مجلة البعث الأسبوعية

التغيرات المناخية تهدد الإنسان والزراعة.. وخطى خجولة في الأسباب والمعالجة  

البعث الأسبوعية – بشار محي الدين المحمد

يوماً بعد يوم بتنا نلاحظ التأثير الشديد للمتغيرات المناخية ضمن فصول السنة وأثرها على البيئة والإنسان والزراعة والحيوان، كما تتم الإشارة لتلك التغيرات وطرق التعامل معها للحد من الخسائر والأضرار.

وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا خلال جولة ميدانية له لفت إلى أن الظروف الجوية المفاجئة وهطول الأمطار الاستثنائي الذي وصل في بعض المناطق إلى 20_30 مم يجعلنا مواجهة مع التغيرات المناخية التي تم الحديث عنها مكررا، مؤكداً أن التغيرات المناخية التي نشهدها من تأخر الأمطار في بداية الموسم أدت إلى صقيع شديد، ومن ثم انقطاع الأمطار في شهر نيسان بشكل مطلق، تلاها انخفاض درجات الحرارة في شهر أيار، لنشهد في 25 حزيران كميات هطول كبيرة للأمطار في المنطقة الوسطى والساحلية لمدة أسبوع، وتابع وزير الزراعة: هذا يحتم علينا أن نبدأ بشكل جدي وعلى مستوى إقليمي وليس فقط وطني وضع إستراتيجية وطنية على أثر التغيرات المناخية، وطرح بدائل جديدة للزراعة، من حيث المواعيد، واختيار المحاصيل، ومن حيث الممارسات والعمليات الزراعية التي يحب أن نقدمها للمزروعات.

وفي إطار تغير مناطق الاستقرار الزراعي في سورية والتي لم تعدل منذ ستينيات القرن الماضي لفت الوزير إلى ضرورة إعادة النظر في طرق الزراعة المتبعة في منطقة الاستقرار الثانية بريف حماة الشرقي في ظل ظروف الجفاف المتكررة كل عام، وطرح حلاً بإعطاء ميزة أفضل لزراعة الشعير بعل في الأراضي الضعيفة والخفيفة، والاستمرار بزراعة القمح في الأراضي الخصبة كزراعة بعل، أما الزراعة المروية حتماً سيتمر بزراعة محصول القمح في تلك الأراضي، لتجنب تعرض القمح للجفاف كما حدث في الموسمين الماضيين.

 

وطالب وزير الزراعة  بالتوقف عن زراعة الزيتون في منطقة المخرم بريف حمص الشرقي نتيجة قلة المياه والجفاف طارحاً تطوير زراعة القبار وزيادة المساحة المزروعة به لأنه محصول اقتصادي في المنطقة المخرم(نبات شوكي ولا يحتاج مياه)، وتبني برنامج جديد لنشر الأصناف التي تقاوم الصقيع وتطعيم الأشجار الموجودة، حتى على صعيد الشق الحيواني طرح الوزير الاهتمام بتربية الأغنام وتوطين تربيتها بشكل خاص كون طبيعة المنطقة ملائمة لتربية الأغنام.

وعلى الصعيد الخارجي دعا المشاركون في الدورة السادسة والثلاثين للجمعية العمومية للمركز العربي “أكساد”، من وزراء الزراعة العرب التي اختتمت أعمالها منذ عدة أيام- دعوا للتكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها السلبية في المنطقة العربية، وإلى توحيد الجهود المشتركة والعمل والتعاون والتنسيق مع كافة الجهات ذات الصلة على المستويين العربي والدولي لإيجاد الآليات اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها السلبية على المنطقة العربية.

وفي زحمة الفرضيات والتفسيرات المتضاربة المنتشرة في كل مكان حول ظاهرة التغيرات المناخية، بين لنا الدكتور والباحث في خرائط الأنظمة البيئية الزراعية باستخدام تقانات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، محي الدين كلخه أن التغيرات المناخية الحالية المتمثلة بالتغيرات الفيزيائية والكيمائية في المناخ، وتأثيراتها المترافقة على الزراعة والأمن الغذائي تعد الأكثر تحدياً للتكيف البشري، فقد أدت إلى تغير في درجة الحرارة, وتركيب الهواء, والدورة الجوية, والطقس الحاد, والإشعاع الشمسي، وتحديداً خلال القرن الماضي من خلال التغيرات الحادة في استعمالات الأراضي والغطاء الأرضي والموارد المائية، كما أكدت الدراسات المناخية من قبل(IPCC, 2007a)وجود انخفاض واضح في الهطل المطري في المنطقة المتوسطية مع بروز وتمدد ظاهرة الجفاف، والتي قد تؤدي إلى ظهور تغيرات جذرية وحدية في أنماط الغطاء النباتي ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الإقليمي أيضاً، إضافة إلى التغيرات المترافقة في العامل الوراثي والإنتاجية للبذور تجاه التكيف مع الجفاف ومقاومة الأمراض، ويرى الباحث أنه من المتوقع أن تزداد شدة وتكرارية الحوادث المناخية الحدية مع التسخين الحراري العالمي المترافق معه، وهذا ما يجعل من تطوير وتحسين الاستراتيجيات الحالية للحد من تأثيرات التغيرات المناخية ضرورة ملحة للتخفيف من تأثيراتها وانعكاساتها على الظروف الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة باستخدام الموارد المائية، كما سبق أن أظهر البلاغ الأول للتغيرات المناخية في سورية أن الحرارة تغيرت بمقدار(+0.5) درجة مئوية، والهطل المطري بمقدار(-10 ملم).

ووفقاً للدكتور كلخه فإن السبب الحقيقي للتغيرات المناخية يكمن في استهلاك طبقة الأوزون بسبب الصناعات الثقيلة، والتجارب النووية في المحيطات المتجمد الشمالي والجنوبي والجزر المنعزلة، مما ساهم في رفع درجات حرارة الأرض وبدأ ذوبان الثلوج والجليد في القطبين بشكل متسارع، هذا كله خفف حالة التبريد الطبيعي للأرض بشكل كبير حيث تعمل الأقطاب المتجمدة كحالة مكيف طبيعي للأرض على امتداد الجغرافيا الكونية، وهذا المكيف في عملية تعطل وتراجع مستمرة، مما يسبب في حالات الارتفاع الحراري وزيادة شدة التبخير للمياه العذبة ونقص الموارد المائية السطحية بشكل عام، ومن وجهة نظر الباحث فإن الأمر الأخطر هو الهروب العالمي من الاعتراف بهذا الأمر الذي ما يزال ضيقاً.

وتابع كلخة إن اجتماع مؤتمر المناخ العالمي هدفه الحد من النشاطات التوسعية للتجارب النووية الكفيلة بتدمير كوكب الارض100 مرة، كما أن التسخين المستمر يسهم في عمليات التذويب الجليدي لاكتشاف ماذا يخبئ الجليد تحته بغض النظر عن استقرار النظام البيئي للأرض، وللأسف هناك سابق محموم بين الدول الكبرى لاكتشاف تلك البؤر التي يجري تدميرها بالصواريخ!.