، بدأت شركة “تيبكو” بتصريف المياه عالية الإشعاع في البحر. ومع ذلك، وبعد ضغوط من الناس بدأت ببناء خزانات لتخزين المياه الملوثة بدلاً من تصريفها في البحر، لكن صهاريج التخزين هذه يمكن أن تحتوي فقط على 1.37 مليون متر مكعب من المياه، وستكون ممتلئة بحلول صيف عام 2022.
في 13 نيسان 2021 أعلنت الحكومة اليابانية وشركة” تيبكو” أنه سيتمّ تصريف أكثر من مليون طن من المياه المشعة من الموقع في البحر بعد المعالجة بدءاً من ربيع عام 2023 تقريباً.
وقالت الحكومة اليابانية العام الماضي إنه سيتمّ إعادة تنقية مياه فوكوشيما لتفي بالمعايير التنظيمية، لكن هذه الحدود مخصّصة لمحطات الطاقة النووية العاملة وليس للإفراج المتعمد عن المياه الملوثة من كارثة نووية. وهنا من الممكن أن يحدّد الإجراء الياباني الاتجاه للدول الأخرى لتصريف النفايات المشعة بأسلوب يتحدى المعايير المحدّدة.
وتدّعي شركة “تيبكو” أن المياه لن يكون لها أي تأثير سلبي على الصحة العامة، لكن هذا الأمر سيصبح أكثر وضوحاً بعد سنوات، أو حتى عقود عندما يكون قد فات الأوان. إن تجربة “إعادة التنقية” التي أجرتها شركة “تيبكو” لم تجربها إلا على كمية صغيرة من الماء، وتحتاج الشركة إلى التحقق مما إذا كان يمكن الحفاظ على أداء المعالجة لفترة طويلة من الزمن، وإلا فإن الكائنات الحية البحرية ستلتقط تراكم النظائر في رواسب قاع البحر.
على الرغم من ادّعاء شركة “تيبكو” أنها قرّرت التخلص من المياه الملوثة النووية المعالجة في المحيط لأن الشركة ستنفد من مساحة تخزين المياه الإضافية بحلول منتصف عام 2022، قالت المنظمات البيئية إن هناك مساحة لخزانات إضافية على الأرض المجاورة لحرم فوكوشيما، حيث سيسمح مثل هذا التخزين للنظائر المشعة بالتحلل بشكل طبيعي أثناء شراء الوقت لتطوير تقنيات علاج جديدة.
بالمضي قدماً في خطة تصريف المياه السامة في البحر، تتهرب “تيبكو” والحكومة اليابانية من المسؤولية بدون استنفاد جميع وسائل التخلص الآمنة، والكشف عن جميع المعلومات ذات الصلة، والتشاور مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدول المجاورة. ونظراً لأن جميع البحار مترابطة، ليس فقط جيران اليابان المباشرين مثل الصين وجمهورية كوريا من سيتأثر، ولكن حتى أمريكا الشمالية وأوروبا لا يمكنها الهروب من الضرر المحتمل من التصريف الإشعاعي.
يجب على الجميع الوقوف ضد هذا القرار الذي قد يكون كارثة كبرى، لأن قرار اليابان يهدّد بشكل خطير الحياة البحرية، وكذلك حياة البشر، ويشكّل انتهاكاً صارخاً للقواعد الدولية. لذلك، لا يمكن التعامل مع إطلاق المياه السامة في المحيط على أنه شأن داخلي لليابان، بل إنه مصدر قلق عالمي، ويتطلب اقتراحات من العديد من اللاعبين الآخرين.