لحظة استفاقة
علي بلال قاسم
لم يك وقع ذاك التصفيق الذي رافق إطلاق مجالس رجال الأعمال قبل سنوات مريحاً إلى ذاك الحد الذي نتصوره على الأقل بالنسبة لمجالس إدارات الغرف التجارية التي تلمست فروة رأسها، في لحظة استفاقة، لتجد أن هذه التشكيلة الجديدة والتي خرجت من عباءة الحكومة ليست إلا منافساً جديداً، لابل ساحباً بامتياز للبساط من تحت أقدام بعض شيوخ التجارة في المحافظات.
ومع إدراك كل طرف لمرامي السلطة التنفيذية في إعادة تشكيل المجالس ضمن ضوابط وشروط، ولاسيما لجهة فتح آفاق جديدة وتوطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الدول خصوصاً في ظروف اقتصادية حالكة كالتي نعيشها، إلا أن عين الحسد والقلق كانت حاضرة منذ اللحظات الأولى عندما أعلنت وزارة الاقتصاد عن عزمها طرح وجوه عصرية بياقات بيضاء وألسنة تتكلم اللغات والأهم امتلاك الشهادات العليا التي تؤهل رجل الأعمال إشادة جسور التبادل التجاري مع البلد الذي يكلف بحمل حقيبة التواصل الاقتصادي معه.
بوجود نحو 70 مجلس أعمال برؤسائها وأعضائها، لا يعمل منها إلى الآن سوى القليل في الدول الصديقة، لم تك السنوات الماضية محفوفة بالرضا التام من قبل الغرف إذ لا يخفي رؤساء غرف التجارة تحفظهم على هذه المجالس معتبرين في أكثر من مناسبة أنها لم تجلب سوى وجع الرأس عدا عن الإحساس الحقيقي بتنازع الصلاحيات، إذ بات رئيس مجلس الأعمال يعمل خارج السرب ويقوم بالاستفراد بكل الأنشطة التي تتعلق بالصفقات والعقود واتفاقيات التبادل التجاري، ما أثر سلباُ على أداء الغرف وتواصلها مع تجار وفعاليات تلك الدول.
أمام الكثير من الاشكاليات هناك ما يدعو للتفكير بهذه التجربة، ولاسيما مع تسجيل المزيد من المواقف المؤيدة والمعارضة لتجربة مجالس رجال الأعمال، وهنا لايخبئ رجال الأعمال أمام المسؤولين رغبتهم إلغاء المجالس لعدم الجدوى في وقت ارتأى بعضهم الآخر أن يعاد النظر بها، منعاً للتضارب في الصلاحيات والمسؤوليات.
ومابين هذا وذاك يؤكد مراقبون موضوعية التمايز الذي حصل في أداء هذه المجالس من حيث الانجازات وماتحقق في إطارها، حيث تجري عمليات تقييم لكل مجلس من حيث الأداء، علماً أن بعضها لم يحرك ساكناً منذ تأليفه ولم يحدث أي فروقات على صعيد العلاقات الاقتصادية المطلوبة كما تقول تقارير الجدوى الفنية لإحداث هذه المجالس.
بالعموم تتعدد المقترحات وتتنوع ويبقى التفكير حتمياُ في قنوات التغيير التي ينشدها العمل المؤسساتي، لاسيما أننا أمام قانون غرف تجارية اشتغل عليه الكثير ويراهن على آليات فعالة لتطبيقه، كما أن هناك لجنة تدرس السياسات الاقتصادية والاجتماعية والغرف جزء منها وكل هذا التطورات من المفترض أن تفرز إعادة هيكلة للمؤسسات والمنظمات والاتحادات وعلى الأغلب ستكون إضبارة مجالس الأعمال أولوية.